الإسلام بين الإخوان وأردوغان

الإسلام بين الإخوان وأردوغان!

الإسلام بين الإخوان وأردوغان!

 تونس اليوم -

الإسلام بين الإخوان وأردوغان

مصطفى الفقي

الإسلام دين أممى «إنما بعثت للناس كافة»، وذلك دون تمييز بسبب العرق أو الجنس أو اللون أو اللغة أو الجنسية، ومع ذلك يمكن أن نتحدث عن وجود الإسلام فى النموذج التركى أو تغلغل الإسلام فى النظام السعودى أو تطبيق الإسلام فى النظام الإيرانى، فهذه مسميات لا تمس وحدة الدين ولا كمال الشريعة كما لا تتطرق بالضرورة إلى اختلافات الفقه، لذلك فإننا نذكِّر الجميع بما ظل الأمريكيون خصوصًا ـ والغرب عمومًا ـ يرددونه حول ما أطلقوا عليه (النموذج التركى للإسلام)، حيث جرى تصديعنا بأن ذلك النموذج هو الأقرب إلى الاعتدال وهو الذى يقدم الإسلام ـ من وجهة نظرهم ـ بمسحة «علمانية»،

بينما أجمعت رؤى أخرى على أن «إسلام الأزهر» ـ أكبر مركز سنى فى العالم ـ الذى يقبل التعبد أيضًا بالشيعة «الاثنى عشرية» و«الزيدية» وغيرهما من المذاهب المقبولة لدى «أهل السنة والجماعة»- يرى أصحاب هذا الرأى أن «الأزهر» ظل منارةً للاعتدال حتى إنه قد درس فيه مسيحيون وخرج من عباءته فنانون! أسوق هذه المقدمة لأوضح الفارق بين ما كانوا يتحدثون عنه وبين الواقع الذى كشف عن أن الحزب الذى يرفع لافتة إسلامية ويحكم «تركيا» حاليًا هو حزبٌ يميل إلى السيطرة، ويستخدم التآمر سبيلاً لتحقيق مصالح تركية بل حزبية على حساب الإسلام والمسلمين، ولقد تجلى ذلك فى السنوات القليلة الماضية عندما ظهر أن وصول «الإخوان المسلمين» للحكم فى «مصر» هو جزء من مشروع كبير يهدف إلى تضييق القبضة على الدول العربية والإسلامية لصالح ذلك المشروع الاستعمارى الذى جاء هذه المرة متخفيًا بستار الدين ومرتديًا عباءة الإسلام وواضعًا عمامته، ولعلى أسوق هنا قصة تحضرنى دائمًا إذ إنه فى عام 2007 عندما كنت نائبًا لرئيس البرلمانى العربى وكان من بين زملائى فى ذلك البرلمان حينذاك وزير جزائرى سابق وفقيهٌ إسلامى محترم هو الدكتور «عبد القادر السمارى» الذى انتحى بى جانبًا ذات يوم وحدثنى عن مشروعٍ إسلامى قادم للمنطقة وعن دور «تركيا» و«رجب الطيب أردوغان» تحديدًا فى قيادة ذلك المشروع، ويومها استبعدت الفكرة بينى وبين نفسى ولم أعطها الاهتمام الواجب، ولكن حينما زار «أردوغان» وقرينته دولة «الصومال» الممزقة فى ذلك الوقت تذكرت ما قاله لى ذلك المفكر الجزائرى، وأيقنت أن شيئًا ما يلوح فى الأفق إلى أن أظهرت الأحداث بعد ذلك صدق ما قاله ذلك الزميل البرلمانى فى وقتٍ مبكِّر نسبيًا سبق بسنوات «ثورات الربيع العربى» وما جاءت به وما آلت إليه، حيث قفز «الإسلاميون» إلى مقاعد السلطة وكأنما هم على موعدٍ محدد مع المرحلة العملية فى المشروع الإقليمى الدولى الكبير الذى يكرس النفوذ الأجنبى والسيطرة الخارجية باسم الإسلام هذه المرة، تشويهًا لذلك الدين الحنيف وتحقيقًا لأهدافٍ سياسية وأغراضٍ دولية تقودها «واشنطن» ويلعب فيها النظام التركى دور «مخلب القط»، بينما يمثل «الإخوان المسلمون» الركيزة التاريخية والأم الكبرى لكل حركات «الإسلام السياسي» ـ معتدلة أو متطرفة ـ لكى يتحقق مشروعها الذى انتظرته طويلاً، وتأتى مسميات «دولة الخلافة» حيث يكون الزج الدائم باسم «الإسلام» العظيم فى محاولة لدغدغة مشاعر الجماهير وشدها نحو ذلك المشروع الاستعمارى الجديد، وتمضى القوة السلفية فى العالم الإسلامى داعمةـ بغير قصد واضح أو وعى كامل ـ لذلك المشروع المشبوه الذى يسعى للانطلاق من «مصر» بزعامة تركية ومباركة أمريكية تتبعها بعض الدول الهامشية فى المنطقة للنفاذ إلى قلب العالم الإسلامى، وتزييف صورته وتشويه مسيرته، وجر البلاد والعباد نحو طريقٍ لا يخدم «الدولة الوطنية» ولا «الشعوب الحرة» ولا الإسلام دين العزة والرفعة، دين الحرية والكرامة، دين التسامح والوسطية والاعتدال.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإسلام بين الإخوان وأردوغان الإسلام بين الإخوان وأردوغان



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia