الأزمة العار

الأزمة العار

الأزمة العار

 تونس اليوم -

الأزمة العار

مأمون فندي

ونحن نتحدث عن قبول أو رفض المعارضة السورية للمشاركة في محادثات جنيف برعاية الأمم المتحدة٬ لا بد أن يتذكر الجميع (حكما ومعارضة ومجتمعا دوليا) أن سوريا كما نراها اليوم هي أكبر مأساة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية٬ هكذا تقول كل الإحصائيات٬ وعلى رأسها إحصاءات الأمم المتحدة من خلال لجانها المتخصصة في شؤون اللاجئين.

فمن تعداد سكان سوريا البالغ 22 مليون نسمة43 ٬ في المائة من السكان إما خرجوا كلاجئين خارج سوريا٬ أو هجروا من بيوتهم داخل سوريا إلى أماكن أقل خطرا وليس أكثر أمنا٬ مما يعرض أجيالا من الأطفال لمخاطر العنف والحرب ولا ندري أي سوريا ستكون هناك٬ عندما يتوقف العنف أو أي إنسان سوري جديد سيتشكل نتيجة تلك الحرب. القصة ليست ما هي المدن التي يحاصرها النظام٬ أو ما هي تلك المدن التي تحاصرها المعارضة أو تقع تحت قبضة المتطرفين فيذلون أهلها.

وما قصة الإيزيديين إلا واحدة من قصص العار٬ التي ستلاحقنا كعرب إلى زمن سيأتي.

ما نراه في سوريا هو امتهان كامل لكرامة البشر٬ ولا بد للعالم أن يقرر ماذا يريد أن يفعل تجاه هذا العار٬ وماذا نحن فاعلون كعرب. ما يحدث في سوريا يقع في المسافة ما بين نازية هتلر ومحرقته٬ والقبور الجماعية في سربرينيتسا بعد تفسخ يوغوسلافيا٬ أو ما حدث في رواندا من بشاعة. إنها الحرب كما قال أمل دنقل٬ ولكن يبقى خلفك عار العرب٬ والعار اليوم هو عار أمة لطالما تشدقت بالأخلاق٬ وسقطت في أول امتحان.

المعارضة بدأت برفضها للذهاب إلى جنيف٬ وطالبت النظام بوقف إطلاق النار وفك الحصار عن المدن المنكوبة٬ وهي مطالب مشروعة٬ ووقف إطلاق النار هومطلب المجتمع الدولي ذاته وهو بداية الحل في أي أزمة.

النظام يماطل من منطلق تحقيق مكاسب ميدانية على الأرض تعزز من موقفه على طاولة المفاوضات٬ وفي الحالتين سواء موقف المعارضة أو موقف النظام يتحول الإنسان في سوريا إما إلى وقود حرب٬ أو أن يقتله٬ يحّسن من الموقف التفاوضي لطرف ضد الآخر وهذا ما أعنيه بالعار.

عندما نقارن أزمة سوريا منذ بدايتها وبعد مرور خمس سنوات تقريبا من اندلاعها٬ بحالة البوسنة على سبيل المثال٬ نجد أن الأوروبيين٬ وعلى عكس العرب٬ تحملوامسؤولية البوسنة٬ وقرروا جميعا أنه لا مجال لحرب أهلية مستمرة في وسط أوروبا٬ ولا مجال لوجود دولة فاشلة في قلب أوروبا تستقطب مجانين العالم٬ ولا مجال

لأنصاف الحلول٬ فكان الضرب العسكري من ناحية ومؤتمر ديتون من ناحية أخرى.هذا الإحساس بالمسؤولية والجدية في التعامل مع مشكلة البوسنة والهرسك٬ هو الذي أوصلنا إلى الاستقرار الذي نراه اليوم في يوغوسلافيا القديمة: في البوسنة والهرسك٬ في صربيا٬ وفي كرواتيا. الأوروبيون تحملوا المسؤولية لأنهم لا يريدون وصمة عار ثانية في تاريخهم بعد محرقة اليهود٬ ولا يريدون أن يقال اليوم إنهم أحرقوا المسلمين اليوم٬ كما أحرقوا يهود الأمس.

الدول العربية رغم أنها ليست موجودة على طاولة المفاوضات بالمعنى الحقيقي٬ هي دول تلعب على المتناقضات وليس على إجبار الأطراف للتوصل إلى حل. 

فها هي مصر مثلا بكل عراقة دبلوماسيتها لم تطرح ولو تصورا هيكليا للحل٬ أي بمعنى إسهام فكري لحل الأزمة٬ فقد تبنت مصر دبلوماسية الصمت الخلاق الذي يفسره الجميع على هواه٬ فيقول البعض إنها مع النظام٬ ويقول البعض الآخر إنها مع الثورة٬ رغم أنها لا هذا ولا ذاك٬ لأن مصر مشغولة بحالها الداخلي. وهو أمر شديد الخطورة في حّد ذاته.العرب ينتظرون حل الأزمة السورية من قبل أطراف غير عربية.

إما روسيا التي تمتلك القوة الأكبر على الأرض السورية٬ أو من المجتمع الدولي الذي لم يقتنع إلا بعد وصول النازحين إلى أوروبا٬ وتأثير ذلك على الاتحاد الأوروبي بأن الأزمة السورية هي عار على المجتمع الدولي.

أما الأمم المتحدة فهي كعادتها تطلق المؤتمرات وتعين لها مبعوثين يماطلون في التفاوض٬ وذلك لأن الأمم المتحدة هي ملجأ أيتام للمتقاعدين من الدبلوماسيين

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأزمة العار الأزمة العار



GMT 08:25 2021 الثلاثاء ,28 أيلول / سبتمبر

جمعية أدهانوم

GMT 13:07 2020 السبت ,26 كانون الأول / ديسمبر

المبعوث الثامن الذي يجب ألا تنتظره طرابلس!

GMT 11:06 2020 الخميس ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تحتاج إلى أسلحة متطورة... فمن يبيع؟

GMT 14:09 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

تباً للكفاح السلمي... تباً للهند

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 06:31 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

تنعم بأجواء ايجابية خلال الشهر

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 15:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 09:20 2016 الثلاثاء ,22 آذار/ مارس

فوائد صحية وجمالية لعشبة النيم

GMT 18:17 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

إنجي علي تؤكّد أن مصر تتميز بموقع فني عالمي رفيع

GMT 13:10 2013 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الــ " IUCN"تدرج "الصلنج" على القائمة الحمراء

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia