عماد الدين أديب
التقيت في عمان قبل الانتخابات البرلمانية الأخيرة بالدكتور عبد الله النسور رئيس الوزراء وقتها، ورئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة الآن. وكان الملك عبد الله الثاني قد أصدر أول من أمس مرسوما ملكيا بتكليف الدكتور النسور بتشكيل حكومة أردنية جديدة للسنوات الأربع الجديدة. وتأتي حكومة الدكتور النسور، عقب انتخابات برلمانية قاطتعها جماعة الإخوان، عقب احتجاجات اجتماعية وسياسية على قرارات للحكومة برفع أسعار سلع أساسية، وفي وضع إقليمي مأزوم للغاية يتحمل الأردن فيه فاتورة شهرية مؤلمة لتوقف أنبوب الغاز المصري نتيجة تفجيرات سيناء، ويتحمل أكثر من مليار دولار سنويا لتحمل تكلفة النازحين السوريين الهاربين من المجازر.
وفي ظل هذا المناخ الصعب، والظروف الاقتصادية الحرجة، يأتي د. عبد الله النسور وعلى كاهله عبء معادلة شديدة الصعوبة تقوم على 3 عوامل شديدة التضاد والتعقيد:
1) تحقيق أكبر قدر من الاستقرار الاجتماعي.
2) حدوث المطلب الأول في ظل أكبر قدر من الإصلاح الاقتصادي.
3) حدوث الاستقرار والإصلاح في ظل أكبر قدر من الحريات السياسية. هذه المطالب، التي تعتبر رغبات ملكية دائمة تتكرر في كل حكومة تضع على كاهل الدكتور النسور مسؤولية كبيرة وأحمالا ثقيلة.
وجاء في خطاب التكليف الملكي للدكتور النسور أن يتم تشكيل الحكومة لتنفيذ البرنامج الحكومي لمدة 4 سنوات مقبلة في ظل أكبر قدر من الشراكة والتشاور مع مجلس النواب.
كل ذلك يجعل الدكتور النسور يسير على سلك مشدود على ارتفاعات عالية وشاهقة دون أن يكون ذلك تحت حماية شبكة واقية.
والنسور رجل قوي، صاحب قرار، لا يعرف اليد المرتعشة، ولديه القدرة على مواجهة مسألة إصدار قرارات صعبة ضرورية حتى لو كانت تستدعي إعطاء الشعب دواء مرا لا بد أن يتجرعه.
ويلمس الإنسان وهو يحاور عبد الله النسور أنه رجل عملي وواقعي وبراغماتي لا يعرف المراوغة أو المماطلة بل يصل معك إلى حقيقة ما يريد من خلال أقصر الطرق. وفي يقيني أن الدكتور النسور سوف يواجه 3 ملفات عاجلة فور تشكيله للحكومة:
1) ضبط العلاقة مع البرلمان.
2) إعادة صياغة العلاقة بين الحكم وجماعة الإخوان في الفترة المقبلة.
3) تحديد حزمة القرارات الاقتصادية الهامة واحتساب تكلفتها الاجتماعية.
إنها حقا مهمة صعبة!
نقلا عن جريدة الشرق الاوسط