زلزال تركيا  ثلاثة سيناريوهات

زلزال تركيا ... ثلاثة سيناريوهات

زلزال تركيا ... ثلاثة سيناريوهات

 تونس اليوم -

زلزال تركيا  ثلاثة سيناريوهات

عريب الرنتاوي

كثيرون هم الذين ارتسمت الابتسامة على وجهوهم ليلة أمس، وهم يتابعون أخبار التراجع الذي طرأ على مكانة حزب العدالة والتنمية التركية بزعامة رجب طيب أردوغان في الانتخابات الأخيرة ... الأسد والسيسي، ربما ذهبا أبعد من ذلك، وكذا الحال في طهران وبغداد وضاحية بيروت، والمفارقة (الأولى) أن عواصم خليجية عدة، باستثناء الدوحة، ربما تكون قد رسمت ابتسامة خفيفة على مُحيّاها... المفارقة (الثانية)، أن إسرائيل وإيران وحزب الله، يتشاطران، كل من موقعه، الرغبة في رؤية نهاية أسطورة الزعيم العثماني الجديد، وقد تسنى لهم ذلك.

عواصم الغرب بدورها لم تشعر بأي أسى أو أسف، للصفعة التي وجهها الناخبون الأتراك لطموحات “السلطان”، فتركيا في السنوات الأخيرة لحكمه، بدأت تتجه صوب  نظام حكم هجين، مزيج بين ديمقراطية تتراجع وأوتوقراطية تطل برأسها، متدثرة بحجاب سميك من “ثيوقراطية سُنيّة” ... تعامل أردوغان مع أزمات الإقليم، وخطابه الآخذ في التوغل في المذهبية، وردات فعله النزقة على بغض الأزمات الدبلوماسية، كانت مبعث قلق عموماً، سيما وأنها تزامنت مع جنوح للحد من حرية الصحافة والرأي والتعبير وضرب استقلالية القضاء وهجمات منظمة على المجتمع المدني والمتظاهرين السلميين منذ أحداث “تقسيم وجيزي”.

روسيا لها أسبابها الكافية للاحساس بالفرح لـ “قصقصة جناحي” الرجل، فهو مسؤول عن إضعاف حليفها في دمشق، وهو “الميسر الأكبر” لحركة داعش والنصرة على الحدود مع سوريا ومنها إلى العراق ... وللرجل مواقف لم تعجب موسكو في أزمة القرم، وهو لا يتوانى عن العبث بالحدائق الخلفية للكرملين في الجمهوريات السوفياتية السابقة .

وحدها قطر وجماعة الإخوان المسلمين بفروعها المختلفة، أحست بالخيبة والخذلان، وقضيتا ليلة غير سعيدة في انتظار نتائج الانتخابات ... والمؤكد أنهما تجريان حساباتهما بدقة، فكثير من رهاناتهما وآمالهما في المنطقة، منعقدة على تركيا، وتحديداً على الدور الخاص المنوط بزعيم الحزب ورئيس البلاد، الذي تكسرت أحلامه في استعادة مجد السلطنة والخلافة والامبراطورية.

والحقيقة اننا أمام أول اختبار للمآلات التي انتهت إليها نظرية “صفر مشاكل”، وكيف تحوّلت في سنوات الربيع العربي الأخيرة، إلى “صفر أصدقاء” ... ردود الفعل الأولية، الرسمية منها وغير الرسمية، ظهّرت على أوضح ما يكون، أن قلق العالم، كان نابعاً من شخص أردوغان وليس من تركيا ولا من الحزب الحاكم أو الحكومة ... تحجيم الرجل الذي قلنا من قبل أنه تحوّل من ذخر لتركيا إلى عبء عليها، هو مصدر هذه السعادة، البالغة أحياناً حد الشماتة، بنتائج الانتخابات التركية.

على أية حال، حزب العدالة والتنمية، تراجع ولم يهزم، فما زال حزباً أولاً وبفارق كبير عن الحزب الثاني ... ومسيرة أردوغان السياسية، لم تُسدَل عليها ستارة النهاية بعد، الرجل لن يعدم وسائل جديدة لاستئناف المحاولة واستعادة الدور ومطاردة الأحلام ... لكنها نكسة كبيرة للحزب وصفعة أشد للرجل ... وهذا ما ينقلنا إلى المفارقة “الثالثة”، وهي أن حصيلة الانتخابات، ستصب في صالح تركيا ومستقبلها ودورها وتحالفاتها، إن لم يقرر أردوغان الانقلاب على نتائج الانتخابات بطريقة من الطرق.

ثلاثة سيناريوهات لما بعد الانتخابات تنتظر تركيا، اثنان منها سيئان للغاية وخطران بشدة على مستقبل تركيا واستقرارها... أول هذه السيناريوهات وأسوأها، يتجلى في إقدام الرئيس مدعوماً بثلث أعضاء البرلمان المنتخب إلى طلب إجراء انتخابات مبكرة بعد 45 يوماً، هذا السيناريو سيكون بمثابة انقلاب ناعم، مغطى بشرعية القانون والدستور وصناديق الاقتراع، مثلما تغطى الانقلاب الناعم في مصر، بشرعية ثورة يونيو وملايين الناس الذين نزلوا إلى الشارع بعد أن تعذر ذهابهم إلى صناديق الاقتراع بسبب تعنت مرسي وجماعة الإخوان.

السيناريو الثاني، الذي لا يقل سوءاً، هو محاولة قوى المعارضة القومية والعلمانية، إقصاء حزب العدالة والتنمية عن الحكم، مستندة إلى توفرها على ما يقرب من ثلثي مقاعد البرلمان ... هذا سيجبر الحزب الفائز في الانتخابات، مكرهاً على الانتقال إلى مواقع المعارضة، وسيترتب على ذلك أزمات في نقل السلطة أو التعامل مع السلطة الجديدة، تركيا لن تشهد الاستقرار في ظل سيناريو من هذا

السيناريو الثالث، الأكثر منطقية، وهو تشكيل حكومة ائتلافية موسعة، تكسر احتكار السلطة والانفراد بها، وتكرس تجربة التناوب والتداول، وتحد من اندفاعة الإسلاميين وزعيمهم، وتلجم مغامراته الإقليمية، وتفتح الباب للمساءلة والمحاسبة في قضايا الفساد وكبت الحريات والاعتداءات على القضاء والصحافة والمجتمع المدني ... هذا السيناريو سيجنب تركيا خطر الانزلاق إلى “الثنائيات” القاتلة، ويؤسس لمرحلة جديدة، من دون دور فردي مقرر لرجل واحد، ثبت بالملوس، أن معظم قراراته الأخيرة، كانت نابعة من إحساس عميق بذاته وزعامته، وخطاب مفخخ بكثير من العقد الشخصية والفردية والثقافية، يعكس درجة عالية من “التقية”، احتاجت عشر سنوات لتشف عمّا في داخلها.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زلزال تركيا  ثلاثة سيناريوهات زلزال تركيا  ثلاثة سيناريوهات



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia