روحٌ مُقاوِمة تنبعث في رام اللـه كذلك

روحٌ مُقاوِمة تنبعث في رام اللـه كذلك

روحٌ مُقاوِمة تنبعث في رام اللـه كذلك

 تونس اليوم -

روحٌ مُقاوِمة تنبعث في رام اللـه كذلك

عريب الرنتاوي

صدى الصمود الأسطوري والمقاومة الباسلة في قطاع غزة، بدأ يتردد في جنبات الخطاب السياسي في رام الله ... من استمع للرئيس عباس في مفتتح الاجتماع الطارئ للقيادة الفلسطينية أمس الأول، ومن قرأ بيانات القيادة واللجنة السياسية، ومن تتبع تصريحات بعض المسؤولين الفلسطينيين حتى أولئك الذين اشتهروا بمواقفهم المتهافتة حيال الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، يدرك أن روحاً جديدة، تنبعث في الأوصال الفلسطينية، وأن الحركة الوطنية الفلسطينية (قد) تكون أوشكت على دخول عتبات حقبة جديدة، ونشدد على (قد) لأننا غير واثقين من أن “كلام الليل لن يمحوه النهار”.
مثل هذا التطور، ما كان ممكناً لولاً الروح المعنوية الوثّابة للشعب الفلسطيني في مختلف أماكن لجوئه وشتاته، وبالأخص في قطاع غزة المجوّع والمُحاصر، الذي يعيش لليوم السابع عشر على التوالي، تحت النار والأنقاض ... ولولا المقاومة الباسلة التي تبديها الفصائل الفلسطينية في مواجهة العدوان البربري على الشعب الفلسطيني، ولقد أوضحت أرقام آخر استطلاع للرأي العام الفلسطيني، أن ثلثي الفلسطينيين في الضفة يرون أن موقفهم من موضوع وقف إطلاق النار أقرب لحماس، وأن 15 بالمائة فقط منهم، يرون أنهم الأقرب إلى موقف الرئيس محمود عباس، لقد حظيت حماس بأفضل تقييم بين الرأي العام الفلسطيني، فيما حصدت الجهاد الإسلامي أفضل تقييم في أوساط النخبة (قادة الرأي) الفلسطينية، وهذه نتائج لا يمكن القفز من فوقها، حتى وإن كانت متغيرة ومتبدلة.
بخلاف استطلاعات نشرها معهد واشنطن عن “عزلة” حماس وميل سكان القطاع لخيارات التهدئة والحلول السياسية، فإن أحداث المواجهة الأخيرة، أظهرت أن “المقاومة” تحظى دائماً بتأييد غالبية مستقرة من الفلسطينيين، سيما عندما لا يكون أمام الفلسطينيين من خيارات سوى الموت برصاص الاحتلال وصواريخه، أو الموت قهراً وكمداً وجوعا ... ومظاهر الاحتفال بأسر الجندي شاؤول آرون، أصدق من أي استطلاع للرأي مهما بلغت حرفيته ونزاهته، وفي ظني أن الشعب الفلسطيني المنقسم منذ سبع سنوات عجاف، لم يكن يوماً على هذه الدرجة من الوحدة والتماسك والتضامن.
الغضب الذي يتسلل بقوة إلى أوساط الفلسطينيين في الضفة، حاسم في تأثيره بلا شك، حتى وإن جاء متأخراً بعض الشيء، وفي ظني أنه حالات التفلت الجماهيري والفصائلي في مدن الضفة وقراها ومخيماتها، تملي على القيادة الفلسطينية مواكبة “المزاج الشعبي” العام، وتفرض عليها الانسجام مع مطالب شعبها، وهذا ما فعلته في بيانها الأخير، عندما أكدت من دون مواربة، تبنيها لجميع مطالب حماس والجهاد، أو بالأحرى لمطالب الشعب الفلسطيني في رفع الحصار ووقف العدوان والإفراج عن الأسرى والمعتقلين، وفتح المعابر والحدود، وبناء الميناء والمطار، فغزة لا يمكن لها أن تظل في سجنها الكبير المكتظ بسكانه، غزة تستحق أن تعيش بحرية وكرامة كسائر خلق الله.
وسيُملي هذا الموقف الفلسطيني نفسه على شروط المبادرة المصرية وبنودها، ومن الأفضل للإخوة في مصر، من الأكرم لمصر ودورها وتاريخيها، أن تضم صوتها إلى الصوت الفلسطيني الموحد، المطالب بإدخال جميع هذه الشروط/ المطالب، إلى متن المبادرة، ويستحق الأمر موقفاً عربياً مماثلاً ... فَكُرَةُ الصمود الفلسطيني بدأت تتدحرج، وتأثيراتها المتلاحقة والمتسارعة، هي التي أبقت جون كيري في المنطقة لعدة أيام، مع أن العالم يغلي بكثير من الملفات والأزمات المفتوحة.
والراهن أن الوزير الأمريكي، أخذ يدرك عمق المأزق الذي تجد واشنطن نفسها فيه، فهي وإن كانت أوقفت وساطتها في المفاوضات، إلا أنها لن تكون قادرة على المقامرة بانتفاضة ثالثة وحرب مفتوحة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مثل هذا الخيار قد يعصف بالسلطة ومؤسساتها واتفاقاتها المبرمة مع الجانب الإسرائيلي، وقد يفتح باب الجحيم على حلفاء واشنطن، وقد يجعل من حماس والجهاد، رمزين للاعتدال الفلسطيني، إذا ما قُدِّر لتيارات أصولية متشددة أن تنفذ من مداخل الفوضى والفلتان إلى عمق القطاع والضفة، وفقاً لما قاله رمضان شلّح قبل يومين على قناة الميادين.
الوقت الفلسطيني من دم ودمار ودموع، لكن عامل الوقت، بدأ يعمل لصالح الفلسطينيين ... وصمودهم وتضحياتهم ودماء أطفالهم، بدأت تفرض شروطها على المبادرات والمبادرين، الوساطات والوسطاء، ويتعزز ذلك كلما لاحت في الأفق، المزيد من بوادر التوحد والانسجام في المواقف الفلسطينية ... وإذا كنّا رجحنا خيار انتصار المصالحة بعد أن تصمت المدافع في مقالة الأمس، فإن تطورات الساعات الأربع والعشرين الفائتة، تجعلنا على يقين بأن المصالحة ستنتصر، ومرامي العدوان الإسرائيلي ستفشل، وقديما قيل “الشجاعة صبر ساعة”، واليوم نقول “الانتصار صبر ساعة”، والفلسطينيون واثقون من النصر، وغالبيتهم وفقاً للاستطلاع ذاته، تقول ما قلناه في مقالة الأمس، غزة انتصرت، الفلسطينيون انتصروا.

 

 

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

روحٌ مُقاوِمة تنبعث في رام اللـه كذلك روحٌ مُقاوِمة تنبعث في رام اللـه كذلك



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia