ليبيا وصراع المحاور الإقليمية

ليبيا وصراع المحاور الإقليمية

ليبيا وصراع المحاور الإقليمية

 تونس اليوم -

ليبيا وصراع المحاور الإقليمية

عريب الرنتاوي

كان يمكن للأزمة الليبية أن تأخذ منحى أقل عنفاً وأقصر مدى، لولا حروب المحاور والعواصم المحتدمة على الأرض الليبية، والتي بلغت ذروة جديدة، مع قيام الجنرال المتقاعد خليفة حفتر، بشن هجمات عسكرية منظمة في بنغازي وطرابلس، وصولاً إلى اقتحام المؤتمر الوطني واعتقال رئيسه وستة من أعضائه، وإعلانه إطاراً غير شرعي، مع كل ما انبثق عنه من قوانين ومؤسسات وقرارات.
لا ندري كيف بمقدور ضابط متقاعد، أن يمتلك كل هذه "الدالّة" على قوات نظاميه بهذا الحجم والاتساع، وأن يمتد نفوذه إلى سلاح الجو ... لكنها ليبيا، بلد المفاجآت، منذ القذافي وحتى يومنا هذا ... ليبيا الغارقة في صراعات القوى السياسية من علمانية وإسلامية، وجيوش محتربة من المليشيات والعشائر ... ليبيا التي تركها القذاف وأنجاله ومساعدوهم، خراباً صفصفا.
على أية حال، لا يمكن النظر لحركة حفتر، أو بالأحرى انقلابه، إلا بوصفها تعبيراً عن حروب الوكالة التي تدور طاحنة بين المحاور على أكثر من ساحة عربية ... بين معسكر/ محور، يدعم الإخوان المسلمين ويجد تأييداً من دولة خليجية وأخرى إقليمية وازنة، وآخر جعل من الإخوان، عدوه الرئيس، حتى أنه بات ينظر للعالم من زاوية: من هم مع الإخوان ومن هم ضدهم، والمؤكد أن كل من يدعم الإخوان ولا يجرمهم، هو عدو لهذا المحور، وكل من يناصبهم العداء، هو مشروع صديق على أقل تقدير، أما عن الدول القائدة لهذا المحور/ المعسكر، فلم تعد خافية على أحد.
لا شك أن إخوان ليبيا، يتمتعون بنفوذ وازن في مؤسسات "العهد الليبي الجديد"، أو في ليبيا ما بعد القذافي، وبخلاف العلمانيين، فإن إخوان ليبيا، لديهم قوى شبه عسكرية وميليشاوية أكثر نفوذا وتسليحاً، وقد جعلوا من ليبيا ملاذاً شبه آمن، ولا نقول آمناً – لا مكان آمن في ليبيا - لإخوان مصر وغيرهم، وهذا أمر أقلق دول المحور المذكور، الذي يحظى بنفوذ قوي في ليبيا، ولديه من الأدوات والمليشيات، بل والحضور المباشر، ما يجعل منه، لاعباً مباشراً ووازناً في الأزمة، مستنداً في كل ما يفعل، إلى اقتدار مالي هائل، أكسبه دوراً إقليمياً ودولياً، لم يكن يحلم به يوما.
حفتر، وعلى طريقة جميع الانقلابين، أصبغ على انقلابه، صفة شرعية بامتياز، ونزع هذه الصفة عن كل من وما في ليبيا من مؤسسات، باستثناء الأمن والجيش الناشئين ... وهو أصدر البيان رقم واحد، وأتبعه باعتقالات واشتباكات ... حل المؤتمر المنتخب، الشرعي برغم انتهاء مدته الدستورية، طالما أنه الإطار الوحيد الذي ما زال يجمع الليبيين على مائدة واحدة ... وشرع في إعداد دستور جديد للبلاد، على مقاس انقلابه وبما يخدم مراميه ... والأهم من كل هذا وذاك وتلك، أنه خاطب "غريزة" المجتمع الدولي المتوجس خيفة من الإسلاميين، وتحديداً التيارات الجهادية منهم، فنسب إلى نفسه "رسالة" محاربة الإرهاب، وأحسب أنه سيسعى لكسب الشرعية والاعتراف والدعم، عبر هذه البوابة.
الحركة السريعة التي قام بها حفتر، والتقدم الهائل الذي حققه في غضون أقل من أربع وعشرين ساعة، يشّفُ عن حجم الدعم والتغطية اللذان يحظى بهما الرجل ... مثلما يتكشف عن هشاشة مختلف الأطر السياسية والمدنية والعسكرية والأمنية في ليبيا ما بعد القذافي ... لكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح، هو: هل تحظى حركة حفتر بأي دعم جدي من قبل المجتمع الدولي، إلى جانب الدعم الذي يحظى به من قبل حفنة من الدول العربية المعروفة تماماً؟
الغرب لم يضع حتى الآن، توقيعه على السياسات والبلاغات التي تصدر عن عواصم عربية وتستهدف حظر الإخوان وشيطنتهم ووصفهم بالإرهاب ... ولا ندري ما إذا كان أعطى "ضوءً أخضر" لحفتر وداعميه، للقيام بهذه الحركة الانقلابية أم لا؟ ... كما أننا لا ندري إن كان لانقلاب حفتر أن يحسم أمر السلطة والقيادة لصالحه، أم أننا سنكون أمام محاولة فاشلة جديدة، تضاف إلى سلسلة لا تنتهي من الانقلابات "الكرتونية".
 

 

 

 

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليبيا وصراع المحاور الإقليمية ليبيا وصراع المحاور الإقليمية



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia