حزب الوفد

حزب الوفد

حزب الوفد

 تونس اليوم -

حزب الوفد

بقلم - مصطفى الفقي

لا يختلف المؤرخون ولا خبراء علم السياسة حول اعتبار حزب الوفد هو الوعاء التاريخى للحركة الوطنية المصرية الحديثة، فلقد ظل فى فترة ما بين الثورتين 1919- 1952 حارسًا للفكر الليبرالى ومبشرًا للتطور العلمانى ورمزًا للوحدة الوطنية المصرية، وقد تعرض هذا الحزب الذى نشأ بتفويض من أبناء الأمة المصرية لقادتها بالسعى لتحرير البلاد من ربقة الاحتلال وسطوة الأجنبى، وقد تعرض الحزب عبر مسيرته فى ظل زعامتى «سعد زغلول» و«مصطفى النحاس» لعدد من فترات الصعود والهبوط والانتصار والانكسار، ولكنه ظل دائمًا الحزب الأكثر شعبية والأعمق شرعية حتى قال المصريون: (يحيا الوفد ولو فيها رفد)، وأضافوا أيضًا: (لو رشح الوفد حجرًا لانتخبناه)، وبلغ الشطط بالبعض أن رددوا: (إن الاحتلال على يد «سعد زغلول» خير من الاستقلال على يد «عدلى يكن»)، وتلك كلها مؤشرات جماهيرية لما تمتع به ذلك الحزب الذى تشكل من أسفل إلى أعلى وضم فى صفوفه قيادات وطنية مثل «مكرم عبيد» والأخوين «ماهر» والأخوين أيضًا «بركات» و«محمد صبرى أبوعلم» و«أحمد نجيب الهلالى» و«فؤاد سراج الدين» وغيرهم، حيث يرجع الفضل للأخير فى إحياء الحزب فى مرحلته الثانية أثناء حكم الرئيس الراحل «أنور السادات»، ولكن المشاهد المدقق سوف يرى الصورة الآن مختلفة تمامًا، فالحزب يبدو حاليًا فى صراع داخلى بين أطراف متعددة لأسباب لا نخوض فى شرحها خصوصًا وقد توافد على رئاسته بعد رحيل «سراج الدين» كل من «نعمان جمعة» و«محمود أباظة» و«سيد البدوى» ثم آلت رئاسة الوفد إلى المحامى الشهير «بهاء أبوشقة» أخيرًا ورغم توافد هذه الشخصيات على قمة الوفد المصرى إلا أنها لم تتمكن من التحليق بالحزب لاستعادة ماضيه العريق فالدنيا تغيرت، والعالم تطور، ولم تعد شعارات الماضى جزءًا من لغة الحاضر ولا تمهيدًا للمستقبل، ومازلت أرشح له فى هذا السياق رفع شعار يرتبط بمفهوم الأمة المصرية كما رآها «سعد» ورفاقه منذ قرن مضى مع دعوة جادة لتبنى مشروع واضح يسعى إلى تعزيز التيار الليبرالى ودعم فلسفة المواطنة مع مواجهة فكرية حاسمة ضد التيارات المتطرفة التى خرجت من عباءة الإسلام السياسى وارتدت عمامته، ولنتذكر ذلك اللقاء الحاد الذى جرى بين «النحاس باشا»، زعيم الوفد، والشيخ «حسن البنا»، مرشد الإخوان، عندما كان الأخير يسعى للترشح فى الانتخابات البرلمانية، فسأل زعيم الوفد مرشد الإخوان: (أليست جماعتكم دينية دعوية، فما علاقتها بالسياسة والعمل البرلمانى؟)، وتتلخص محنة الوفد الذى أكرمتنى قيادته باختيارى أحد رؤساء الشرف له فى قضيتين أساسيتين:

أولًا: أزمة مالية طاحنة ورثتها القيادة الجديدة مع صحيفة ناجحة ولكنها تبدو فى الوقت ذاته عبئًا ماليًا على الحزب. ولأن مفهوم الحزب هو أنه جماعة من البشر يؤمنون بفكر معين ويسعون نحو السلطة فإن تربية الكوادر تعتبر من أولى المهام التى تعطيها الأحزاب كل الاهتمام بما فى ذلك عمليات التصعيد وتوزيع الأدوار بل والإقصاء أيضًا.

ثانيًا: انتخب الوفديون سكرتيرًا عامًا معروفًا بكفاءته هو د. هانى سرى الدين كما اختارت الهيئة العليا للحزب لجنة استشارية برئاسة السيد «عمرو موسى» وهى تضم عددًا من الأعضاء البارزين، فى مقدمتهم المستشار مصطفى الطويل، شيخ الوفديين، والدكتور «محمود أباظة»، رئيس الحزب الأسبق، والوزير «منير فخرى عبدالنور»، الأمين العام الأسبق أيضًا، ولى شخصيًا شرف عضويتها ويحضر كثير من لقاءاتها رئيس الحزب المستشار «أبوشقة» ويسعى الجميع لإيجاد مخرج لأزمات الحزب المختلفة التى تعقدت وتشابكت حتى كادت أن تصبح محنة وليست مجرد أزمة.

وفى النهاية فإننى على يقين أن حزب الوفد قادر على أن يتجاوز المصاعب التى يمر بها وأن يستمد - مع نهاية المئوية الأولى لثورة 1919 التى أنجبته فهو ابن شرعى لها - الإرادة القوية والعزيمة الثابتة لكى يظل رمزًا تاريخيًا للديمقراطية فى مصر وعلامة فارقة على الانتقال من مرحلة «الدروشة» السياسية إلى مرحلة الحزب الحقيقى، حيث تمتع بشعبية لم يحصل عليها سواه رغم مضى السنين وتعاقب الأعوام.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حزب الوفد حزب الوفد



GMT 08:31 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

موازين القوى والمأساة الفلسطينية

GMT 08:29 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

ترامب يدّعي نجاحاً لم يحصل

GMT 08:24 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

فلسطين وإسرائيل بين دبلوماسيتين!

GMT 08:23 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

أزمة الثورة الإيرانية

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 03:04 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار مبتكرة لجعل مداخل المنازل أكثر جاذبية

GMT 11:39 2021 الإثنين ,27 أيلول / سبتمبر

القبض علي عملية هجرة غير شرعية في سواحل صفاقس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia