الجزائر ـ كونا
انطلقت فعاليات (سوق يناير) في مدينة وهران الجزائرية الأثنين بمشاركة نحو 90 عارضا من 22 ولاية بمناسبة الاحتفال برأس السنة الأمازيغية الجديدة 2964 التي يتوافق مع 13 يناير من كل عام . ويقدم العارضون في هذه التظاهرة التي تنظمها وزارة الثقافة الجزائرية بالتنسيق مع المحافظة السامية للأمازيغية بهذه المناسبة خلال ثلاثة أيام منتجات حرفية لا تزال تشهد إقبالا كبيرا من قبل المستهلك المحلي والأجنبي بالنظر الى قيمتها التاريخية والتراثية والثقافية والفنية . ويتيح (سوق يناير) للزوار فرصة الإطلاع على أعمال تعكس خصوصية كل منطقة على غرار المستلزمات والأدوات الطينية والفخارية والخزفية لتخزين المؤونة أو ما يسمى باللهجة الشعبية الجزائرية ب(العولة) أو تلك التي تستعمل في تحضير الأطباق الشهية بمناسبة الاحتفال بمناسبة يناير. كما تضم أجنحة المعرض تشكيلات متنوعة من المنتجات المصنوعة من مادة الحلفاء على غرار أحذية (الفرتالة) و(العفاس) التي كانت تستخدم بكثرة بمنطقة بوسعادة بولاية المسيلة جنوبي الجزائر فضلا عن نماذج رائعة من الألبسة التقليدية والحلي الفضية وأنواع من زيت الزيتون من تيزي وزو وبجاية . كما يعرض المشاركون أيضا مجموعات من الكتب لأشهر المؤلفين الجزائريين الذين أبرزوا الثقافة والتراث الامازيغي ولوحات فنية تعكس المعالم الأثرية التي تزخر بها الجزائر . ويتضمن برنامج الاحتفال بالسوق هذه السنة عدة أنشطة تشمل عرض فيلم وثائقي وتقديم محاضرة حول الحدث وعرض مسرحية من نوع (ون مان شو) بعنوان زلاميط وحفل فني خاص بالأطفال وتنظيم حفل تناول طبق الكسكسي وقراءات شعرية وزيارت سياحية لفائدة العارضين . وأكد رئيس الجمعية الثقافية (نيوميديا)" بوهران سعيد زعموش في للصحافيين أن الجمعية تعتزم تنظيم تظاهرة كبيرة تشارك فيها 48 ولاية فضلا أنها تعمل على تنظيم تظاهرة مغاربية خلال السنوات القادمة بمناسبة إحياء السنة الأمازيغية أو ما يعرف باسم (الناير) يناير وذلك بدعم من الحكومة الجزائرية . وتحتفل العائلات الجزائرية بعيد (الناير) الذي يصادف ال13 يناير باعتباره اليوم الأول من السنة الأمازيغية التي تسمى عند الأمازيغ ب(ثابورث أوسقاس)أو (أمنزو يناير) . وفي هذا الشأن قال المختص في التاريخ بجامعة تيزي وزو بوبكر آيت قاسي أن السنة الأمازيغية تعتمد على التغيرات بين الفصول الأربعة ومراحل نمو النباتات المحددة للمواسم والأشغال الزراعية المنتظمة وفقا لمواقع الكواكب كالقمر والشمس . وأضاف آيت قاسي في تصريح لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) أن أمازيغ الجزائر الذين يسكنون عدة مناطق موزعة على الشمال والجنوب بدؤوا يعدون للسنة الأمازيغية منذ 950 قبل الميلاد . ومن الجانب التاريخي ذكر آيت قاسي أن بداية السنة الأمازيغية تزامنت مع انتصار الملك البربري أو الامازيغي شاشناق على الملك رمسيس الثالث من أسرة الفراعنة بمصر ذلك في سنة 950 قبل الميلاد في معركة دارت في بمنطقة (بني سنوس) بالقرب من ولاية تلمسان 486 كيلومترا غربي العاصمة الجزائرية. وأكد على أن هذا الحدث المتميز في التاريخ والثقافة الأمازيغية أصبح يحتفل به حاليا بصفة رسمية وذلك سنويا في كل منطقة معينة من البلاد . من جانب آخر لفتت المختصة في علم الاجتماع الثقافي بجامعة باتنة شرقي العاصمة الجزائرية الدكتورة سعاد بن حجر أن هناك أساطير تلازمت مع الاحتفال بالسنة الأمازيغية من بينها أن شهر يناير كان قد طلب من شهر فبراير أو ما يعرف بالأمازيغية باسم فورار أن يعيره يوما لمعاقبة العجوز التي تهكمت عليه فكان أن حلت ذلك اليوم عاصفة شديدة اختنقت العجوز على إثرها فأصبح ذلك اليوم في الذاكرة الجماعية عند الأمازيغ رمزا للعقاب الذي قد يحل على كل من تسول له نفسه الاستخفاف من الطبيعة. وأوضحت الأستاذة بن حجر في تصريح مماثل ل( كونا) أن بعض العائلات الجزائرية تنتهز الفرصة لتحتفل فيها بزواج أبنائها كرمز للخصوبة . وكشفت بأن شهر يناير يمثل بداية التاريخ الفلاحي وهي الفترة الفاصلة ما بين نمطين شمسيين وهما الانقلاب الشمسي الشتوي أو الصيفي والاعتدال الربيعي أو الخريفي الموافقة للشروع في جملة الطقوس المتعلقة بالأشغال الزراعية بمنطقة القبائل. وتتزامن السنة الأمازيغية الجديدة أيضا مع نفاد المؤونة الغذائية التي كان يحتفظ بها الفلاحون للشتاء والمسماة ب"العولة" مشيرة الى أن الأمازيغيين يرون أن يوم الناير أو 13 يناير هو بداية لتجديد القوى الروحية لديهم من خلال ممارسة بعض الطقوس لابعاد شبح الجوع عن أنفسهم وجذب أسباب الخير والسعادة ووفرة المحاصيل .