عن المشاورات والحكومة البرلمانية

عن المشاورات و"الحكومة البرلمانية"

عن المشاورات و"الحكومة البرلمانية"

 تونس اليوم -

عن المشاورات والحكومة البرلمانية

عريب الرنتاوي

من يتتبع “بورصة” الاستشارات النيابية المشتعلة هذه الأيام على إيقاع “الحكومة البرلمانية”، لا بد أن يستذكر المثل الشائع: “لا يمكنك صنع العجة من دون بيض”..فالحكومة البرلمانية بحاجة لكتل برلمانية صلبة، وهذ هو الإفراز الطبيعي للقوائم الحزبية المتنافسة في الانتخابات..وفي غياب هذه وتلك، يصبح الحديث عن “حكومة برلمانية” محاولة لوضع العربة أمام الحصان. لكن هذه المشاورات، على ما يصاحبها من مواقف ومقترحات ، تكفي لإعطاء فكرة أوضح عن حالة “التجريف” و”التجويف” التي تعيشها الطبقة السياسية الأردنية.. كنت من قبل أعتقد، أن فراغ النخبة، ظاهرة تختص بمكون دون آخر من مكونات المجتمع الأردني، ، لكن أول تجربة للقوائم والكتل والمشاورات والحكومات البرلمانية، دللت على أننا أمام ظاهرة “وطنية” بامتياز، تعاني منها مختلف المكونات والشرائح الاجتماعية..فالدولة – مصنع النخب – تعجز في ظل سياسة الإفراغ من “الساسة” و”السياسة”، عن تقديم أجيال متعاقبة من النخب السياسية القادرة على النهوض بأعباء المرحلة، وقد آن الأوان، لتغيير الأدوات والمناهج المعتمدة في إعداد النخب وإنتاجها. لقد وضِعَ الأردنيون أمام اختبار صعب، بل ومحرج، ولأول مرة -منذ ستة عقود- بات يتعين عليهم “اختيار حكومتهم”، من دون أن يمتلكوا الأدوات الضرورية التي تمكنهم من فعل ذلك..ومن دون أن يتملكوا الآليات التي ستساعدهم على إجادة الاختيار وتصويب المسار. المشكلة لا تكمن في العبدلي، فهذا البرلمان هو الابن الشرعي لذاك القانون الذي جاء به..والإعاقة التي تصيب الكتل النيابية، وتجعل منها ضرباً من “الكثبان الرملية المتحركة”، هي النتاج المنطقي لذاك القانون..اذ يجب التفكير ملياً في قانون الانتخاب العاجز بنيوياً عن الإتيان ببرلمان سياسي/ حزبي/ برامجي، برلمان تتوزعه كتل صلبة، ذات بنيان حزبي، فكري، سياسي وبرامجي. ستنتهي تجربة المشاورات والحكومة البرلمانية، كما انتهت أول تجربة أردنية لاعتماد نظام انتخابي مختلط..تقدم طفيف وإصلاح لا يكفي..فالقوائم الـ61 المغلقة التي تنافست على 18 بالمائة فقط من مقاعد المجلس الـ17، تحولت إلى نوعٍ من “الدوائر الوهمية الوطنية”، صارت دوائر مصممة لإيصال حامل الرقم “واحد” إلى سدة البرلمان، تحت مسمى “القوائم الوطنية” التي هي (غالبيتها) في واقع الحال “دوائر محلية” بمسمى وطني عام. مثل هذه القوائم، واستتباعاً الكتل، غير مؤهلة للخوض عميقاً بتجربة “الحكومة البرلمانية”، فما يجري تداوله اليوم، هو فيض من الأسماء، التي يجرى طرحها واستعراضها بصورة كيفية ، من دون أن يكون ذلك مصحوباً بالبحث في توجهاتها وبرامجها وخطط عملها..وأتحدى أن يكون أي من الأسماء التي يجرى تداولها، قد توافر على رؤية للخروج بالبلاد والعباد من عنق الزجاجة الذي يعتصرها ويعتصرهم. أياً يكن من أمر، فنحن أمام تجربة مشوّقة، نستطيع من خلالها التعرف على “حالنا” بصورة أفضل من أي وقت مضى، وهي تجربة قد تحمل في طيّاتها طابعاً تأسيساً إن توافرت النية والإرادة لتطوير الحياة السياسية، وأحسب أن نقطة البدء في هذا المسار، تتجلى في الانكباب على تعديل قانون الانتخابات، لتعديله وتطويره، من وحي دروس الانتخابات وتجربة القوائم والكتل، وأول محاولة لولوج عتبات الحكومات البرلمانية..من دون ذلك نكون قد حكمنا على التجربة بالفشل، حتى قبل أن نوفر لها مقومات النجاح ومقدماته.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن المشاورات والحكومة البرلمانية عن المشاورات والحكومة البرلمانية



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia