من اينيسكيلين إلى موسكوأشهر الحسوم الثلاثة

من اينيسكيلين إلى موسكو..أشهر "الحسوم" الثلاثة

من اينيسكيلين إلى موسكو..أشهر "الحسوم" الثلاثة

 تونس اليوم -

من اينيسكيلين إلى موسكوأشهر الحسوم الثلاثة

عريب الرنتاوي

اتفق الزعيمان الأمريكي والروسي على نقطة واحدة فقط: إرجاء البحث في القضية السورية حتى سبتمبر/أيلول القادم..من الآن وحتى موعد اللقاء الثاني بين الرجلين في موسكو، سيكون التفاوض بين العملاقين بـ"النار"، وعبر مروحة واسعة من الوكلاء والوسطاء، السوريين والإقليميين والدوليين، وسيعمد كل منهما على "إقناع" الآخر، بأن استمراره على مواقفه بات أمراً مستحيلاً..المعركة الآن على الأرض، وليست على موائد التفاوض، والكلمة العليا للرصاص والصواريخ والسيارات المفخخة، وليس للدبلوماسية و"الغرف المغلقة". اللغة تغيرت بتغير المواقف والمواقع والسياسات..واشنطن لن تسمح بهزيمة المعارضة، حدها الأعلى إسقاط الأسد، وحدها الأدنى "استعادة التوازن" الذي اختل في ضوء نتائج معركة القصير..في المقابل روسيا لن تسمح بهزيمة النظام، وهي مستعدة للإلتزام بمنع "فرض منطقة حظر جوي" بعد أن كانت تنظر لهذه المنطقة، بوصفها "عقبة على طريق جنيف 2" لا أكثر. من الآن وحتى أيلول القادم على أقل تقدير، ستتحول سوريا إلى ساحة لسباق التسلح، سيتدفق المقاتلون بالآلاف على ضفتي الخندق المذهبي (ومختلف الخنادق) لمواجهة معارك الحسم و"الأيام الحسوم"..لن يبخل الحلفاء الكبار على المقاتلين بأجود أنواع السلاح وأكثره فتكاً و"حداثةً"..لن يبخلوا عليهم بالمال الحلال والحرام..ستحتدم المعارك في قلب حمص وحلب ودرعا وعلى تخومها وأريافها..سينشط الانتحاريون في تلبية "نداء الواجب"، وسيكثف حزب الله وحلفاؤه "جهاد الواجب"، وقد يصبح فرض عين وليس فرض كفاية..ستنفجر السيارات المفخخة في كل مكان، وسيعم القتل المذهبي مناطق عديدة من سوريا، وربما تتطاير شراراتها وشظاياها شرقاٌ (العراق) وغرباً (لبنان) وجنوباً (الأردن) وشمالاً (تركيا)..إنها أشهر الحسم الثلاث، ومن يخرج منها منتصراً، أو على الأقل "محتفظاً بوزنه وتوازنه" قد يجد له مقعداً "وثيراً" على مائدة "جنيف 2"، إن قُدّر لهذا المؤتمر أن يرى النور، في نهاية هذه "المُهلة" الدامية. الفرز يزداد عمقاً واتساعاً، وهو كشفرتي المقص، كلما تباعدتا، إحداهما عن الأخرى، كلما ازدادت خطورتهما، وكلما تعاظمت قدرتهما على "القطع" و"البتر" و"الإدماء"..ويوماً إثر آخر، يتخلى المترددون عن ترددهم، ويُطَلّق المزيد من العقلاء، عقولهم..وتذهب دول وحكومات وأفراد وجماعات، إلى حيث لا يريدون ولا يتمنون. حماس (من ضمن الإطار الإخواني الأوسع)، خرجت عن بقايا ترددها، خاطبت حليفها السابق وداعمها الرئيس: حزب الله، بمضمون الرسالة ذاتها، التي وجهها للحزب، كل من محمد مرسي ويوسف القرضاوي: أخرجوا من لبنان، فقد فتح تدخلكم الباب للفتنة الكبرى..ولا شك أن موقفاً كهذا، سيجري تلقفه من عواصم إقليمية ودولية، ترغب في تكريس انتقال حماس، من خندق المقاومة إلى خندق "التسول والتوسل"، وبصورة لا رجعة فيها على الإطلاق. نوري المالكي، الذي يعرف تماماً حكاية "الثور الأبيض الذي أكل يوم أكل الثور الأسود"، لم يجد حرجاً في دعوة "فقهاء الظلام" للإفتاء بالجهاد ضد إسرائيل، بدل الجهاد ضد "الروافض والنصيريين"، مقامراً بذلك بعلاقاته المتوازنة التي نجح في نسجها ما بين واشنطن وطهران، بل ومجازفاً باستعداء واشنطن و"اللوبي إياه"، وجوقة واسعة من الحلفاء والأعوان والمخبرين، ضد الرجل الذي لم تكن تنقصه المشاكل في بلده، ليفتحها على نطاق واسع، مع بعض دول الإقليم ولاعبيه واللاعبين فيه..لكن الرجل تصرف كما لو كان ظهره للجدار، ومن على قاعدة "لا بُدَّ مما ليس منه بُدُّ"، فهامش المناورة تقلص، والتطورات في الإقليم تتجه للحظة "من ليس معنا فهو ضدنا". هي الحرب الباردة، تعود بكل مفرداتها وتحالفاتها وأجوائها..روسيا تواصل دور الاتحاد السوفياتي القديم..واجتماعات الثمانية الكبار (والعشرين الكبار)، تستبدل قمم الأمن والتعاون الأوروبي والقمم السوفياتية – الأمريكية.."معسكر المقاومة والممانعة" يحل محل معسكر "حركات التحرر الوطني" في ستينييات القرن الفائت وسبعينياته..أما معسكر "الرجعيات العربية"، فيحل محله "محور الاعتدال العربي"..فيما الحركات الإسلامية من سلفية وإخوانية، تسترد تحالفات الحرب الباردة، وتصطف تحت مظلة "الاعتدال" وتحت الراية الأمريكية..أما إسرائيل، فهي في المرتين، ركن ركين من التحالف "الغربي- الرسمي العربي- الإسلاموي"، وإن كانت "الغائب الأكثر حضوراً"، من بين جميع الحاضرين في خنادق هذا المحور ومعاركه. أشهر ثلاثة، كفيلة بمعرفة قدرة النظام في دمشق على "الممانعة والمقاومة" في وجه محاولات إسقاطه وتغييره هذه المرة..وهي فترة كافية للحكم على مستقبل المعارضة السورية وقدرتها على التماسك كما يراهن حلفاؤها، أم ستظل سائرة في طريق التفسخ والتشظي الذي ما توقفت عن السير عليه، هل ستخرج بهوية وطنية جامعة ومشروع مشترك لمستقبل سوريا والسوريين، أم أنها ستتحول إلى "اسم حركي" للجماعات الجهادية من شتى المدارس والأجناس والملل والنحل..هل سيبقى أردوغان "سلطان تركيا غير المتوّج" وتستكمل قطر إجراءات نقل السلطة من الأب لابنه، أم أن الرجلان سيخرجان من المسرح السياسي، قبل خروج الأسد أو إخراجه. ثلاثة أشهر كافية، لاختبار معزى انتخاب حسن روحاني رئيساً لإيران من الجولة الأولى، والتعرف عن كثب على "الروحانية"، وهل هي مرحلة جديدة في تاريخ الثورة الإسلامية الإيرانية، أم أنها امتداد دبلوماسي ملطف لـ"ولاية الفقيه" واستراتيجية الدولة الإيرانية ومصالحها العليا التي لا تتبدل بتبدل الأشخاص، كما يقول كثيرون..وسيتضح أكثر فأكثر، ما إذا كانت إيران / روحاني، ستحافظ على التزامات ومسارات وطموحات إيران / نجاد، بدءاً من سوريا وانتهاءً ببرنامجها النووي، أم أن قاعدة "لكل شيخ طريقته" ستفعل فعلها. ثلاثة أشهر ستكون كافية على ما يبدو، لمعرفة ما إذا كان "نظام القطب الواحد" قد أخلى مكانه لنظام "القطبين" أو "التعددية القطبية"، أم أن الأمر برمته مجرد "أضغاث أحلام" أو "تفكير رغائبي" في أحسن الحالات..ألم يخسر صدام حسين الكويت والعراق وعائلته وحياته جراء خطأ قاتل في الحساب، اقترفه في لحظة انتقال العالم من نظام الحرب الباردة إلى نظام القطب الواحد؟!..فهل يكرر بشار الأسد الخطأ ذاته، ظناً منه أن العالم قد دخل فعلاً في "نظام القطبين" أو "التعددية القطبية"، أم أن الرجل قد يصيب في تقديراته التي طالما تحدث عنها وراهن عليها، وأن العالم قد "طلّق" فعلاً نظام الأحادية القطبية، ودخل من دون أن يدري كثيرون، مرحلة "التعددية القطبية"، فينجو بنفسه وعائلته ونظامه وما تبقى له من حطام سوريا؟. أشهر "حسوم" ثلاثة، كفيلة بـ"القطع" و"الجزم"، بيد أنها ككل المُهل الزمنية في عالم الحرب والسياسة والدبلوماسية، ليست مُهلاً مقدسة، وهي تظل على الدوام، من النوع القابل للتأجيل والتمديد والتجديد، وأحسب أن هذا هو الجزء الأكثر سوداوية من صورة الوضع السوري المتردي. نقلا عن مركز القدس للدراسات السياسية  

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من اينيسكيلين إلى موسكوأشهر الحسوم الثلاثة من اينيسكيلين إلى موسكوأشهر الحسوم الثلاثة



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 00:00 2016 الخميس ,22 كانون الأول / ديسمبر

عليك النظر إلى المستقبل البعيد واختيار الأنسب لتطلعاتك

GMT 04:00 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

مستقبل إردوغان

GMT 13:21 2021 الخميس ,22 إبريل / نيسان

عملاق صيني للطرق الوعرة سيظهر العام الجاري

GMT 11:08 2021 السبت ,05 حزيران / يونيو

شركة كيا تكشف عن النسخة الأحدث من طراز K5

GMT 12:43 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة شخص وإصابة 2 بتصادم 3 سيارات في دبي

GMT 06:02 2012 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق تعاون بين الأردن والكويت

GMT 12:58 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

آلات قطر الإعلامية والدينية.. والتحريض على مصر وجيشها

GMT 07:04 2021 الجمعة ,29 تشرين الأول / أكتوبر

كثرة التنقل
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia