بقلم : منى بوسمرة
وحدها دون كل حكومات العالم تتفرد حكومة الإمارات بأمرين، أولهما الاجتماعات السنوية التي تعلن بدء موسم حكومي من المبادرات واستشراف المستقبل ووضع الخططـ، وثانيهما أن كل هذه الخطط يتم جدولتها زمنياً، ويتم تحقيقها فعلياً حتى وصلنا مرحلة التخطيط لمئوية الإمارات عام 2071.
أمس، انطلق الاجتماع السنوي لحكومة دولة الإمارات، برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.
ليثبت أن دولة الإمارات تأبى أن تترك مستقبلها للظروف، بل هي التي تبادر باعتبار أن التخطيط هو الركن الأهم في العملية التنموية من أجل الإمارات وشعبها، وليس أدل على ذلك من اجتماع ثلاثين فريق عمل من الحكومة الاتحادية والمحلية في مختلف القطاعات في لقاء وطني يعد الأكبر من نوعه، لبحث القضايا الوطنية وإطلاق الاستراتيجيات التي تعزز النموذج التنموي للدولة.
سمعنا تعبيراً رائعاً قاله صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، وهذا التعبير بقدر كونه يخاطب الوجدان والمشاعر إلا أنه يتحول في دولتنا إلى خطة عمل نرى نتائجها في كل شؤون حياتنا، إذ يؤكد سموه «زايد صنع لنا دولة وأودع عندنا أمانة، وترك لنا وصية بأن يستمر العمل حتى نكون أفضل دولة في العالم».
وفي كلام سموه تأكيد على فضل الشيخ زايد رحمه الله في انطلاقة دولة الإمارات بهذه المعايير العالمية والراقية، مما يجعلنا جميعاً أمام التحدي الأكبر، أن تبقى دولتنا في الصدارة بين الأمم، وهذا غير ممكن إلا بمواصلة استشراف المستقبل وابتكار المبادرات، والتخطيط للسنين المقبلة دون تعب أو تراجع.
هذا يتطابق مع ما قاله بالأمس صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، إذ أكد أن «آباءنا وأجدادنا هم قدوتنا في مواجهة التحديات وبناء الوطن، وأجيالنا القادمة لن تغفر لنا إذا لم نترك لهم الإمارات في طليعة دول العالم وهذه هي أمانة زايد وهي في أعناقنا».
لقد قدمت الإمارات مثلاً عظيماً، ويكفي أننا شهدنا أمس إطلاق 120 مبادرة وطنية في أكثر من 30 قطاعاً مشتركاً بين المستويين الاتحادي والمحلي، حيث سيتم إعلان نتائج التنفيذ العام المقبل، وهذا يعني وجود جدول زمني محدد وواضح، ولن تقبل قيادتنا غير تنفيذ هذه المبادرات، فهذا هو عهدها، عهد الإصرار على التفوق وحض كل القطاعات على أن تنفذ الخطط والمبادرات، وإننا في العام المقبل سنكون أمام إنجاز عظيم، وأمام سلسلة مبادرات جديدة، وهذا كله يقودنا إلى كلمة السر في الإمارات، وهي التخطيط والإصرار على الإنجاز.
إن الأمانة التي وضعها المغفور له الشيخ زايد رحمه الله ليست أمانة عادية، هي أمانة صون الإمارات وتعظيم شأنها، وجعل الإنسان فيها الهدف الأول لكل السياسات وتخصيص كل الموارد من أجل النهضة، ولعل فرادة هذه الرؤية العظيمة تتجلى بقدرة دولتنا على أن تبحر متفوقة مقدمة نموذجاً مختلفاً، فلم تتذرع بمصاعب ولا بظروف، ولم تقبل لكل تيارات اليأس ومحاربة الحياة أن تقترب من نموذجها.
ولا شك أبداً في أن قيادتنا لديها قدرة فريدة على صون هذه الأمانة، وجعل كل يوم يشرق على الإمارات يوماً مميزاً ومختلفاً، بشهادة كل واحد فينا يرى بنفسه موقعنا في هذا العالم، وهو موقع يحسدنا عليه كثيرون بعد أن ثبت للجميع أن الذهاب إلى القمة بحاجة إلى إرادة وعقول تدرك أن النهضة ليست مجرد شعار، بل برنامج عمل.