الفارق بين المخالف والمجرم

الفارق بين المخالف والمجرم!!

الفارق بين المخالف والمجرم!!

 تونس اليوم -

الفارق بين المخالف والمجرم

عماد الدين أديب

سؤال يجب أن نطرحه على أنفسنا ونحن نسعى إلى إقامة دولة العدل والقانون، وهو: مَن الأولى بالمحاسبة؟

الإجابة المنطقية هى أن نحاسب كل من يخطئ، صغيراً كان أو كبيراً، من أخطأ خطأً محدوداً أو من ارتكب جريمة الخيانة العظمى!

فى الدول الديمقراطية يحاسبون على كل خطأ وكل خطيئة، لكنهم لا يساوون بينهما.

فى الغرب هناك فارق بين من يخالف عمداً أو سهواً فى إشارة المرور، وهناك من يقود سيارة مسروقة بلا أرقام، وهو لا يملك أوراقاً شخصية أو رخصة قيادة.

لا تتم المساواة بين خطأ المواطن الأول والمواطن الثانى، فالأول مواطن صالح تجاوز فى تطبيق القانون، أما الثانى فهو مجرم خرق القانون وحطمه تحطيماً!

الأول مخالف والثانى مجرم!

فى بلادنا نعامل الاثنين بالمعاملة ذاتها، بل أحياناً نمسك بتلابيب الأول ونتغاضى عن الثانى!

مثلاً، رجل أعمال اشترى قطعة أرض (مليون متر) لإقامة مشروع من الدولة، وحدث تجاوز من قبله ومن قبل مشروعه إن تم البناء على مساحة أكبر.

فى هذه الحالة، يدفع هذا الرجل الرسوم المقررة والغرامة على التجاوز.

هو مخالف، لكنه غير مجرم!

أما من يضع يده على مئات الآلاف من الأراضى تحت نظام وضع اليد بلا أى عقد أو رسوم أو تراخيص، وبالتالى لا يدفع عنها أى ضرائب، فهذا بسبب الإهمال، والفساد ليس خصماً للدولة، لأنه ليس فى سجلاتها!

الشىء ذاته فى التعامل مع أى جهة تحتاج إلى ترخيص أو رسوم، أنت تعانى منها ومن رسومها الإضافية ومن تقديراتها الجزافية، لأنك تعمل وفق قوانينها وتعيش تحت رحمتها، بينما من يعمل من «تحت السلم ويتاجر فى السوق السوداء»، فهو فى أمان!

مثلاً، هناك من يستورد بترخيص رسمى بضائع، ويدفع عنها الرسوم كاملة، ويعانى، بينما من يقتحم الموانئ (التى تدخلها الآن «الكونترات» المهربة) بسبب خلو الموانئ من أجهزة الكشف بالليزر عن كل «تفصيلة» فى الكونترات، لا يعانى من رسوم الجمارك، ويطرح بضاعته المهرّبة بأرخص الأسعار.

مثلاً، من لديه معرض ملابس فى وسط العاصمة، يدفع إيجاره ويدفع تأمينات وضرائب وعمالة ونظافة ورسوماً للمحافظة ورسوم أمن وسلامة وصحة ودفاع مدنى، بينما يأتى ذلك البائع العشوائى ويسد باب محله ببضاعة صينية مقلدة مهربة، ويبيع بلا دفع أى حق من حقوق الدولة.

خلاصة ما يحدث الآن، ومنذ زمن طويل، أن موقف الدولة من المخالف الذى يعمل تحت سقف القانون أكثر عنفاً وغلاظة، بينما المجرم الذى لا يعترف بالقانون يفلت بلا أى سؤال أو عقاب.

لا تجعلوا الناس تكفر بالقانون، وأن يكون كل جهدها ليس طاعته، ولكن السعى للتهرب منه.

هناك فارق بين نص القانون وروح القانون، وهناك فارق جوهرى بين من انتظم تحت سقف القانون وخالف، وبين المجرم الذى تهرب تماماً منه.

إننى أتعجب من منطق أن يقوم أى جهاز فى الدولة بتجميد أرصدتك السائلة والمنقولة وجميع ممتلكاتك وممتلكات أسرتك، ويمنعك من السفر ويسىء إلى سمعتك ومكانتك العملية والمهنية أمام مجتمع المال والأعمال، ثم يأتيك خطاب رسمى يتوعّدك بسرعة السداد وإلا سوف يتم حبسك!

كيف نقيد يدى إنسان ونطالبه بدخول مباراة ملاكمة ونطلب منه الفوز أو الموت!؟

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفارق بين المخالف والمجرم الفارق بين المخالف والمجرم



GMT 09:34 2021 الجمعة ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الخديو المبذر

GMT 16:26 2021 السبت ,25 أيلول / سبتمبر

الجميلة و «الحمارة الكبرى»

GMT 13:04 2021 الجمعة ,10 أيلول / سبتمبر

ثلاث مصريات من لبنان: البحر من ورائها

GMT 14:39 2021 الجمعة ,09 إبريل / نيسان

تَغيير الحَمَل... كل يوم

GMT 14:28 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

ابنة الزمّار وحسناء الزمان

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 00:00 2016 الخميس ,22 كانون الأول / ديسمبر

عليك النظر إلى المستقبل البعيد واختيار الأنسب لتطلعاتك

GMT 04:00 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

مستقبل إردوغان

GMT 13:21 2021 الخميس ,22 إبريل / نيسان

عملاق صيني للطرق الوعرة سيظهر العام الجاري

GMT 11:08 2021 السبت ,05 حزيران / يونيو

شركة كيا تكشف عن النسخة الأحدث من طراز K5

GMT 12:43 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة شخص وإصابة 2 بتصادم 3 سيارات في دبي

GMT 06:02 2012 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق تعاون بين الأردن والكويت

GMT 12:58 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

آلات قطر الإعلامية والدينية.. والتحريض على مصر وجيشها

GMT 07:04 2021 الجمعة ,29 تشرين الأول / أكتوبر

كثرة التنقل
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia