طارق الحميد
وصفت صحيفة «الحياة» زيارة رئيس الوزراء العراقي الأولى خارجيا إلى إيران بعنوان لافت وهو: «عباءة خامنئي تظلل العبادي». والحقيقة أن زيارة حيدر العبادي إلى إيران كانت ستكون طبيعية لو أنه أعلن عن زيارات أخرى لدول عربية في حينه، وليس بعد أن قام بزيارة إيران، لكن القصة ليست هنا.
رئيس الوزراء العراقي يصر على أن بلاده ليست بحاجة لإرسال قوات عربية أو أميركية لمواجهة «داعش» بقدر ما إنها بحاجة إلى تدريب وأسلحة، وهذا كلام معقول، لكن ما الذي يفعله الجنرال الإيراني قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، في العراق، خصوصا وصوره منتشرة إلى جانب عراقيين يقاتلون «داعش» بمعركة «آمرلي» التي خاضتها قوات الحشد الشعبي بقيادة رئيس منظمة بدر هادي العامري؟ لماذا يرحب بسليماني في عراق العبادي، ويرفض العرب والغرب؟ وليس المراد القول هنا إن النظام العراقي لا يزال خاضعا للمنطق الطائفي الضيق، فهذا أمر مفروغ منه، وإنما المراد قوله هو أن قادة العراق الجدد غير راغبين، أو قادرين، على النهوض بالعراق، وحماية استقلاله، والتمسك بنفوذه العربي الطبيعي، وليس نطاقه الطائفي.
الحقيقة ألا أحد أصلا يريد إرسال قواته للعراق لأن الجميع مقتنع أن النظام هناك بحاجة ماسة للإصلاح، لكن الطبيعي هو أن يسعى القادة العراقيون إلى طلب الدعم والمعونة لمواجهة «داعش» من العرب والغرب، وتحت مظلة دولية بدلا من أن ينطوي العراق تحت «عباء خامنئي»، فالدول المحترمة، والمستقلة، مكانها الطبيعي هو تحت المظلة الدولية، وليس «الفزعة» الطائفية، كحال العراق، ومنذ سقوط صدام حسين، الذي يحسب له أنه كان عدوا لإيران وجيرانه العرب، وهذا غباء سياسي لا شك، لكنه يظهر أن الرجل لم يكن طائفيا، ولذا فإن يقبل النظام السياسي العراقي الحالي الانحصار في شق طائفي ليكون تحت الوصاية الإيرانية مثل بشار الأسد فهذا أمر مذهل، خصوصا أن تاريخ العراق أكبر من أن يكون في «عباءة خامنئي»!
ما يجب أن يتذكره الساسة العراقيون الجدد، وخصوصا عندما يقول المرشد الإيراني علي خامنئي إنه يتعهد بدعم حكومة حيدر العبادي كما دعم حكومة سلفه نوري المالكي، هو أن من أسقط سلفه ودعم المطالب العراقية المشروعة بإسقاطه كان الموقف الدولي والعربي الذي جاء داعما للمواقف الشعبية العراقية الرافضة للمالكي وقت كانت إيران تؤيده، وتسانده، ولم تتخل عنه إلا بعد الضغوط الدولية والعربية، في حينها، والتي سارعت لمباركة ترشيح العبادي وسط تلكؤ نظام المرشد الإيراني الذي يتعهد للعبادي الآن بالدعم الكامل، ووضعه تحت عباءته!
وعليه فإن أهل العراق أدرى بمصالحهم، لكن ما يجب أن يقال هو أن مكان الدول المحترمة الطبيعي هو المجتمع الدولي، وليس المظلة الطائفية، فذلك مكان الأحزاب، والميليشيات، مثل حزب الله، ومجرم دمشق الأسد، أما العراق فهو أكبر من ذلك كثيرا بسنته وشيعته، وكل مكوناته الأخرى.