السلفيون والحياة السياسية

السلفيون والحياة السياسية

السلفيون والحياة السياسية

 تونس اليوم -

السلفيون والحياة السياسية

مصطفى الفقي

الأصل فى الإسلام الحنيف هو الاقتداء بالسلف الصالح، ومن هذا المنطلق فإننا جميعاً سلفيون فى فهم العقيدة النقية والأخذ بأيسر الحلول بين التفاسير الفقهية، ولكن الذى حدث هو أن كلمة «سلفى» اكتسبت دلالات جديدة كما اصطبغت بروح التشدد وبعملية بحث انتقائى عن أحاديث نبوية غير مؤكدة ومأثورات دينية مهجورة، ذلك أن السلفيين فى بلادنا هم امتداد للجمعيات «الشرعية» وجمعيات «أنصار السنة» وغيرهما من التجمعات الدينية التى لم تكن معنية بالحياة السياسية من قبل إلى أن قامت ثورة 25 يناير 2011 فإذا الحضور السلفى يبدو قوياً، وإذا دور السلفيين فى الحياة السياسية يتعاظم حتى تقدموا بمرشحٍ لرئاسة الدولة! ودخلوا فى تحالف صامت مع جماعة «الإخوان المسلمين» كانوا فيه بمثابة «العضلات» بينما قيادات الجماعة هى «العقل المفكر» ولأن أعداد السلفيين ضخمة فهم لا يمثلون تنظيماً سياسياً شاملاً ولكنهم يمثلون حالة من التدين الخاص حتى اختلطت الصورة لدى جمهرة الناس بين السلفى والإخوانى والمتدين، وأصبح الناس يطلقون تسمية عامة عليهم جميعاً هى «أصحاب اللحى» أو «الذقون»، ولنا هنا عدد من الملاحظات:

أولاً: إذا كان «الإخوان المسلمون» امتداداً لتركيبة تاريخية يمثل فيها الدين عشرين بالمائة بينما تحتل السياسة الثمانين بالمائة الباقية فالأمر عكسى بالنسبة للسلفيين، إذ إن تدينهم يشغل مساحة قد تصل إلى ثمانين بالمائة بينما لا تحتل السياسة فى حياتهم أكثر من العشرين بالمائة الباقية، لذلك خرج كثير من التصريحات السلفية يعكس روحاً متشددة ونفوراً واضحاً من الآخر، فهناك من يدعو إلى فرض «الجزية» على «أهل الذمة»، وهناك من يمنع إلقاء السلام والتحية عليهم ويرفض تهنئتهم فى أعيادهم، ويرى أنه ليس من حقهم المساواة بأشقائهم المسلمين! كما أن النبش بحثاً عن استشهادات تفرق بيننا وبين غيرنا من أهل الكتاب هى عملية خبيثة أدت إلى تشويه المجتمع السلفى عموماً، وخلق نوع من أزمة الثقة فى التعامل بينهم وبين الغير مع زرع الشكوك تجاه النوايا السلفية عموماً حتى بدأ يسرى حديث عن أنهم لا يؤمنون بالمفهوم الكامل للمواطنة ويلعبون على الحبال المختلفة ويقومون بتوزيع الأدوار عند اللزوم.

ثانياً: لقد اعتمدت جماعة الإخوان المسلمين فى حشودها عبر السنوات الماضية على الكتل المتحركة من القوى السلفية، ومازلنا نتذكر يوم تقدم السيد «حازم أبوإسماعيل» بأوراق ترشحه لرئاسة الجمهورية ـ قبل الطعن عليها بجنسية والدته ـ فإن طوابير البشر قد امتدت وقتها من حى «الدقى» فى «الجيزة» إلى لجنة قبول الترشيحات فى حى «مصر الجديدة»، ولقد كان الكل يتساءل: من هم هؤلاء؟ ومن أين خرجوا؟! ولماذا لم يكن لهم وجودٌ ظاهر قبل الثورة المصرية وفى ظل حكم «مبارك» وسابقيه؟! ولقد ترددت همسات كثيرة تشير إلى التعاون الخفى بين قيادات سلفية وأخرى أمنية قبل الثورة المصرية، بل لقد ذكر البعض أن عناصر سلفية كانت تشى ببعض العناصر الإخوانية وتنقل أخبارهم فى تعاون وثيق مع جهاز أمن الدولة المصرية قبل ثورة 2011، وإذا صدقت مثل هذه الروايات فإن ذلك ينال من مصداقية بعض العناصر السلفية بشكلٍ ملحوظ، وهنا لا يجب التعميم، فهناك سلفيون أتقياء يفصلون بين الواقع السياسى وبين علاقتهم بربهم وإسلامهم.

ثالثًا: أظن ـ وليس كل الظن إثماً ـ أن غالبية السلفيين لم يكونوا من المصوتين للرئيس «السيسى» عند انتخابه ولم يذهب كثير منهم إلى لجان التصويت، كما أن معظم من ذهب قد أبطل صوته، وهذه أيضاً استنتاجات تحتاج إلى تمحيص ولا يمكن التعويل عليها بشكل مطلق، ونقول هنا إن من حق «السلفى» كمواطن أن يعطى صوته لمن يشاء مادام يقف على أرضية وطنية ويؤمن بحق الجميع فى المساواة القانونية والسياسية.

.. تلك محاولة لتصفح الملف السلفى فى «مصر»، ولكنى أؤكد هنا مرة ثانية أن من بين السلفيين نسبة لا بأس بها يقتربون من خلق الصوفية يحاكون السلف الصالح بدافع روحى أصيل وإن طرأت عليهم بعض الأفكار العنيفة تجاه أتباع «المذهب الشيعى» من المسلمين، ولعلنا نتذكر تحريضهم للرئيس الأسبق «مرسى» على «الشيعة» بشكل أدى يومها إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع «سوريا»، كما أدى إلى المذبحة البشعة ضد بعض المصريين الشيعة فى إحدى قرى محافظة «الجيزة»، لذلك فإننى أتطلع إلى أن يتحول السلفيون إلى ركيزة وطنية تدعو إلى الإسلام الصحيح وتبشر باعتداله وسماحته وتنأى بنفسها عن الحياة السياسية وسوءاتها وتكتفى بالدور الدعوى داخل المجتمع فى إطار من الحكمة والموعظة الحسنة.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السلفيون والحياة السياسية السلفيون والحياة السياسية



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia