حراك ما بعد إعلان دولة الخلافة

حراك ما بعد إعلان "دولة الخلافة"

حراك ما بعد إعلان "دولة الخلافة"

 تونس اليوم -

حراك ما بعد إعلان دولة الخلافة

عريب الرنتاوي

الإعلان عن قيام "دولة الخلافة الإسلامية"، أثار انقسامات حادة داخل التيار السلفي وخارجه ... مجاميع وشخصيات وفقهاء ومنظرين، انبروا للتنديد بالإعلان وتفنيد مرتكزاته ومراميه ... تيارات إسلامية أخرى، عبرت عن رفضها للخطوة إن لجهة سياقها والظروف التي لابستها أو لجهة الطرف الذي أقدم عليها، من هؤلاء حزب التحرير وبعض فروع الإخوان والجماعة الإسلامية ... مؤسسات علمية كالأزهر، تصدى علماؤه للفكرة "الصبيانية" بكل ما انطوت عليه من استخفاف بأقدار الأمة ومصالحها وأرواح أبنائها.
اللافت أن "إعلان الخلافة" الذي أريد به توحيد الجهود تحت راية الخليفة، على اعتبار أن الخلافة تجبُّ ما قبلها، ساهم في ترسيخ انشقاقات التيار السلفي الجهادي ... أبو محمد المقدسي جادل ضد الإعلان، ومن قبله أدلى "أبو قتادة" بمواقف تدفع للاعتقاد بأن الرجل سائر على سكة المقدسي، ومن المرجع أن تتوالى ردات الفعل هذه، بما يعمق انقسامات هذا التيار، بدل أن توحده.
لكن المفارقة، أن الأمور على الأرض، في "الداخلين"، السوري والعراقي، تسير بخلاف هذا الاتجاه ... فثمة عشرات إن لم نقل مئات المقاتلين والمسلحين، التحقوا بـ "الدولة الإسلامية" منذ الإعلان عن قيام الخلافة وطلب البيعة على السمع والطاعة ... وحدات كاملة من جبهة النصرة بايعت البغدادي، حتى أن بلدة شحيل، معقل الجولاني (ويقال مسقط رأسه)، سلمت أمر قيادها وولائها للخليفة الجديد.
والطريف أن وحدات من المعارضة المسلحة، غير الجهادية، أخذت تلتحق بـ “الدولة"، من بينها وحدات من بقايا الجيش السوري الحر، وحركة أحرار الشام، وغيرها من الجماعات الإسلاموية، التي قررت الانحياز للجانب الأفضل تسليحاً والأكثر اقتداراً من الناحتين المالية والعسكرية، ومن المتوقع أن تكون "داعش" نجحت في تجنيد المئات من المريدين والأنصار، منذ اللحظة التي رفرفت فيها أعلامها السوداء في سماء الموصل وتكريت.
أذاّ، نحن أمام انكفاء "دولة الخلافة" في الخارج، وعزوف حتى أكثر الناس قرباً منها عقائدياً وسياسياً عنها، في الوقت الذي تحقق فيها "الدولة" النجاحات على الأرض، وتتوسع في مناطق جديدة في العراق وسوريا، تلامس الحدود مع السعودية، وتكاد تستولي على آخر شبر من محافظة دير الزور، فيما قطعات عسكرية من "الجهاديين" وغيرهم، تلتحق بصفوفها، وتبايع قادتها على الولاء والسمع والطاعة.
لكن ذلك لا يعني أن السكة باتت سالكة وآمنة أمام داعش في مختلف المناطق وعلى جميع المحاور ... ففي الغوطة الشرقية، يدور قتال عنيف بينها وبين جيش الإسلام، بزعامة زهران علوش، المقرب من بعض الدوائر السعودية ... زهران خطب في عساكره قبل يومين، وأخبرهم بأن من يسقط منهم على أيدي جنود النظام له أجر شهيد، ومن يسقط برصاص "داعش" فله أجر شهيدين، ولا أدري من أين استقى السيد زهران هذه "الرياضيات"، ومن الذي خوّله بإصدار الأحكام والفتاوى، وليس في تاريخه ما ينم عن علم ودراية في شؤون الفقه والحديث وأصول الدين وأحكامه.
على أية حال، تجري المعارك على أشدها بين "دولة الإسلام" و"جيش الإسلام" في داريا ومحيطها ... والمرجح أن النظام سيعطي قواته على هذا المحور إجازة مفتوحة، أو استراحة محارب، إلى أن يقضي الإخوة الأعداء أحدهم الآخر، فتسقط داريا في أيدي النظام "رطباً جنيّا" وهو الذي يحاول منذ أكثر من ثلاث سنوات، كسر شوكتها من دون جدوى.
وتزامناً مع أخبار "الإخوة الأعداء في سوريا" تتوارد الأخبار عن مناوشات وبداية استقطابات بين "الإخوة الأعداء" الذين شنوا سويةً "غزوة نينوى" ... النقدشبنديون يشتبكون مع داعش، وحزب البعث وبقايا النظام القديم يضيقون ذرعاً بتعاليم "الخليفة" وجماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ... ومن المتوقع أن يشهد الجناح العراقي لدولة الخلافة ما سبق أن شهده جناحها السوري، من حروب وتصفيات وإعدامات واغتيالات.
والخلاصة أن "داعش" ومن هم على شاكلتها، قد يستطيعون تدمير دولة أو إسقاط نظام، بيد أنهم عاجزون عن إقامة دولة أو بناء نظام ... قادرون على التخريب كما لم يفعل أحدٌ من قبلهم، بيد أنهم عاجزون عن البناء وتقديم البدائل، ولقد دللت تجاربهم منذ أفغانستان و"أسد بانشير" وحتى يومنا هذا، أنهم يكرهون "البطالة" و"الاستراحات المديدة"، فإن لم يجدوا من يقاتلونه، قاتلوا أنفسهم، وأحياناً لا يمانعون في قتال أنفسهم وشركائهم في العقيدة والدين، حتى وهم في ذروة المعارك مع ألد أعدائهم في العقيدة والدين، ولهذا يمنون دائماً بالهزيمة والفشل الذريع.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حراك ما بعد إعلان دولة الخلافة حراك ما بعد إعلان دولة الخلافة



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia