عباس والزعنون و«النظام» ثالثهما

عباس والزعنون و«النظام» ثالثهما

عباس والزعنون و«النظام» ثالثهما

 تونس اليوم -

عباس والزعنون و«النظام» ثالثهما

عريب الرنتاوي

الموقف الذي اتخذه رئيس المجلس الوطني الفلسطيني الأخ سليم الزعنون (أبو الأديب)، أثار ارتياح أوساطٍ فلسطينية واسعة، فالرجل رفض حكاية «المجلس سيد نفسه»، وأصر على الالتزام بالنظام الأساسي لمنظمة التحرير، والذي أوضح على نحو لا يقبل اللبس، ما الذي يمكن أو لا يمكن فعله في الدورة الاستثنائية للمجلس... الزعنون كان واضحاً: إما الذهاب إلى دورة عادية بنصاب، وحينها يصح القول بان المجلس سيد نفسه، أو الذهاب إلى دورة استثنائية وعندها يصبح «القانون سيد نفسه».

والنظام الأساسي للمنظمة لا يجيز لدورة استثنائية تلتئم «بمن حضر»، أن تنتخب لجنة تنفيذية جديدة لمنظمة التحرير، فصلاحيات المجلس في حالة كهذه، تقتصر على «ملء الشواغر» لا أكثر ولا أقل ... لكن مشكلة القيادة الفلسطينية، تتمثل في رفض من تريد إقصاءهم تقديم الاستقالة، واستقالة المحسوبين عليها فقط، ما يعني أن كل هذه الجلبة حول انعقاد عاجل للمجلس، لن تقدم ولن تؤخر.

يبدو أن الرئيس عباس جنح للموقف المعلن لأبي الأديب، والذي شهدت فصائل وأعضاء كبار في المنظمة بصلابته، فقرر الذهاب إلى دورة عادية بنصاب كامل، على أمل ألا تعرقل إسرائيل وصول الأعضاء إلى الضفة الغربية، وألا تعمد حماس على منع الأعضاء من مغادرة قطاع غزة ... إن لم يكتمل النصاب، ستكون أمام موجة جديدة من الأسئلة والتساؤلات حول شرعية الانعقاد والنتائج المترتبة عليه.

قرار الزعنون يحفظ للمؤسسة الفلسطينية بعضاً من «ماء وجهها» المراق على مذبح الاستخفاف والاستعجال، وإن كان من غير المتوقع أن يحدث استدارة في مسار تطور الأحداث على الساحة الفلسطينية، فصفة الاستعجال ستظل تطارد الدورة القادمة للمجلس الوطنية، عادية كانت أم استثنائية، والأهداف التي من أجلها طالب كثيرون، ومنذ سنوات، بعقد المجلس، ليست مدرجة في الأصل على جدول أعمال دورته القادمة، أياً كان توصيفها القانوني.

من الواضح تماماً أن هناك نية لعقد دورة استثنائية للمجلس ولكن على شاكلة وطراز دوراته العادية، من الناحية القانونية (اقرأ الشكلية) على الأقل، والحديث يدور عن مهلة أسابيع لا تزيد عن أصابع اليد الواحدة، وربما قبل سفر الرئيس إلى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة، ولا أدري ما الصلة بين هذه وتلك ... من الواضح تماماً، أن هذه الفترة القصيرة، لن تسمح بإجراء المشاورات والاتصالات الكافية، ولا بسبر أغوار الفصائل وطرفي الانقسام، كما أنها لن تكون كافية على الإطلاق، لتنفيذ ورشات عمل انتخابية في دول الشتات، لتمكين فلسطيني اللجوء والمهاجر من اختيار ممثليهم ... والمؤكد أنها ليس كافية لإجراء المراجعات المطلوبة للمرحلة الفائتة بنجاحاتها وإخفاقاتها، ولا لرسم معالم طريق للمرحلة المقبلة، الأكثر صعوبة في مسار الكفاح الوطني للشعب الفلسطيني.

سنكون أمام دورة استثنائية ولكن بمسمى دورة عادية، هدفها إجراء بعض التغييرات في المواقع والأسماء والشخوص، لضمان خروج بعض المناكفين، وإدخال أكثر الموالين ولاءً إلى حلقة صنع القرار، فلا معنى للاستعجال والهرولة غير هذا، بدلالة «سابقة الاستقالات» غير المحمودة، والتي يمكن اعتبارها واحدة من أسوأ «النصائح» التي قدمت للرئاسة الفلسطينية.

والحقيقة أنني كغيري من المراقبين، فوجئت بمستوى الارتجال والتخبط الذي ميز موقف القيادة الفلسطينية من مسألة «الدورة الاستثنائية» و»الاستقالات الجماعية»، ألم يكن هؤلاء على بينة بأنهم مقبولون على خطوة متعارضة مع صريح النظام الأساسي للمنظمة؟ ألم يطلبوا أية استشارة قانونية بهذا الصدد، أم أن درجة الثقة بالنفس، والسلطوية التي لا رادّ لها، دفعتهم إلى أخذ المسألة بكل هذا الاستخفاف، واثقين من أن سطوتهم الكفيلة بتمرير أي قرار حتى وإن انطوى على مخالفة بيّنة.

والمؤسف أن حال الفصائل الأخرى، بالذات اليسارية، لم يكن أفضل من حال القيادة ... فقد جاءت مواقفها مرتبكة ومحكومة بتبعيتها التامة للقيادة والصندوق، وهو مؤشر خطير على الدرك الذي آلت إليه الساحة السياسية الفلسطينية، بعد سنوات عجاف، من التجريف والتجويف.

أما حماس، المنهمكة في بحثٍ مضنٍ عن «تهدئة مستدامة» في قطاع غزة، فقد داهمتها التطورات الأخيرة وهي ليست في أفضل أحوالها، وهي بالكاد تنجح في تبرير الخطوة التي ستقدم عليها وتهيئة الطريق إليها، بعد أن فقدت «تفوقها» الأخلاقي، وباتت أحلامها السلطوية تطاول الضفة الغربية إذ اطمأنت إلى استمرار تحليقها في غزة على جناحي التهدئة ورفع الحصار.

حالة الكساح الفصائلي في الضفة من جهة و»تورط» حماس بمساعي طوني بلير من جهة ثانية، شجع على الاستخفاف بالمؤسسة والفصائل والنظام الأساسي، وإنها لمفارقة حقاً، أن يأتي الصوت المعارض من حيث لم يحتسب الرئيس عباس، من رئاسة المجلس الوطني الفلسطيني.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عباس والزعنون و«النظام» ثالثهما عباس والزعنون و«النظام» ثالثهما



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia