التغيير أشخاص وأساليب

التغيير.. أشخاص وأساليب

التغيير.. أشخاص وأساليب

 تونس اليوم -

التغيير أشخاص وأساليب

مصطفى الفقي

ليس من شك فى أن تغيير الوجوة السياسية هو أحد الشروط اللازمة لتأكيد حيوية العمل العام، إذ إن تداول السلطة ودوران النخبة هما أمران ضروريان لتجديد الروح الوطنية وإشعار الشباب تحديداً بأن الفرص قادمة، وأن الطريق غير مسدود، لقد كان جزءاً من أزمتنا فى العقود السابقة أبدية الوظائف وهبوط بعض الشخصيات من أهل الحظوة قبل الخبرة على المواقع التى يستمرون فيها عشرات السنين، وهو أمر ضد الطبيعة البشرية، ويتنافى مع سُنة الحياة وطبيعة الكون، ولكن الأمر المؤكد هو أن المسألة لا تقف عند تغيير الأشخاص وتداول القيادات فى عملية إحلال وتجديد لازمة، ولكن الأمر يختلف عن ذلك ليعطينا مؤشرا آخر ربما يكون هو الأكثر أهمية فى عملية التطور، وأعنى به التغيير فى أساليب العمل وطرائق التفكير ومناهج التغيير، ذلك إذا كنا جادين فى المسعى للوصول إلى حالة إصلاح حقيقية وليس مجرد «ديكور وقتى» لا يؤدى فى النهاية إلى نتائج إيجابية يشعر بها المواطن وتعترف بها الأجيال القادمة، ولعلنا نفصّل الأمر من خلال النقاط الآتية:

أولاً: إن المعنى الحقيقى للتغيير يتصل بالعقل، فالأفكار هى «المتغير المستقل» الذى تتبعه التغييرات الأخرى، وقد يتغير الأشخاص وتتبدل الأسماء، ولكن يظل المضمون كما هو بما فيه من سلبيات بل وعلل وأمراض، فلا نتجاوز ما نحن فيه ويبقى الإصلاح وهماً نعيش به وليس حلماً يتحقق لنا، إن تاريخ البشرية محكوم بتطور الأفكار قبل أن يكون محكوماً باختلاف الشخوص وتباين البشر، والعبرة دائماً بالجوهر وليست أبداً بالمظهر.

ثانيًا: إن التحولات الكبرى فى الشعوب الناهضة تعتمد على التغيير العقلى والضمير الجمعى للناس، من هنا فإن إرادة التغيير شرط أساسى للتحولات المطلوبة والتى لن يتحقق بدونها أى تقدم، ولن يكتمل بعدها أى إنجاز، والملاحظ فى المنطقة العربية، وفى العالم المتخلف عموماً، أن إرادة التغيير إلى الأفضل تتوقف عند حدود الشعارات البراقة والتصريحات اللامعة، لكنها لا تصل إلى حد يسمح لنا بأن نتحدث عن وجود إرادة جماعية تدفعنا إلى الأمام، ولعل جوهر مسألة الإرادة هو جوهر سياسى بالدرجة الأولى، فالإرادة السياسية هى الأصل الذى تصدر عنه باقى الإرادات.

ثالثًا: إن تجارب الشعوب تؤكد بوضوح أنها لن تتمكن من الخروج من أزماتها بمجرد إعادة توزيع الأدوار وترتيب اصطفاف القيادات دون الوصول إلى أعماق المشكلات القائمة والقضايا المعلقة، فالتطور عملية جوهرية والإصلاح الحقيقى يأخذ مساراً جاداً ولا يقف عند حدود معينة، كما أن النزعات الإصلاحية الحقيقية لا تقبل التجزئة، بل تحتاج دائماً إلى نظرة شاملة من خارج إطار المشكلة حتى لا نكون أسرى للعلاج السطحى وترقيع الحلول دون الأخذ فى الاعتبار أن دراسة المشكلة بوعى هى التى تولد الأفكار الجديدة.

رابعًا: إن المشهد الحالى فى «مصر» يستدعى ضرورة التأكيد على تغيير طريقة التفكير المصرية التقليدية إلى طريقة أكثر إيجابية وتأثيراً فى المستقبل، على اعتبار أن النجاح قرار عقلى، والفشل هزيمة نفسية، كما أن الاستسلام للأوضاع الراكدة يزيدها ركوداً ويساعد على اتساع الهوة ويحرم الوطن من أغلى إمكاناته، لذلك فإن مسيرة الإصلاح التى نبغيها حالياً يجب ألا يتملكنا اليأس خلالها فى أى لحظة مهما تراكمت الصعوبات وتزايدت المشكلات، لأن نشر روح التفاؤل يعطى إحساساً مشتركاً، كما أن هناك بوارق أمل على الرغم من العثرات والكبوات، ويكفى أن نتذكر رحلات الرئيس «السيسى» منذ توليه السلطة، وكيف كانت الأبواب مفتوحة له مع استعدادٍ للاستماع إليه تقديراً لدوره الوطنى حتى وإن كان من بينهم من يختلفون معه فى بعض الأمور، فالعالم يحترم قبل أن يحب، ويقدر بعد أن يفهم، وتصل إليه الأفكار الصحيحة والإجراءات السليمة، ولا يبتلع تغيير الأشخاص لكى يكون وحده هو محور التغيير الكلى.

.. هذه نظرات عابرة لقضية مهمة نلفت النظر إليها، مدركين أنها تلقى أعلى درجات الاهتمام، كما أن لها أولوية فى سلم الاهتمامات الداخلية والخارجية، فالتغيير الحقيقى لا يكون فى الأشخاص فقط، ولكنه يتجاوز ذلك إلى السياسات الجديدة، والأساليب المختلفة، والرؤى الشاملة.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التغيير أشخاص وأساليب التغيير أشخاص وأساليب



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 06:31 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

تنعم بأجواء ايجابية خلال الشهر

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 15:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 09:20 2016 الثلاثاء ,22 آذار/ مارس

فوائد صحية وجمالية لعشبة النيم

GMT 18:17 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

إنجي علي تؤكّد أن مصر تتميز بموقع فني عالمي رفيع

GMT 13:10 2013 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الــ " IUCN"تدرج "الصلنج" على القائمة الحمراء

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia