خيارات إسرائيل القادمة

خيارات إسرائيل القادمة

خيارات إسرائيل القادمة

 تونس اليوم -

خيارات إسرائيل القادمة

عريب الرنتاوي

يخطئ من يظن، أن إجهاز إسرائيل على خيار "الدولة الفلسطينية المستقلة والقابلة للحياة"، سوف يدفع بها للقبول بخيار "الدولة ثنائية القومية"، أو أنه سيكون بمقدورها فرض نظام "أبارتهايد" على الشعب الفلسطيني، بالضد من إرادته وإرادة المجتمع الدولي، وإلى ما شاء الله ... إسرائيل، تلعب على عامل الوقت، أملاً بتركيع الفلسطينيين وكسر إرادتهم، ورهاناً على خروج نفرٍ من بينهم، يقبل بابتلاع فضلات مشروعها التوسعي / الاستيطاني .... ولأنها تدرك إن ذلك أمراً كهذا، عصيٌ على التحقيق، فإنها تفكر من دون شك، بإعادة انتاج تجربة الانسحاب الإسرائيلي الأحادي من قطاع غزة.
ثمة من بين "النخب" السياسية الفلسطينية، من لديه الاستعداد للقبول بدولة البقايا و"فائض السكان"، ولقد سمعنا أصواتاً تتدثر بلبوس "الواقعية السياسية"، تجنح للأخذ بهذا الخيار، بعض هؤلاء يخوض اليوم معارك شرسة ضد الرئيس محمود عباس ومنظمة التحرير وفتح والسلطة الفلسطينية، مستقوياً بمواقف غير مفهوم من بعض الدول الشقيقة ... لكن هؤلاء مهماً علا ضجيجهم، ليسوا من ذوي القامات الطويلة، التي يمكنها الاضطلاع بدور على هذا القدر من القذارة ... الأرجح، إن لم نقل المؤكد، أن طريق هؤلاء مسدود ... مسدود ... مسدود.
دولة الحدود المؤقتة التي تريد إسرائيل فرضها على الشعب الفلسطيني، ومن جانب واحد، ستشكل تحدٍ كبير لمختلف القوى الوطنية الفلسطينية ... وليس مستبعداً إزاء وضع يجد فيه الفلسطينيون أمام انسحاب إسرائيلي من مناطق "أ" و "ب “، وربما بعض مناطق "ج"، أن يطلع علينا من سيقول لنا: وماذا نفعل بهذه المناطق "المحررة"، هل نستجدي إسرائيل لإبقاء احتلالها وإدامته، أم نأخذ زمام المبادرة، وندير مناطقنا بأنفسنا، ونواصل "النضال" من أجل "تحرير" بقية الأراضي المحتلة.
أمثال هؤلاء، يعلمون علم اليقين، أن دولة الحدود المؤقتة، ستؤول بعد عمر طويل، إلى دولة الحدود الدائمة ... كل "مؤقت" في العرف الإسرائيلي، سيتحول إلى "دائم" ما لم يثبت العكس ... هذه خلاصة التجربة الفلسطينية قبل أوسلو وبعده، ومع ذلك، ربما يفضل البعض منّا، العمل بقاعدة ما يدرك كله، لا يترك جُلّه، وقد يجد هؤلاء بعض الدعم، من شرائح وفئات، محبطة ويائسة، أو مستفيدة من بقاء الوضع على ما هو عليه، أو مترددة وخائفة من البدائل والخيارات الأخرى المجهولة.
لنا في تجربة الانسحاب الأحادي الجانب من قطاع غزة، المثل والعبرة ... فريق من الفلسطينيين، كبير نسبياً، حماس على وجه الخصوص، يصر على وصف ما قام به شارون من جانب واحد، على أنه "تحرير" لقطاع غزة ... البعض ما زال يعتقد أن القطاع محرر، مع أنه لا يستطيع مغادرة منزله إلى معبر رفح، ولا يستطيع أن يشعل الضوء في منزله، من دون موافقة إسرائيلية ... البعض الآخر، كان أكثر ذكاء في التعبير عن وجهة النظر ذاتها، فهو يعترف بأن إسرائيل أعادت نشر قواتها من قطاع غزة، بيد أنها لم تعد قادرة بفعل "المقاومة"، على إعادة احتلال القطاع، وكلا المقاربتين، ناقصتين، ولا تصمدان أمام الوقائع العنيدة، وتتجاوزان على حقيقة أن إسرائيل ضاقت ذرعاً بالديموغرافيا الفلسطينية الكثيفة جداً في قطاع غزة، المنتشرة على شريط ضيق للغاية من الأرض الفلسطينية التاريخية.
وربما يطلع علينا من سيعيد إنتاج خطاب "التحرير" الملتبس هذا ... ربما يطلع علينا من يفكر بإعطاء الأولوية "للإنسان" على حساب "الأرض" ... ربما نواجه بمن لديه من اليقينيات ما يكفيه مؤونة التفكير ملياً بمرامي وأهداف أية خطوة أحادية من هذا النوع، تبدو مرجحة اليوم، أكثر من أي وقت مضى.
ذات تصريح غاضب للرئيس عباس، تحدث فيه عن حل السلطة أو تسليم مفاتيحها للاحتلال، خرج السيد موسى أبو مرزوق بتصريح غريب من نوعه، طالب فيه "أبو مازن" بتسليم السلطة لحماس بدل إسرائيل، وهي ستتدبر أمرها ... ليست زلّة لسان أبداً، بل هي امتداد لنظرية "القطاع المحرر"، وتأسيس على نظرية أولوية الإنسان على الأرض، وتعبير عن ضعف "المكون الوطني" في الخطاب الإسلامي لصالح المكون الديني الاعتقادي.
الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي هو صراع على الأرض والإنسان معاً، أية اختلال في المعادلة، تدفع بصاحبها إلى مقارفة ما لا تحمد عقباه من نتائج وعواقب ... إسرائيل ماضية في خياراتها أحادية الجانب، وهي معنية بوجود من يوفر لها بضاعة الأمن والأمان، بصرف النظر عن مرجعيته وهويته الفكرية أو الدينية، ولأنها خطوات أحاديه، فهي لا تشترط بمن يتعامل مع مخرجاتها أن يعترف بإسرائيل أو يقبل بالاتفاقات المبرمة معها، فالأحادية في جوهرها، هي نسف لمنطق الاتفاقيات الثنائية والدولية ... ومثلما تدير إسرائيل ظهرها لسؤال من يدير قطاع غزة، إن كان يوفر "البضاعة" ويفي بالالتزامات المطلوبة، فالأرجح أنها لن تكترث بمن يدير "فضلات" مشروعها الاستعماري – العنصري، شريطة تقديم "البضاعة"، وبصرف النظر عن طريقة تغليفها أو تعبئتها.
ذات يوم، زمن نظام مرسي في مصر، ونفوذ قطر المتزايد في المنطقة، راجت فكرة من هذا النوع، أقله في الأوساط السياسية والدبلوماسية المغلقة نسبياً، وجرى حديث عن إعادة انتاج وتعميم نموذج غزة إلى بقايا الضفة الغربية ... ما حصل في مصر بعد 30 يونيو، وانكفاء الدور القطري، وحالة الارتياح النسبي التي تعيشها السلطة والمنظمة وفتح والرئيس، عرقلت "الفكرة/ المشروع"، بيد أنها لم تقطع الطريق عليه نهائياً، ولن يكون مفاجئاً أن يعود للإطلالة برأسه القبيح من جديد، إن هبت رياح التطورات والانتخابات الفلسطينية القادمة، بما تشتهيه هذه السفن وأصحابها.

 

 

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خيارات إسرائيل القادمة خيارات إسرائيل القادمة



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia