عصور النفاق

عصور النفاق

عصور النفاق

 تونس اليوم -

عصور النفاق

عماد الدين أديب

من أهم العلوم الشعبية ذات الخصوصية الشديدة في عالمنا العربي «علم النفاق»! إنه علم له مدارسه ومصطلحاته وأساتذته وعلماؤه وأحزابه وصحفه وقنواته التلفزيونية! كيف يمكن لك أن تمتدح من يستحق الذم؟ وكيف يمكن لك أن تضفي من عظيم الصفات على من لا يستحق؟ وكيف تضفي قيم الشجاعة على الجبناء؟ والبطولة على الأنذال؟ والكرم على البخلاء؟ والعلم على الجهلاء؟ والحكمة على الحمقى؟ والذكاء الفذ على الأغبياء؟ والخير على الأشرار؟ أن تصف إنسانا بصفات إيجابية وأنت تعلم أنه عكس ذلك تماما، فإن ذلك هو النفاق الصريح كما جاء ذكره في قواميس الاحتيال النفسي! وصناعة النفاق هي من الصناعات الثقيلة ذات العمالة الكثيفة؛ فهي تحتاج إلى رجال ومستشارين وعلماء ومنظرين وجماهير حاشدة تخرج في الميادين والشوارع كي تمتدح الطاغية المستبد الفاسد! وصناعة النفاق أيضا تحتاج إلى مفردات وشعارات تدغدغ مشاعر ملايين البسطاء والسذج من أصحاب النوايا الحسنة من الضحايا. وهذا النفاق هو الذي حول مصطلح هزيمة 1967 إلى اسم «نكسة» بينما ما حدث كان هزيمة الهزائم! وهذا النفاق هو الذي أطلق على الغزو البربري لجيش صدام حسين لدولة الكويت مصطلح «الدخول» العراقي وليس «الغزو» أو «الاحتلال». وهذا النفاق يسمي المدافعين عن حريتهم في سوريا «المخربين»، وهو أيضا الذي يسمي حرمان المعارضين السياسيين لبعض الأنظمة الحالية بالعزل السياسي لرموز النظام السابق. لقد وصلنا إلى مرحلة أن «تعليمات سعادتكم بتاعة بعد بكرة اتنفذت أول امبارح»، و«شخبطة أولاد سعادتكم تخطيط لمستقبل حياتي». لقد وصلنا إلى مرحلة يقال إن معمر القذافي كاتب روائي، وإن صدام حسين فيلسوف وحكيم، وإن بن علي رائد نهضة، وإن حزب البعث كنز استراتيجي للفكر القومي. لقد وصلنا إلى أن يقول البعض «والله لو طلبت منا يا سيادة الرئيس أن تسير فوق أمواج هذا البحر لسرناه معك»، ووصلنا أيضا إلى أن نهتف: «بالروح بالدم نفديك يا فلان»، وعند انطلاق أول رصاصة على منصة الرئاسة يفر المئات ويهرب الجميع! لم يعد ممكنا أن يشرق علينا فجر عصر جديد ونحن لم نتحرر من أكاذيب وأوهام وثقافة ومفردات عصور النفاق. علينا، قبل أي شيء وكل شيء، أن نسمي الأشياء بمسمياتها! نقلا عن جريدة الشرق الاوسط

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عصور النفاق عصور النفاق



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia