صيحات نصرٍ سابقة لأوانها

صيحات نصرٍ" سابقة لأوانها"

صيحات نصرٍ" سابقة لأوانها"

 تونس اليوم -

صيحات نصرٍ سابقة لأوانها

عريب الرنتاوي

مبكراً جداً، أعلن النظام السوري، وبالأخص، حلفاؤها وأعوانه في الأردن ولبنان، عن "الانتصار" في المواجهة مع أوباما وإدارته، لقد قرأوا قرار الرئيس الأمريكي إحالة الملف السوري إلى الكونغرس، بوصفه إمارة ضعف وجبن وتردد، ونسجت صحفهم ومصادر، عشرات الأساطير (والنكات) في محاولتها تفسير القرار الأمريكي، ما ينبئ في الحقيقة بسوء القراءة والتقدير، ويخلق أوهاماً فائضة عن الحاجة، ويشكل بحد ذاته، تهديداً قوياً لهذا المعسكر دون سواه. قالوا: أن أوباما تراجع عن قراره بعد أن بلغته التقارير عن عِظَم الترسانة العسكرية السورية، وتنامي قوة الجيش السوري واقتداره ومقدراته ... لكأن الرجل لم يكن يعرف بذلك، أو لكأن الإدارة تفاجأت بما تحوزه سورية من أسلحة ومعدات، مع أن كافة التقارير والمعلومات، تتحدث عن جيش مزود بمعدات متقادمة، باستثناء بعض وحدات النخبة فيه: الفرقة الرابعة والحرس والجمهوري، وبخلاف سلاحي الصواريخ والدفاعات الجوية، يصعب القول أننا أمام جيش حديث وعصري، وثمة تقديرات عسكرية عديدة، لا تجعل من هذين السلاحين، قوة ردع لأي هجوم أمريكي، بدلالة أن إسرائيل، وليس أمريكا، سبق لها أن نفذت سلسلة من الضربات الجوية الموجعة، في العمق السوري، دون أن تفقد طائرة أو يسقط لها صاروخ "طائش"، وأحياناً من دون أن يدري أحد. قالوا: أن واشنطن تخشى التهديدات بتعرض مصالحها للأخطار، خصوصاً بعد أن توالت تهديدات حركات وفصائل، منها فلسطينية، بضرب المصالح الأمريكية في كل مكان ... للتذكير هذا النوع من التصريحات، يصدر للمرة المائة بعد الألف منذ غزو الكويت، وعن القوى ذاتها، من دون أن يقوى أي منها على تنفيذ عملية واحدة، ضد أهداف أمريكية أو غيرها، وحدها القاعدة و"تفريعاتها" تمتلك القدرة والإرادة على تنفيذ مثل هذه العمليات، وهي فعلتها قبل الضربة الأمريكية لسوريا، وستفعلها بعدها، من دون أن يكون لذلك علاقة بما سيقرره أو يذهب إليه، أوباما أو أي من حلفائه. قالوا: أن إيران أبلغت من تحدث معها من الوسطاء وأصحاب المساعي الحميدة، بأن سورية خط أحمر، وأن محاولة إسقاطها ستنتهي إلى انمحاء إسرائيل عن الخارطة، وبنوا على ذلك توقعاتهم بأن طهران ستدخل الحرب إلى جانب سورية، إن شعرت بأن قدرات دمشق غير كافية لصد العدوان ... مثل هذا الاستنتاج فيه قدر هائل من المبالغة، وإيران ليست بوارد المقامرة بتعريض نفسها لعدوان واسع متعدد الجنسيات، كرمى لسورية أو لنظام الأسد، بيد أنها ستفعل ما بوسعها لمساعدته وإسناده حتى النهاية، ولكن تحت سقف "عدم الانجرار إلى حرب لا تريدها". قالوا: أن سورية هي خط الدفاع الأول عن موسكو، وأن روسيا لن تسمح بسقوطها وإسقاطها، وأن روسيا اليوم غير روسيا زمن الحرب على العراق أو صربيا، هذا صحيح، ولقد استشهدوا بحشد قوات روسية بحرية على مقربة من الشاطئ الشرقي للبحر المتوسط، لكن من قال أن روسيا تنوي الدخول في حرب ذوداً عن سورية، وهل يمكن للقوة العظمى الثانية، أن تقامر بإشعال حرب عالمية ثالثة من أجل سورية، أو من أجل مصالحها في سورية ... روسيا دعمت، وستدعم الأسد حتى النهاية، ولكن مرة أخرى، دون المقامرة بدخول الحرب أو الانخراط فيها. قالوا: أن حزب الله، وحزب الله وحده، هو مبتدأ جملة المقاومة والممانعة وخبرها، وأنه سيدخل الحرب مع إسرائيل، إذا ما شعر بأن حليفه وشريان حياته، مهددان بالسقوط والانسداد ... لكن المتأمل في وضع حزب الله، بعد أن توزعت قواته على جبهات متعددة، غير جبهاته المعتادة، وبعد أن فقد الغطاء السياسي الوطني اللبناني، وبعد أن أحيط بكل الأطواق التي أمكن فرضها من حول عنقه، لبنانياً وعربياً وإقليميا ودولياً، لن يكون في وضعية من يفكر بفتح معركة حياة أو موت مع إسرائيل ... حزب الله اليوم، قد يكون أقوى عدداً وعتاداً مما كان عليه في تموز 2006، بيد أنه بلا شك، أضعف شعبياً وسياسياً وأمنياً وإعلامياً، والأهم أنه بلا غطاء، غير الغطاء السوري الإيراني. سورية ستقاوم الضربة الأمريكية، والجيش السوري سيقاتل دفاعاً عن نفسه ونظامه ووطنه، هذا أمر لا شك فيه ... لكن كيف سيحارب هذا الجيش ومن سيضرب، إن كان "العدو" خارج مرمى مختلف أنواع الأسلحة التي يمتلكها السوريون؟ ... كيف سيقاتل الجيش "الغزاة الأمريكيين" إن كانوا سيضربونه عن بعد مئات أو ألوف الكيلومترات؟ ... هل سيبحث عن أهداف في لائحة حلفاء أمريكا، بعد أن يعزّ عليه ضرب أمريكا مباشرة؟ ... من هم هؤلاء الحلفاء؟ ... هل يقامر بضرب إسرائيل فيفتح على نفسه جميع أبواب جهنم، أم أنه سيعمد إلى ضرب دولاً عربية مجاورة، بعد أن يكون قد أسقط في يده، وقرر اللجوء إلى "الخيار الشمشوني بهدم المعبد". قليل من التعقل والحكمة في قراءة الموقف وتقديره، يبدو متطلباً ضرورياً من متطلبات مواجهة العدوان، وبغير ذلك، سنكون كمن يشاهد فيلم "العراق 2003" للمرة الثانية.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صيحات نصرٍ سابقة لأوانها صيحات نصرٍ سابقة لأوانها



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia