مصر وحالة الغيبوبة التاريخية

مصر وحالة الغيبوبة التاريخية

مصر وحالة الغيبوبة التاريخية

 تونس اليوم -

مصر وحالة الغيبوبة التاريخية

عماد الدين أديب

تتحدث الصحف اللبنانية عن قصة إنسانية مؤثرة ومؤلمة لرجل تدهورت حالته الصحية فدخل فى حالة غيبوبة طويلة، حتى فقد أهله الأمل فى شفائه، وتركوه فى العناية المركزة.

وفجأة تدخلت السماء وحدثت المعجزة وأفاق الرجل من الغيبوبة وعاد سليماً معافى كما كان، وسط ذهول الأطباء وصدمة الأهل!

وحينما سأل الرجل قيل له إن أهله تركوه بعدما فقدوا الأمل فى شفائه، وحينما سأل عن ماله وثروته اكتشف أن أهله استولوا على كل ما لديه.

حزن الرجل، وتمنى لو لم يفق من غيبوبته.

هكذا كان حال الدولة فى مصر التى دخلت فى غيبوبة منذ العام 1952، بعدما فقدت قدرتها على إدارة شئونها وأملاكها فى ظل سلطات متعاقبة تؤمن بنظرية «أنا المال العام، والمال العام أنا».

هذه الغيبوبة حوّلت مصر من دولة ذات احتياطى من النقد والذهب إلى دولة مدينة بشكل دائم.

هذه الغيبوبة أعطت بعض الناس فى السلطة فرصة الاستيلاء على البلاد والعباد، الأراضى والقصور، المال السائل والمجوهرات، الأثاث والتحف النادرة تحت دعوى أن هذه الممتلكات هى مال الشعب.

لو كانت المجوهرات مال الشعب، لما شاهدناها على صدور زوجات المسئولين.

ولو كانت الأراضى الزراعية التى تم الاستيلاء عليها ملك الشعب، لما رأيناها استراحات خاصة لكبار المسئولين.

ولو كانت الشركات والمصانع مال الشعب فعلاً، لما تولى إدارتها كبار رجال الدولة وأقاربهم وأصهارهم.

أصبحت البلاد «عزبة» كبيرة، وأصبح العباد أسرى تحتجزهم الدولة وتمنعهم من السفر أو تُفرج عنهم إذا أرادت.

وعُدنا إلى صيغة مفهوم الدولة فى العصور الفرعونية، حيث تملك الأرض وكل ما عليها، ولديها الحق الحصرى فى توزيع المياه والذهب.

هذه الغيبوبة هى التى جعلتنا نؤيد مصادرة أملاك الشعب تحت دعوى توزيع الثروة، وهى التى جعلتنا نصفق لإدخال المعارضين إلى السجون والمعتقلات، وهى التى جعلتنا نسمى الهزيمة نكسة (من باب الدلع)، وهى التى جعلتنا نكره كل صاحب رأس مال، وكل من يدافع عن دولة القانون ويطالب الناس باستخدام عقولهم والبحث عن المصالح العليا للوطن.

هذه الغيبوبة الطويلة ليست حالة «نوم لذيذ» وعميق، لكنها حالة خروج عن الزمن وتخلف عن التقدم، واستغراق فى الضياع.

هذه الغيبوبة هى التى سبّبت ضياع الثورة من بين أيدينا، وهى السبب فى ضياع الوعى والعقل الجمعى للوطن.

هذه الغيبوبة هى سبب الفاتورة التاريخية المؤجلة التى ندفع أثمانها الباهظة التكاليف الآن.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر وحالة الغيبوبة التاريخية مصر وحالة الغيبوبة التاريخية



GMT 06:15 2017 الثلاثاء ,10 كانون الثاني / يناير

على هامش احتجاب "السفير" اللبنانية

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 00:00 2016 الخميس ,22 كانون الأول / ديسمبر

عليك النظر إلى المستقبل البعيد واختيار الأنسب لتطلعاتك

GMT 04:00 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

مستقبل إردوغان

GMT 13:21 2021 الخميس ,22 إبريل / نيسان

عملاق صيني للطرق الوعرة سيظهر العام الجاري

GMT 11:08 2021 السبت ,05 حزيران / يونيو

شركة كيا تكشف عن النسخة الأحدث من طراز K5

GMT 12:43 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة شخص وإصابة 2 بتصادم 3 سيارات في دبي

GMT 06:02 2012 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق تعاون بين الأردن والكويت

GMT 12:58 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

آلات قطر الإعلامية والدينية.. والتحريض على مصر وجيشها

GMT 07:04 2021 الجمعة ,29 تشرين الأول / أكتوبر

كثرة التنقل
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia