أزمة العقل العربى «تقديس الأصدقاء وشيطنة الأعداء»
أخر الأخبار

أزمة العقل العربى: «تقديس الأصدقاء وشيطنة الأعداء»

أزمة العقل العربى: «تقديس الأصدقاء وشيطنة الأعداء»

 تونس اليوم -

أزمة العقل العربى «تقديس الأصدقاء وشيطنة الأعداء»

بقلم - عماد الدين أديب

كان ميكيافيلى ينصح أميره فى مؤلفه الشهير «الأمير»: «إياك إياك أن تحتقر أعداءك حتى لا تبالغ فى عدم تقدير حقيقة قوتهم أو مميزاتهم فتخسر معاركك معهم».

وفى الجزء الثالث من رواية «ماريو بوزو» الشهيرة التى تحولت إلى فيلم شهير، وهو «الأب الروحى»، يقول الأب «المؤسس» لعصابة المافيا الشهيرة، لابنه «الوريث» للزعامة: «لا تكره أعداءك حتى لا يتشوش تقديرك لهم».

وأزمة العقل السياسى العربى، والنفسية الإنسانية العربية المعاصرة، هى أنها «إما أن تحب إلى درجة التقديس فلا ترى أى عيب فيمَن تحب، أو تكره إلى حد الشيطنة الكاملة فلا ترى أى صفة إيجابية فيمن تكره».

ذلك كله ينصرف على أحكامنا على التاريخ وعلى الحاضر، وأيضاً على رسم صورة المستقبل.

الحكم فى عالمنا العربى على الأشخاص، والقرارات، والأحداث كله «شخصى، عاطفى، ذاتى، غير موضوعى» بامتياز.

نحن قوم لا نستطيع أن نرى أخطاء أنفسنا ولا احترام إيجابيات أعدائنا.

مثلاً: قد أختلف فكرياً أو عقائدياً مع «حزب الله» اللبنانى، لكن هذا لا يمنع أن أحترم كونه حركة مقاومة، منضبطة ثورياً وفكرياً.

مثلاً: قد أكره المشروع الصهيونى الإسرائيلى، لكن هذا لا يمنع أن أقدّر «الالتزام الوطنى للإسرائيليين بهذا المشروع»، وخدمتهم للحلم بكل إخلاص، وتفوقهم فى مجالات العلم والتكنولوجيا والزراعة والصناعات العسكرية.

قد أختلف مع سياسات حكام قطر التى أدت إلى تمزيق الأمة العربية، لكن لا بد من ملاحظة أنهم يُحسنون إدارة مواردهم، ولديهم شبكة علاقات سياسية قوية ومؤثرة تفوق عشرات المرات الوزن النسبى الحقيقى لبلادهم.

أبسط مثال هو أن تكون لديك القدرة على حسن تقدير فريق كرة القدم المنافس للفريق الذى تشجعه حتى لو هزمه.

لذلك كله تجد حُكمنا دائماً فيه اختلالات عظمى فلا نرى الخطأ فى فريقنا إذا انهزم، ولا نقدّر الإجاءة فى الفريق الخصم إذا فاز! إنه سوء التقدير.

اعتقد صدام حسين أنه قادر على غزو إيران فى أيام، وقسم إسرائيل إلى نصفين بصواريخه، ودحر أى خطط أمريكية لغزو بلاده.. وفشل.

اعتقد معمر القذافى أنه قادر على خلافة جمال عبدالناصر وزعامة الأمة العربية، وأن يصبح ملك أفريقيا المتوج.. وفشل.

اعتقد حكام كوريا الشمالية منذ الأب المؤسس «كيم آيل سونج» حتى الحفيد «جونج»، أن بلادهم قادرة على محو كوريا الجنوبية فى ثوانٍ والوصول بصواريخهم الباليستية إلى قلب الولايات المتحدة الأمريكية.. وفشلوا.

واعتقدت إيران أنها قادرة على السيطرة الأبدية على كل من بغداد والمنامة وصنعاء ودمشق وغزة، وها هى تعانى وتدفع فاتورة مؤلمة عسكرياً ومادياً تُلقى بظلالها على اقتصادها.

واعتقد ترامب أنه قادر على تأديب العالم بعقوباته الاقتصادية، فاتفق معظم قادة العالم على مواجهته ومحاولة التحايل على عقوباته، من الصين إلى اليابان، ومن المكسيك إلى كندا، ومن إيران إلى سوريا.

قد لا نحب هذا النظام أو هذا الحاكم، ولكن هذا لا يمنع أن نحسن تقدير أسلوب إدارته للصراع أو الأزمة معنا.

حتى تكره هذا النظام، أو هذه الدولة، فيجب عدم التهوين بقدرتها العسكرية أو ثروتها النفطية أو ثرواتها المادية أو شبكة علاقاتها الدولية.

لا تبالغ فى الخوف، ولا تستخفّ لدرجة إهمال وجود خصم لك، كل المطلوب منك -فقط- أن تعطى صديقك أو عدوك وزنه النسبى الحقيقى دون زيادة أو نقصان.

باختصار.. أحسِن التقدير دون أن تغلبك مشاعرك، سواء كنت «مع» أو «ضد».

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أزمة العقل العربى «تقديس الأصدقاء وشيطنة الأعداء» أزمة العقل العربى «تقديس الأصدقاء وشيطنة الأعداء»



GMT 12:13 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

ماذا سيفعل العراقيون بعد اقتحام السفارة؟

GMT 12:10 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

أردوغان يعاني في بلاده

GMT 11:56 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

دبلوماسيّون: حراك مكثف على ساحة متأرجحة!

GMT 11:38 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

الباجي وخطيئتا بورقيبة وبن علي

GMT 11:29 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

الإمارات ملتقى الأمم

GMT 13:45 2019 الخميس ,28 آذار/ مارس

بريشه : هاني مظهر

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:53 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الحوت الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:04 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 17:45 2021 السبت ,20 شباط / فبراير

السيسي يصدر أوامر للحكومة بشأن سيناء

GMT 18:43 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل فساتين زفاف مزينة بأحزمة لعروس خريف 2020

GMT 03:04 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

جو بايدن يمازح صحافيًا سأله حول الاتصال مع بوتين

GMT 12:16 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

توجه فرنسي بالوداد
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia