تونس - أسماء خليفة
ومؤسسة الرئاسة"، فيما امتدّ الجدل إلى داخل قطاع الإعلام لتعلن نقيبة الصحافيين التونسيين نجيبة الحمروني موقفها الشخصي الرافض لمثل هذا النقد، بطريقة اعتبرتها مسًّا من أخلاقيات المهنيّة.
ويُعرَف برنامج بن غربيّة بجديّته المفرطة سواء على مستوى حضور الضيوف أو على مستوى المواضيع المطروحة وهي المرّة الأولى، في مناسبة الذكرى الثالثة للثورة، التي يتم فيها توجيه الدعوة لفنّان مسرحي للنزول كضيف على هذا البرنامج، باعتبار لطفي العبدلّي كان من ضمن الفنّانين الداعين لرحيل الرئيس الأسبق بن علي، وذلك لتقديم شهادته وموقفه من حصيلة الثورة التونسية ما بعد ثلاث سنوات.
وانتقد لطفي العبدلّي هذه الحصيلة على طريقته، وتوجّه بانتقادات لاذعة تنبع سخرية للمنصف المرزوقي ولحزبه حزب "المؤتمر من أجل الجمهوريّة"، كما انتقد بسخرية شديدة الاتهامات المتواصلة للإعلام بعرقلة عمل الحكومة و"إفساده" للثورة، وهو ما جعل المقدم في قناة "المتوسط" المحسوبة على حركة "النهضة" الإعلامي مقداد الماجري يبادر بالانسحاب من البرنامج، وتبعه القيادي في حزب "المؤتمر" طارق الكحلاوي.
هذا الانسحاب تبعه جدل واسع، فهناك من انتقد الفنان المسرحي وطريقته التهكمية في انتقاد مؤسسة الرئاسة، وهناك من انتقد الماجري والكحلاوي رفضًا لضيق تقبلهما لهذه الانتقادات من فنان مسرحي يقدّم نقده على طريقته.
وامتدّ الجدل إلى داخل قطاع الإعلام لتعلن نقيبة الصحافيين التونسيين نجيبة الحمروني موقفها الشخصي الرافض لمثل هذا النقد، بطريقة اعتبرتها مسًّا من أخلاقيات المهنيّة.
وجاء رد بن غربيّة قويًّا برفضه نقد النقيبة "لأنّه وقع في موقف مهني لم يقترف فيه أي خطأ أو مس من أخلاقيات المهنة"، على حد قوله.
وأفرزت المواجهة بين الموقفين جدلاً واسعًا بين اللإعلاميين في تونس بشأن مسؤولية حرية التعبير، ومدى التقيّد بأخلاقيات المهنيّة في منتوج إعلامي نهض ما بعد الثورة من تحت رماد القمع وتكميم الأفواه.
وعن هذا الجدل كتب رئيس تحرير جريدة "المغرب" اليومية التونسية زياد كريشان ليؤكّد أن ما حدث في برنامج "التاسعة مساء" هو "خلط بين الترفيهي والسياسي" موضحًا "لا مستقبل شعبيًا للسياسي إلا عندما يختلط بالترفيهي، فيصبح مستساغًا لدى أوسع فئات الشعب".
واعتبر زياد كريشان أن "العالم المتحضّر يقيس درجة نضج تجربة ديمقراطية ما بقبولها لأعتى أنواع الكاريكاتور سخرية"، مؤكِّدًا أنه "لا حدود للسخرية في الديمقراطيات العريقة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالطبقة السياسيّة... والسخرية تخدم في حالات عدَّة السياسيين إذ تقدمهم كبشر عاديين لديهم أخطاء كثيرة، وهذا يجعل منهم شخصيات قريبة وأحيانًا محببة من الناس...".
من جهته، اعتبر الإعلاميّ والناقد السينمائي خميس الخيّاط أنّه "إن كان هناك خطأ فهو يكمن في سلوك الضيفين المنسحبين لانهما يعلمان جيدًا أن لطفي العبدلي مهرج غليظ الطباع" وكان عليهما أن لا يدخلا في نقاش معه لان كل منهما يستعمل لغة مختلفة عن الآخر، العبدلي يستعمل السخرية فيما أن الكحلاوي والماجري يريدان النقاش الموضوعي، وهما خطابان لا يلتقيان".