منصّة صواريخ  لا دولة

منصّة صواريخ ... لا دولة!

منصّة صواريخ ... لا دولة!

 تونس اليوم -

منصّة صواريخ  لا دولة

بقلم - علي الرز

سلوكُ إيران منذ فترةٍ طويلة يحوّلها الى منصة صواريخ أكثر منها دولة. الى ميليشيا هدفُها إما السيطرة وإما ضرْب الاستقرار. الى ثكنة أُمَمِية تَجْمع عنابرُها وساحاتُها أولادَ السياسات الشيطانية التي اعتُمدتْ في العراق وسورية ولبنان وغزة واليمن وأفغانستان وباكستان ...

سلوكٌ استفادَ في خطواته الأولى من غباء وإجرام صدام حسين الذي خاض حرباً لتكريس سلطته داخلياً فكرّس، في الوقت نفسه وبقوّة السلاح، شرعيةً إيرانيةً داخليةً للثورة. وشبّ هذا السلوك على جريمةِ احتلال الكويت وانشغال العالم ببناء تَحالُفٍ لتحريرها مُدّت خلاله اليد لطهران، واكتملتْ مَعالمُه ببناء أحلافٍ مع سورية حافظ الأسد و"حزب الله" و"حماس" و"الجهاد" وفصائل أفغانية، واشتدّ عودُه مع الحرب الدولية على الإرهاب واحتلال العراق، فصار شريكاً غير معلَن وملأ فراغاتِ السلطة بنماذج شبيهةٍ، واكتمل هلالُه مع فترتيْ حكم باراك أوباما الذي لم يُخْفِ إعجابَه بالتجربة الإيرانية... وهما الفترتان اللتان سمحتا بقولِ مسؤولٍ إيراني إن بلاده تسيطر على محورٍ يمتدّ من حدود الصين الى شواطئ غزة، وبتباهي مسؤولٍ آخر بأن بلاده تَحْكُم أربعة عواصم وقادمة الى مكة المكرّمة.

ولأنها اسْتعذبتْ منطق الميليشيا لا الدولة، أَدركتْ إيران ان تصدير الصواريخ أَجْدى من تصدير الثورة ويَخْتَصِر المسافات والأوقات. عملتْ على تفتيت المكوّنات السياسية والاجتماعية والطائفية العراقية ونجحتْ في ذلك، بحيث لا يَحْكُم إلا مَن تريده، وفوق رأسه عشرات سيوف البدلاء.

احتضنتْ قياداتِ التطرف "الجهادي" وسهّلتْ نشوء إماراتٍ ودولٍ لها في سورية والعراق، ثم وزّعت الصواريخَ على الجميع لمعارك تحرير تبدأ ولا تنتهي.

أَخرجتْ شباب التعبئة من مختبراتها ووزّعتْهم على مساحةِ الهلال المُمانِع مع صواريخهم. هنا نجيبٌ من النجباء وهناك زينبي من الزينبيين وثالثٌ فاطمي من الفاطميين. واذا لم يُعْجِب البعض وجود عصائب أهل الحق في سورية، تُرْسِلُهُم الى جنوب لبنان للوقوف أمام الحدود وإطلاق التهديدات. واذا اعترض البعض على مشاركة "حزب الله" بالقتال في سورية يتمّ توسيع رقعة عملياته الى شمال العراق ووسطه. واذا جنح فلسطينيون للمصالحة والتقارب مع بعضهم، تنفجر عبوةٌ بمسؤولٍ أو رئيسِ وزراءٍ حاملةً توقيع الحرس الثوري: الأمر لي.

في الخليج، حاولتْ إيران التمدّد بالطرق التقليدية عبر اللعب على التمايزات الطائفية وإنشاء مظلومية والسعي لانتزاع شرعيةٍ "مرجعيةٍ"، وعندما باءتْ المحاولة بالفشل عادتْ الى الخاصرة اليمنية عبر الميليشيا، وهي الحقيقة الوحيدة التي ما زالت تخدم مشروعها. ففي مواجهةِ تطويقِ التمدُّد الحوثي وإعادة الشرعية الى صنعاء، كان لا بدّ من إطلاق صواريخ على المملكة في لعبةٍ مكشوفة سوداء الوجه والعقل والقلب تماماً كما سواد رماد الشظايا المتساقطة بالأسلحة المضادّة.

صواريخ إيران على المملكة تمحو عقديْن من التكاذب والمواقف والرسائل والمقالات التي تُدبج عن التعاون والسلام وبناء منظومةٍ إقليميةٍ مرتكزة على المنفعة المتبادلة والمَصالح المشتركة. صواريخ تعْكس الحقدَ من التغيير القائم على الانفتاح ومحاربة التطرف ونبْذ الطائفية وإشراك الشباب في معركة التنمية. صواريخ تعْكس القلقَ من استعادة المملكة للمبادرة إقليمياً ودولياً وتعكس الخوفَ من بداياتِ النهاية لمشروعٍ قد يَتساقط كأحجار الدومينو إن تَكَسّرتْ مَفاصلُه في جنوب الخليج.

باختصار، صواريخُ إيران على المملكة تعْكس صورتَها، لا كدولةٍ بل كميليشيا... خَطَفَتْ دولة.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

منصّة صواريخ  لا دولة منصّة صواريخ  لا دولة



GMT 12:13 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

ماذا سيفعل العراقيون بعد اقتحام السفارة؟

GMT 12:10 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

أردوغان يعاني في بلاده

GMT 11:56 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

دبلوماسيّون: حراك مكثف على ساحة متأرجحة!

GMT 11:38 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

الباجي وخطيئتا بورقيبة وبن علي

GMT 11:29 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

الإمارات ملتقى الأمم

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:21 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الجدي الخميس 29-10-2020

GMT 14:05 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الأسد الخميس 29-10-2020

GMT 08:29 2021 الجمعة ,07 أيار / مايو

مسلسل ''حرقة'' أفضل دراما رمضانية في تونس

GMT 05:48 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

اكتشاف تقنية جديدة تساعد في إنقاص الوزن الزائد

GMT 05:31 2016 السبت ,26 آذار/ مارس

البردقوش فوائده واستخدامه

GMT 00:15 2016 الثلاثاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

فوائد الشطة لعلاج مرض الصدفية

GMT 10:54 2013 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ندوة عن القبول في جامعات الولايات المتحدة في "أميركية دبي"

GMT 09:15 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أيتام «داعش» مَنْ يعينهم؟

GMT 18:04 2021 الإثنين ,29 آذار/ مارس

أخبار من اميركا وعمليات إطلاق النار فيها

GMT 04:00 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

موصفات سيارة كايلي جينر الرولز-رويسمن طراز Wraith
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia