تتكئ الحاجة فريدة دقة من سكان مدينة باقة الغريبة المحتلة عام 1948 على أريكتها تتألّم بحرقة لسبب يعلمه الشعب الفلسطيني بأسره وتجهله وحدها، تعاني نتيجة لمرض "الزهايمر" الذي أصابها منذ نحو خمسة سنوات، فأنساها مشاهد ألم وجراح منذ 28 عامًا منذ اعتقل ابنها وليد عام 1986. وتُلقّب الحاجة فريدة (وهي والدة الأسير وليد دقة) بأمّ الأسرى، حيث كانت تبنت خلال مسيرة حياتها عشرات الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي، من ضمنهم سمير القنطار اللبناني، وكايد بندر، الذين كانت ترعاهم بالمال والطعام. وأسر وليد دقة عام 1986، ويعد من عمداء الأسرى الفلسطينيين. ومع اقتراب الموعد المفترض للإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين والتي تتضمن أسرى الأراضي المحتلة عام 1948، تزايد الحديث عن الإفراج عن 14 من قياديات أسرى ال48، والذين رفض الاحتلال الإفراج عنهم في أي صفقة تبادل. ومرّت السنين على الحاجة دقة، وهي قيادية نسائية تحشد لقضية الأسرى وتترأس مهرجانات التضامن معهم، وتلتقي بقيادات الشعب الفلسطيني سعيًا لإسماع صوتهم، قبل أن تصاب بداء كان كفيلا بأن ينسيها كُل ما فات، حتى وليد الذي لم تنم ليلة فيما مضى إلا ورفعت يديها إلى الله تضرعًا بفك أسره. وفي هذا الشريط المُصوّر تظهر الحاجة فريدة، أمام صورة مُكبّرة لابنها الأسير، لتعود بالذاكرة بعيدًا، وتمر بمنعطفات الذاكرة التي تبدو جلية أمام الشاشة، في حالة إنسانية مثيرة تنقل للعالم معاناة ذوي الأسرى الفلسطينيين، الذين أجهدهم المرض وأعياهم الم الحنين. "سنغني، كثيرًا له، ونفرح" تقول "أم الأسرى" وهي تحرك يديها مصفقة، في حركة كانت اعتادت ممارستها كلما سمعت نبأ بقرب الإفراج عن ابنها، وبينما يتهيأ الشعب كله لاستقبال الأسرى الذين لطالما انتظرت أم وليد رؤيتهم، تتكئ هي على أريكتها بهدوء، وتقول " اشعر بالحزن منذ زمن، ولا أعرف السبب".