نزيه كبارة يوقع كتابه

وقع رئيس المجلس الثقافي للبنان الشمالي الدكتور نزيه كبارة كتاب "شخصيات من طرابلس في القرن العشرين"، الذي أعده في إطار التعاون الثقافي المشترك بين المجلس و"مؤسسة الصفدي"، بعد كتابهما المشترك "طرابلس في الذاكرة"، وذلك بهدف تظهير دور شخصيات هذه المدينة العريقة، في الميادين الاجتماعية والثقافية والسياسية والحياتية والتي ساهمت بشكل كبير في نهضتها وازدهار الوطن.
وقد تم توزيع نسخ الكتاب على الحضور الذي احتشد في قاعة الشمال في مركز الصفدي الثقافي، والذي تقدمه إضافة إلى كبارة، وممثلة "مؤسسة الصفدي" سميرة بغدادي، فادي الشامي ممثلا وزير العدل اللواء أشرف ريفي، المفتي السابق الشيخ طه صابونجي، رئيسة جمعية مكارم الأخلاق في الميناء الشيخ ناصر الصالح، القاضيان طارق زيادة ونبيل صاري، السفير محمد عيسى، رئيس جمعية العزم والسعادة الاجتماعية الدكتور عبد الإله ميقاتي، نقباء سابقون وفعاليات بلدية وثقافية واقتصادية واجتماعية وتربوية وإعلامية، إضافة إلى أعضاء المجلس وأهالي وأقرباء الشخصيات التي تناولها الكتاب.
النشيد الوطني، ثم كلمة "مؤسسة الصفدي" التي ألقتها بغدادي، فرحبت بالحضور في "مركز الصفدي الثقافي" مؤكدة أن "لقاء الأحبة لن ينقطع في هذا الصرح أبدا"، وقالت: "من لا ماضي له، لا حاضر له ولا مستقبل"، مقولة تتردد على أسماعنا منذ عقود، ويستعين بها كل من رغب في التعبير عن أهمية الحفاظ على ما تركه لنا العظماء والمبدعون من مفكرين وسياسيين وعاملين في الحقول الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، من إرث حضاري كبير، وإنجازات أضاءت الطريق أمام المجتمعات في كافة الميادين".
أضافت: "من هنا نرى أهمية قصوى في ضرورة تسليط الضوء على ماضي الأجداد من خلال توثيقه والبناء عليه لكي تتعرف الأجيال الطالعة على تراثها وحضارتها وثقافتها وحقوقها وإنجازات أبنائها. وقد جاء كتاب "شخصيات من طرابلس في القرن العشرين"، ليتابع مسيرة أطلقناها في مؤسسة الصفدي بالشراكة مع "المجلس الثقافي للبنان الشمالي"، بعد الكتاب الأول "طرابلس في الذاكرة"، لنركز في هذا الكتاب على شخصيات من طرابلس، برزت في الميادين والحقول كافة، وحققت إنجازات للمجتمعات التي عايشتها، تاركة بصمات ساهمت في رفع شأن هذه المدينة العريقة، أصالة وانفتاح، وكان لها الفضل الكبير في الحفاظ على كيان الوطن".
وختمت موجهة الشكر للجهود الكبيرة للدكتور كبارة، الذي عمل بكل شفافية على تظهير هذه الشخصيات بما يليق بها وبإنجازاتها، وكلنا أمل بأن يشكل هذا الكتاب مرجعا نافعا للباحثين والأجيال الشابة، تدعوهم للتمعن في التحليل وأخذ العبر. ونحن في مؤسسة الصفدي من خلال تبنينا ونشرنا للكتاب، نعتبر أنفسنا معنيين بأن تبقى طرابلس مدينة التواصل الإجتماعي والحوار الإنساني الراقي والعيش المشترك، وملزمين بتظهير صورتها الحقيقية، مدينة العلم والعلماء. ومهما اختلفت آراؤنا، فنحن معنيون جميعا بحماية الحق في الاختلاف. نحن معنيون بأن تبقى طرابلس مدينة لحوار الثقافات".
وقبل أن يوقع للحضور، ألقى الدكتور نزيه كبارة كلمة المجلس فقال: "كما وعدناكم، ها نحن نفي بالوعد ونقدم لكم كتابا حوى نبذا عن حياة أكثر من 270 شخصية طرابلسية عاشت في القرن العشرين، وتركت بصماتها في جوانب حياتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية والتربوية والنقابية والدينية والفنية".
وعن الهدف من كتابة سير هذه الشخصيات وإصدارها في كتاب مع صور أصحابها، قال: "في الظروف الخطيرة التي مرت بها طرابلس وهددت حاضرها ومستقبلها، أردنا التأكيد على أن طرابلس مدينة أصيلة حضارية، مدينة إخاء ومحبة وعيش مشترك، مدينة يطيب فيها العيش، ومدينة اطلقت شخصيات كان لها دورها ونشاطها المميز في مجتمعها وتطويره والارتقاء به. ولنؤكد أيضا أن طرابلس مدينة وطنية لبنانية عريقة، قدمت القرابين على مذبح الاستقلال، ولم تتخل عن الدولة بل ظلت ولا تزال متشبثة بها حتى عندما انهارت الدولة في الحرب الأهلية، مدينة عصية على القهر والاستتباع، مسالمة متدينة بلا تعصب، لم تعرف الانغلاق والتقوقع يوما، وليست بالتأكيد كما يصورها بعض وسائل الإعلام، وترفض أن تكون بؤرة للإرهاب والتشدد، كما ترفض أن تتحول صندوق بريد لتلقي الرسائل الملغومة وكأنها مدينة سائبة ليس فيها رجال يحمونها ويدفعون الأذى عنها.
وإذ اعترف بأنها كانت مخطوفة ومستباحة في هذا الزمن، نتيجة إهمال الدولة المزمن لطرابلس، وتقصير الحكومات الذي لا تفسير له في رعاية مصالحها وإنمائها، وتهاون ممثليها في البرلمان عن المطالبة بحقوقها، وغياب مجتمعها المدني عن الفعل والتأثير، إلا أن أهلها الطيبين أدانوا ورفضوا استباحة مدينتهم".
وقال: "آن الأوان لتتخلص طرابلس مما هي فيه، ولتعود إلى سابق عهدها، ولا نظن أن الدولة إذا حزمت أمرها، عاجزة عن تحقيق هذا الإنقاذ، بتطبيق خطة إنمائية تحتاج إليها المدينة وإياها تنتظر، خاصة بعد حزمها امرها وفرض هيبة الدولة وهيبة القانون في طرابلس من خلال الخطة الأمنية".
وأعلن عن كتاب بعنوان "طرابلس في القرن العشرين"، سيوزع قريبا وقد تبنته جامعة المنار في طرابلس، متحدثا بإسهاب عن "معاناة من يريد أن يؤرخ لحياة مدينة كطرابلس وشخصياتها، بسبب ندرة المراجع وصعوبة الحصول على المعلومات الموثقة، إلا أن حبنا لمدينتنا وطموحنا بأن نراها عروس المدائن، دفعنا إلى خوض غمار هذه المشقة. ونحن على ثقة بأن طرابلس الفيحاء ستعود إلى أصالتها وعروبتها وستبقى فيها شوارع ومدارس تحمل أسماء لها دلالاتها ورمزيتها. وسيبقى العيش المشترك عنوان هذه المدينة وجوهرها. فمن خطفوها كانوا غرباء عن روحها وخارجين عن قيمها".
وختم موجها الشكر إلى "مؤسسة الصفدي" بشخص مديرها العام رياض علم الدين الذي يشي تعاونه الصادق والمثمر والبناء بما يختلج به فؤاده من محبة عميقة لمدينته ورغبة شديدة في إبراز وجهها الحضاري وعودة تألقه.