وعادت جامعة بيروت العربية

وعادت جامعة بيروت العربية!

وعادت جامعة بيروت العربية!

 تونس اليوم -

وعادت جامعة بيروت العربية

بقلم ـ مصطفي الفقي

كنت أشعر بغصة طوال السنوات السبع الماضية لأن أحد رموز القوى الناعمة المصرية قد انسحب من المنظومة دون مبرر، فقد كنت أزور «بيروت» فى أعقاب ثورة 25 يناير مدعوا لإلقاء أكثر من محاضرة فى العاصمة اللبنانية، وعندما زرت جامعة بيروت العربية- وهى التى نشأت فى عصر الرئيس الراحل «جمال عبدالناصر» كنافذة أكاديمية عربية ومصرية فى العاصمة اللبنانية وجدت أن الجامعة وملاكها الأصليين يدخلون فى حوارٍ حادٍ مع جامعة الإسكندرية التى رعت تلك الجامعة فى بيروت لأكثر من نصف قرن وجعلت منها نافذة مضيئة للعلوم والآداب، وأن هناك اتجاها للاكتفاء برئيس مصرى موجود جاء من جامعة الإسكندرية وقرر أن يستقر فيها، وهو ابن أستاذ جامعى مرموق أيضًا تولى ذلك المنصب منذ عقدين أو أكثر، وقد سعت إلىّ بعض الأطراف للتدخل فى الأمر وحاولت إصلاح ذات البين ما استطعت واتصلت بالأستاذة الدكتورة «هند حنفى»، رئيسة جامعة الإسكندرية، التى بذلت قصارى جهدها للإبقاء على علاقة التعاون بين جامعة الإسكندرية وجامعة بيروت العربية من حيث الأساتذة الموفدون وبرامج الدراسة والشهادات الممنوحة ولكن الأمور وصلت إلى طريق مسدود وقد استعنت وقتها أيضا بوزير التعليم العالى المصرى الدكتور «معتز خورشيد» الذى حاول هو الآخر أن نصل إلى اتفاق، ولكن الرياح أتت بما لا تشتهى السفن وانفصمت عرى التعاون بين جامعة الإسكندرية وفرعها العربى فى «بيروت» رغم وجود البعثة الطبية المرافقة والتى يشيد بها اللبنانيون من كل الاتجاهات حتى الآن،

وقد طويت النفس على حزن عميق لأن مصر التى فقدت فرع جامعة القاهرة فى «الخرطوم» نتيجة سياسات لامبرر لها تفقد هذه المرة فرع جامعة الإسكندرية فى «بيروت» لأسباب لم تكن لتحدث لو أن ظروف «مصر» الداخلية كانت أفضل وقتها، وعندما دعانى الأستاذ الدكتور «عصام الكردى»، رئيس جامعة الإسكندرية، لحضور احتفال «العيد الماسى» لإنشاء تلك الجامعة العريقة التى تولى رئاستها ذات يوم عميد الأدب العربى الدكتور «طه حسين» أبديت فى كلمتى أمام الحفل الكبير شعورى بالأسف لتوقف التعاون بين جامعة الإسكندرية وامتدادها فى بيروت العربية، وأشدت برئيسة الجامعة السابقة التى حاولت بكل الطرق الإبقاء على تلك العلاقة، ودعوت رئيس الجامعة الحالى، وهو أستاذ مرموق واضح الرؤية متوازن القرار، لكى يبذل قصارى جهده لاستعادة الأوضاع التاريخية مع ذلك الفرع الأكاديمى الذى تخرج فيه ذات يوم رجال من أمثال «رفيق الحريرى»، رئيس وزراء لبنان الأسبق، والشيخ «حمد بن خليفة»، أمير «قطر» السابق، وغيرهما من الرموز العربية فى كافة المجالات، وكأنما كانت أبواب السماء مفتوحة وأنا ألقى كلمتى، فقد نجح الدكتور «الكردى» وفريق المفاوضين معه فى بناء جسور جديدة مع جامعة بيروت العربية ووصل الجميع إلى اتفاق يرضى كل الأطراف ويجعل اختيار رئيس الجامعة أستاذا مصريا من جامعة الإسكندرية بعد طرح ثلاثة أسماء على أصحاب الجامعة فى «بيروت»، وانتهى الأمر بأن ذهب وفد فى الأسبوع الماضى برئاسة وزير التعليم العالى المصرى الدكتور «خالد عبدالغفار» ومعه رئيس جامعة الإسكندرية الدكتور «عصام الكردى» إلى «بيروت» ووقعوا الاتفاق الذى رحب به الجميع، بمن فيهم رئيس الوزراء «سعد الحريرى» ووزير التعليم فى حكومته، ونزل علىّ الخبر برداً وسلاماً يعيد إلىّ قدراً كبيراً من الرضا والارتياح لأن قوة مصر الناعمة مازالت فى مواقعها لا تبرحها ما ظلت مصر بدورها ومكانتها، ولقد استقبل اللبنانيون، كما استقبل المصريون، ذلك القرار بسعادة غامرة لأنه يعيد أواصر الصلة التعليمية بين البلدين الشقيقين، فـ«لبنان» الثقافة والعلم والمعرفة يكمل «مصر» الثقافة والعلم والمعرفة، فهى بلد «جبران خليل جبران» و«ميخائيل نعيمة» وشاعر القطرين «خليل مطران» وغيرهم، ومن الطبيعى أن تجد «مصر» فى قلوبهم مكانة يسعدون بها ويرضون عنها.. إننى إذ أهنئ جامعة الإسكندرية ورئيسها الهمام ورفاقه المخلصين أهنئ أيضا جامعة بيروت ورئيسها وأساتذتها وملاك مبانيها لعلهم يدركون جميعا أن هذه لحظة مضيئة فى الجو العاصف الذى يحيط بأمتنا العربية، وهو أحد المخارج الجديدة من النفق المظلم الذى دخلنا فيه عبر السنوات الأخيرة..

تحية لجامعة الإسكندرية مرة أخرى ولجامعة بيروت العربية التى تشرفت بإلقاء عدد من المحاضرات العامة فيها بدعوة من إدارتها فى العقدين الأخيرين، ونأمل ذات يوم أن يعيد الأشقاء السودانيون الصلة بجامعة القاهرة مع اعترافنا بأن لدى اللبنانيين والسودانيين من العلماء والأساتذة من لا يقلون علمًا وكفاءة عن العلماء والأساتذة المصريين ولكنها روح التعاون العلمى والتزاوج الفكرى والاندماج الثقافى من أجل إحياء الشعور القومى.

المصدر : جريدة المصري اليوم

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وعادت جامعة بيروت العربية وعادت جامعة بيروت العربية



GMT 03:55 2018 الخميس ,23 آب / أغسطس

الأصول المصرية.. الهوية نموذجاً

GMT 04:11 2018 الثلاثاء ,17 تموز / يوليو

زراعة الصحراء فى الوطن العربى

GMT 03:40 2018 الجمعة ,13 تموز / يوليو

رحيل أزهرى جليل

GMT 05:37 2018 الأربعاء ,07 آذار/ مارس

ظاهرة الحَوَل السياسى

GMT 01:42 2018 الثلاثاء ,27 شباط / فبراير

رحيل دبلوماسى مثقف

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:21 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الجدي الخميس 29-10-2020

GMT 14:05 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الأسد الخميس 29-10-2020

GMT 08:29 2021 الجمعة ,07 أيار / مايو

مسلسل ''حرقة'' أفضل دراما رمضانية في تونس

GMT 05:48 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

اكتشاف تقنية جديدة تساعد في إنقاص الوزن الزائد

GMT 05:31 2016 السبت ,26 آذار/ مارس

البردقوش فوائده واستخدامه

GMT 00:15 2016 الثلاثاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

فوائد الشطة لعلاج مرض الصدفية

GMT 10:54 2013 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ندوة عن القبول في جامعات الولايات المتحدة في "أميركية دبي"

GMT 09:15 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أيتام «داعش» مَنْ يعينهم؟

GMT 18:04 2021 الإثنين ,29 آذار/ مارس

أخبار من اميركا وعمليات إطلاق النار فيها

GMT 04:00 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

موصفات سيارة كايلي جينر الرولز-رويسمن طراز Wraith
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia