المشهد السوري يزداد تعقيداً

المشهد السوري يزداد تعقيداً

المشهد السوري يزداد تعقيداً

 تونس اليوم -

المشهد السوري يزداد تعقيداً

عريب الرنتاوي

مستجدات ثلاث، تزيد المشهد السوري تعقيداً ... (1) روسيا تلقي بثقلها العسكري خلف النظام، بعد أن أوضحت بصورة لا لبس فيها، استمساكها به، برغم الضغوط الغربية والعربية ... (2) أوروبا تجنح للقبول بالأسد شريكاً في إدارة الانتقال السياسي لسوريا، بعد أن ظلت على رفضها أي دورٍ له في مستقبل سوريا ... (3) ميدانياً، “داعش” و”النصرة” تحققان اختراقات عسكرية مهمة على جبهتي إدلب ودير الزور، وتمكنتا من انتزاع مطارين في يوم واحد، لا تخفى قيمتهما الاستراتيجية على أحد، فيما دمشق واللاذقية، في مرمى نيران المعارضات ورعاتها العرب والإقليميين.
في التطور الأول، يبدو أن موسكو قررت قطع الشك باليقين، فبعد كل ما صدر عن زوّارها من المعارضات السورية من “تقديرات” عن استعداد الكرملين للتخلي عن الأسد، وبعد كل التكهنات التي تحدثت عن تقارب سعودي – روسي قائم على استبعاد أي دور له في صنع مستقبل سوريا، وها هي تواصل تزويد النظام بشحنات السلاح والعتاد، وتستتبع ذلك، بنشر قوات على الأرض، تارة تحت مسمى “الخبراء” وأخرى بذريعة توفير الحماية لهم.
الرسالة الروسية واضحة تماماً، وهي موجهة لكل من يهمهم الأمر، مؤدّاها أن سوريا هي خط الدفاع الأول عن الأمن الروسي، وأن حرب روسيا الوقائية على الإرهاب، تستوجب حفظ النظام وإبقاء مؤسسات الدولة، وتأسيساً على ذلك، فإنها ستصل إلى نهاية الشوط، في تقديم العون والإسناد للأسد ونظامه.
لن تتورط روسيا في سوريا كما فعلت من قبل في أفغانستان كما يحذر بعض المعلقين والسياسيين... ولكنها لن تقف مكتوفة الأيدي وهي ترى إحدى قلاع نفوذها في المنطقة، تنهار تحت ضربات “داعش” و”النصرة”، وبدعم مباشر من قبل أطراف عربية وإقليمية، وفي ظل موقف دولي يراوح ما بين العجز والتواطؤ، والمؤكد أن دوائر صنع القرار الدولي التي “قلقت” و”استنكرت”، ستقف مطولاً أمام مغزى الخطوات الروسية.
أما التطور الثاني، فيتعلق بأوروبا، فالقارة العجوز التي بدا أنها أصبحت في مرمى الإرهاب الضاربة جذوره في سوريا والعراق، أخذت تتحول إلى وجهة لـ “طوفان اللاجئين”، السوريين منهم أساساً، والذين أخذوا بالتدفق، بعشرات الألوف إلى مدنها وعواصم، وسط تقديرات متشائمة من أن استطالة الأزمة سيرفع أعداد اللاجئين إلى أرقام مليونية غير مسبوقة،وما يفتح الباب رحباً أمام شتى أنواع التهديدات والتحديات... أوروبا هذه، أخذت في تدوير الزوايا الحادة في مواقفها من النظام، وهي عدلت عن “شرطها المسبق” بإسقاط الأسد أو تنحيه كمدخل لإطلاق عملية سياسية انتقالية في سوريا، وباتت تجنح للقبول به شريكاً في الانتقال السياسي والحرب على الإرهاب، إن لم يكن على المدى البعيد فعلى المدى المتوسط، ولعل هذا بالضبط ما عبر عنه فيليب هاموند وزير الخارجية البريطاني، وهو يعكس إلى حد كبير، جوهر المداولات الداخلية في أوساط الدبلوماسية الفرنسية، التي لم تهبط عن قمة الشجرة بعد.
تطوران هامان بلا شك، يصبّان في مصلحة النظام ويرجحان كفته، وربما لهذا السبب بالذات، ترتفع نبرة التصعيد السياسي والإعلامي التي تمارسها بعض العواصم الإقليمية والعربية، مصحوبةً بتصعيد ميداني غير مسبوق وعلى جبهات عدة، لكأننا أمام سباق محموم بين التحولات السياسية والعمليات الميدانية، إذ ليس من باب الصدفة على الإطلاق، أن تتزامن هذه التحولات في المواقف الروسية والأوروبية، مع نجاح المعارضات الأصولية بشكل خاص، في تحقيق اختراقات نوعية على جبهات مهمة، وتحديداً في مطاري دير الزور وأبو الظهور، فضلاً عن مرابطة”داعش” على مشارف دمشق، ونجاح “النصرة” في بسط سيطرتها على محافظة إدلب برمتها، واستئناف “جيش الإسلام” قصف دمشق بصورة شبه يومية بعد عدة أشهر من الهدوء، ووصول صواريخ المعارضات وسياراتها المفخخة إلى اللاذقية وجوارها، ولأول مرة منذ اندلاع الأزمة.
والمؤكد أن هذا السباق المحموم، مرشح للاستمرار لأشهر عديدة قادمة، طالما أن واشنطن لم تحسم أمرها حتى الآن، بانتظار الانتهاء مع معركة الاتفاق النووي مع إيران في الكونغرس ومؤسسات صنع القرار الأمريكي، وهو التطور الذي سيكون له ما بعده، على مختلف ساحات المواجهة المحتدمة، والممتدة من اليمن حتى لبنان، مروراً بسوريا والعراق وليبيا بالطبع.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المشهد السوري يزداد تعقيداً المشهد السوري يزداد تعقيداً



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia