في عام 1949، كتب ناشر "لايف" أن هناك 21 كشكا للصحف في محطة جراند سنترال يبيع كل منها كومة كبيرة من المجلات أسبوعياً تصل إلى ارتفاع 125 قدما. وتفاخر قائلاً: "نيوزديلرز كانت تعمل جاهدة من أجل إعادة ملء تلك الأكداس بمجرد ذوبانها". اليوم منافذ جراند سنترال القليلة للصحف هي من بين الزوايا الأكثر هدوءاً في المحطة، التي تبيع من الوجبات الخفيفة بقدر ما تبيع من المجلات للمسافرين الغارقين في أجهزة أيبود، وكيندل، وهواتف أندرويد الذكية. ولم يعد بالإمكان العثور على ناشر يتفاخر بمجلة "لايف". فقد اندثرت بوصفها عنوانا أسبوعيا في عام 1972، وشهريا في عام 2000، وملحقاً في صحيفة عام 2007، ثم مشروعا له علامة تجارية على الإنترنت، مع صور غيتي، في عام 2012. ويخطط مالكها، شركة تايم، لتسريح نحو 500 عامل من مجلات الشركة التي نجت من مصير "لايف". ويواجه جميع ناشري المجلات والصحف والكتب، وشركات الموسيقى، واستوديوهات السينما، ومطوري ألعاب الفيديو الآن تغيرات مؤذية مماثلة في قنوات البيع بالتجزئة التي كانت تعتمد عليها. ففي هذا الزمان يختفي تجار التجزئة في المحطات، ومراكز التسوق، والشوارع الراقية في الأسواق المتقدمة، وفي وسائل الإعلام والترفيه. وهذا الأسبوع قالت "بارنز آند نوبل"، سلسلة متاجر الكتب الأمريكية، إنها قد تغلق 30 في المائة من متاجرها خلال العقد المقبل. وسقطت إدارة "إتش إم في"، متاجر التجزئة للموسيقى في المملكة المتحدة، في متاعب مالية استلزمت إخضاعها لإجراءات قانونية هذا الشهر، وستظهر مع عدد أقل من المنافذ حتى لو تم إنقاذها. وتعكف "دش نيتورك" على إغلاق 300 متجر "بلوكبسترفيديو" الأمريكية لتأجير أفلام الفيديو، كما تواجه ذراع العلامة التجارية الأمريكية في المملكة المتحدة متاعب مالية اقتضت إخضاعها هي الأخرى إلى إجراءات قانونية. وتقليص متاجر التجزئة هذه سيلحق أضرارا بالشركات الإعلامية التي تزودها بالمواد، التي تبدو واقعة في دائرة مفرغة، حيث يسهم تراجع مبيعات منتجات الشركات في حالات الإغلاق، ما يجعل من الصعب أكثر من أي وقت مضى الحصول على تلك المنتجات. ومن الصعب اعتبار ما يحدث الآن يمثل صدمة لأي شركة إعلامية؛ لأن التعرض إلى مزيد من المعاناة كان حتميا، وإن كانت وتيرة الألم أسرع مما كان يأمل فيه كثيرون. ولطالما ظلت اضطرابات قطاع التجزئة شائعة منذ أن أفسحت متاجر الفينيل وبائعو الكتب المستقلون الطريق أمام "توّر ريكوردز آند بوردرز" Tower Records and Borders، التي استبدلت بها بضعة أرفف في وول مارت أو تيسكو. إنها فقط 17 عاماً منذ باع جيف بيزوس أول كتاب على موقع أمازون Amazon.com.