اليمن يطوي صفحة هادي والمبادرة

اليمن يطوي صفحة هادي و"المبادرة"

اليمن يطوي صفحة هادي و"المبادرة"

 تونس اليوم -

اليمن يطوي صفحة هادي والمبادرة

عريب الرنتاوي

منذ عدة أسابيع، والرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، يبحث عن مخرج له وللحلقة القريبة منه والمحسوبة عليه، من محبسه في صنعاء ... وهو أجرى اتصالات بدول قريبة وبعيدة لهذه الغاية، لكن غموض نوايا الرجل وأهدافه في مرحلة ما بعد الرئاسة، جعلت أطرافاً عديدة، تتردد في منحه ما يريد ... وهذا الغموض هو ذاته، الذي جعل الحوثيون يشترطون عليه ألا يزاول عملاً سياسياً من المنفى، وألا يعود لجنوب اليمن، بل للعاصمة صنعاء، إن هو قرر العودة للبلاد.
في تفسير ذلك، أن هادي الذي وصلت رئاسته لليمن إلى طريق مسدود، يسعى على ما يبدو لتزعم “قوى الحراك الجنوبي” المختلفة، فمن لم يتمكن من حكم اليمن كله، لا بأس أن يفكر في حكم جزء منه: جنوبه على وجه التحديد، سيما وأن الرجل هو أول جنوبي يحكم اليمن كله، ومن صنعاء عاصمة الشامل سابقاً، واليمن الموحد لاحقاً.
انتهت صفحة هادي، وطويت معها المبادرة الخليجية التي جاءت به، وبات مصير مخرجات الحوار واتفاق السلم والشراكة، مفتوحاً على المجهول، بعد أن دخل الحوثيون القصر، وأطلقوا الإعلان الدستوري الأول، وشكلوا مؤتمراً وطنياً سينبثق عنه “مجلس رئاسي” يدير البلاد لسنة انتقالية، يتوافق خلالها اليمنيون حول دستورٍ جديد، وينتخبون رئيساً وبرلماناً جديدين، على الأقل هذا ما جاء به “البيان رقم واحد” للجماعة الحوثية.
القوى اليمنية، أبدت تحفظها في البدء على مشروع الحوثيين لتشكيل مجلس رئاسي ... لكن في اليمن، لا شيء ثابت إلا التغيير، وأعداء اليوم حلفاء الغد، والعكس صحيح ... فحزب المؤتمر الشعبي الذي ما زال يمسك بكثير من مفاصل الدولة والمؤسستين العسكرية والأمنية، كان يفضل العودة إلى البرلمان المنتخب، حيث يحتفظ الحزب ورئيسه علي عبد الله صالح، بالغالبية العظمى من المقاعد، ويبدو أن الرئيس المخلوع، كان يضمر أجندة خفية وراء مشروع العودة للبرلمان، تقوم على انتخاب نجله العقيد أحمد علي عبد الله صالح، رئيساً انتقالياً لليمن ... والمؤكد أن دول جوار عربي لليمن دعمت هذه الفكرة، نكاية بالحوثيين لا حباً بالرئيس المخلوع وأنجاله ... وفي مفارقة غريبة عجيبة، أن من أطاح بالرئيس الأب بالأمس يعيد تقديم الابن لرئاسة اليمن اليوم، وبصورة تذكر، بأن التغيير الذي اقترحته المبادرة الخليجية، لم يتعد في حينه حدود استبدال الرئيس بنائبه، والآن استبدال الرئيس بنجله.
أمام إصرار الحوثيين على رفض مرجعية البرلمان القديم، اضطر الرئيس صالح للانحناء للعاصفة، وثمة معلومات بأنه أخذ يتجاوب مع مشروع “المجلس الرئاسي المؤقت”... أما الحزب الاشتراكي اليمني، أحد أطراف اللقاء المشترك والحراك الجنوبي، فقد أعلن رسمياً قبوله بالمجلس الرئاسي، وثمة خبراء عارفون بالوضع اليمني، يتوقعون أن تحذوا معظم القوى الأخرى، حذو المؤتمر الشعبي و”الاشتراكي”، فيتحقق التوافق اليمني مرة أخرى، ولكن حول مشروع الحوثيين للانتقال السياسي باليمن هذه المرة.
أطرافٌ عربية ودولٌ مجاورة، ما زالت على موقفها الرافض للنفوذ المتصاعد لأنصار الله ... وهذه الأطراف تضع شروطاً أقل ما يقال في وصفها بأنها تعجيزية، من أجل فتح قنوات تواصل معهم ... من هذه الشروط تسليم السلاح الذي غنمته الجماعة من الجيش وسحب ميليشياتها من صنعاء ... رد الحركة الحوثية على هذا الشروط جاء بالتوسع خارج صنعاء إلى محافظات أخرى ودخول القصر الجمهوري وإعلان خريطة طريق انتقالية، ستكون محور اجتماعات مكثفة خلال الأيام القليلة القادمة.
تبدلت المعادلات والتوازنات وموازين القوى المحلية في اليمن خلال فترة قياسية ... الحوثيون باتوا القوة الضاربة بعد خروج صالح من السلطة وتفاقم مأزق حزب التجمع والإصلاح (إخوان اليمن) ... واستتباعاً باتت إيران هي اللاعب الرئيس في اليمن، بعد أن انكمشت أدوار تقليدية نافذة لدول الجوار العربي، الخليجي أساساً في هذا البلد ... ومن أراد أن يبحث في صورة جدية أوضاع اليمن ومستقبلاته، عليه أن يتحاور مع الحوثيين، وألا يستمر بالنظر إليهم كمجموعة من الحفاة والرعاع أو كطابور خامس لإيران، عليه أن يتعامل معهم كمكون رئيس من المكونات اليمنية.
هذا الوضع أدركته الولايات المتحدة على ما يبدو، وهي وإن كانت لا تؤيد خطوات الحوثيين الأحادية وزحفهم الواسع على محافظات يمنية عديدة، إلا أنها أيقنت على ما يبدو بأنها غير قادرة على تجاوز دورهم وحضورهم، فضلاً عن أنها تنظر إليهم بوصفهم حليف محتمل في الحرب ضد عدو مشترك: القاعدة ... وفي ظني أن الأيام القادمة ستكشف عن جوانب مهمة من العلاقات الأمريكية الحوثية، حتى في ظل استمرار الجماعة الزيدية في رفع شعار “الموت لأمريكا”.
على أية حال، لا يكتمل الحديث عن اليمن، من دون المرور بجنوبه المنقسم بين قوى ورموز حراكية، تصر على التقسيم والانفصال، وأخرى، تريد فيدرالية في إطار يمن موحد، أو اتحادي على وجه الدقة ... رموز اليمن الجنوبي، بالأخص آخر رئيسين له، ينتمي أحدهما – علي سالم البيض -لمدرسة “تقرير المصير”، والثاني، لمدرسة اليمن الاتحادي (علي ناصر محمد) ... كلا الرجلين يحتفظ بعلاقات طيبة مع إيران وحلفائها ... البيض يسكن الضاحية الجنوبية لبيروت ولديه علاقات طيبة مع إيران، والثاني اتخذ من دمشق مقراً له، منذ أن غادر اليمن بعد مذبحة مدرسة الكادر الشهيرة.
عبد ربه منصور هادي، كما تقول مصادره، يطرح نفسه كمنافس للرجلين على رئاسة اليمن الجنوبي، أقله البيض، لكن مصائر الرجلين ووضعيهما الصحيين، يطرحان باستمرار احتمالية ظهور مرشح غيرهما، وربما أكثر من مرشح، فلا حدود للتشظي والانقسامات اليمنية، لا حدد لتناسل القوى وتناسخ الفصائل وتعدد الأطر والتحالفات والاتفاقات التي غالباً، لا تساوي الحبر الذي كتبت فيه.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اليمن يطوي صفحة هادي والمبادرة اليمن يطوي صفحة هادي والمبادرة



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:22 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:53 2014 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

"Facebook messenger" سيكون متاحًا لويندوز فون بعد أسابيع

GMT 11:08 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

وقف الهدر والتبذير..شعار الكويت الجديد

GMT 16:21 2019 الخميس ,27 حزيران / يونيو

اجتماع تقني يجمع مسؤولي منتخبَي مالي وتونس

GMT 11:21 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عقدة حياتو والكامرون

GMT 14:25 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

فيلم الرعب "Jigsaw" يحقق 32 ميلون دولار في أسبوع عرضه الأول

GMT 09:26 2017 الخميس ,13 إبريل / نيسان

سوسيج تري كامب السحر الحقيقي للحياة البرية

GMT 20:34 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

"HER" BURBERRY عطر المرأة الجريئة الباحثة عن التميز

GMT 12:54 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

أبسط وأسهل طريقة لاختيار الحجاب الملون بأناقة

GMT 13:37 2012 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

كأس ألمانيا: دورتموند وشتوتغارت وبوخوم إلى ربع النهائي

GMT 03:00 2013 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

ظاهرة "الإرهاب" كلفت تونس 4 مليارات دينار
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia