السلطة في بيئة إقليمية غير صديقة

السلطة في بيئة إقليمية غير صديقة

السلطة في بيئة إقليمية غير صديقة

 تونس اليوم -

السلطة في بيئة إقليمية غير صديقة

عريب الرنتاوي

ليست هناك أزمة واحدة ظاهرة في علاقات السلطة الوطنية الفلسطينية بدول الإقليم، عربية كانت أم غير عربية، بيد أنه لن يفوت المراقب عن كثب لعلاقات رام الله مع عدد من العواصم العربية والإقليمية، إدراك أن هذه العلاقات ليست في أحسن حال، وأنها تخفي تحت سطحٍ من الهدوء الخادع، خلافاً واختلافاً في المواقف والأولويات، يصل حد "الأزمة" في بعض الأحيان.
ونبدأ بالعلاقات الأردنية – الفلسطينية أولاً، التي يبدو أنها غادرت "شهر العسل" الطويل، الذي أعقب وصول السيد محمود عباس إلى سدة الرئاسة في فلسطين، حيث تميزت هذه العلاقات بالتنسيق "شبه اليومي"، والقمم المتكررة بين الملك والرئيس، وسادت حالة من الانسجام والوئام، عكرها مؤخراً تباين المقاربات بخصوص بعض الملفات، من "نقل الملف الفلسطيني إلى المنتظم الدولي"، مروراً بقضية الأقصى وكاميراته، وليس انتهاء بانتخابات الفيفا قبل الأخيرة ... اللقاءات نادرة والقمم متباعدة، ومظاهر تراجع الثقة والانسجام، يجري التعبير عنها بـ "الوكالة" عبر قنوات صحفية وإعلامية غير رسمية.
ونمر بالعلاقات مع مصر، التي لا يخفى على أحد، أنها لم تعد منخرطة في ثنايا الملفات الفلسطينية الشائكة والمتداخلة، القاهرة سحبت يدها من ملف المصالحة، حتى وإن كانت النتيجة التي تعرفها سلفاً، التقاط الدوحة لهذه السانحة وانتهازها، وهي تفضل عليها، مصالحة فتحاوية – فتحاوية، تعيد الضابط المنشق محمد دحلان إلى كنف السلطة، وهنا لا بد من التذكير بالقصص التي تروى وتنسج عن "علاقات خاصة ومتميزة" بين الرجل والرئيس السيسي وأجهزة الأمن المصرية المختلفة، حتى أن البعض يصل في "تحليلاته" إلى حد القول بأن الدحلان أقرب إلى القيادة المصرية من الرئيس عباس وفريقه في رام الله.... القاهرة تدرك أن عودة دحلان إلى كنف السلطة، ستجعله "الرجل الثاني" فيها، بترسيم أو من دون مراسم، والمرشح الأوفر حظاً لخلافة عباس.
 
الشيء ذاته ينطبق على دولتي قطر والإمارات العربية المتحدة، الأولى، وإن احتفظت بأكثر من "شعرة معاوية" مع الرئيس والسلطة وفتح، إلا أنها لا تخفي علاقاتها "الحميمة" مع حركة حماس، وتفضيلها الخيار الإخواني في فلسطين، بل وسعيها لحجز مقعد مريح للحركة الإسلامية، في مرحلة "ما بعد عباس" ... أما الإمارات التي تحتضن الدحلان، بعد أن أدخلته في منظومتها الأمنية، فهي تعمل بنشاط من أجل تعزيز مكانة الرجل في الداخل والمنافي، وتدعم فريقاً من الفلسطينيين، يتحضر بنشاط على ما يبدو، للدخول إلى حلبة المنافسة على قيادة المرحلة الفلسطينية التالية.
 
في غياب السعودية عن الملف الفلسطيني، نتيجة لانشغالاتها في حروب المنطقة وصراعاتها الممتدة من اليمن إلى لبنان، مروراً بسوريا والعراق، تواجه السلطة أزمتين في علاقاتها مع كل من تركيا وإيران ... الأولى، وفي سياق رعايتها للمشروع الإخواني في المنطقة، تسعى مع قطر في تظهير مشروع "التهدئة المستدامة" وشق قناة بين قطاع غزة وقبرص التركية، لفك الحصار عن حماس في غزة، وهي محاولة تعهدت السلطة بالعمل على وأدها، لأنها من وجهة نظرها، ستفضي إلى "تأبيد" الانقسام بين الضفة والقطاع.
 
أما إيران، فقد هبط إعلانها تقديم مساعدات مباشرة لشهداء "الهبّة الشعبية" وأصحاب المنازل التي تهدّمها إسرائيل، هبوط الصاعقة على السلطة، التي تبرأت من مواقف وتصريحات أحد قادتها "عباس زكي" في طهران، ورأت في المحاولة الإيرانية، محاولة لتقويض استقرار السلطة، وليس لتدعيم الهبّة أو المقاومة، سيما وأن مسؤولين إيرانيين أفادوا بأن هذه المساعدات ستوجه مباشرة لمستحقيها، وليس عن طريق السلطة "التي لا نثق فيها".

السلطة التي احتفظت بعلاقات طيبة مع تركيا في العقد الأول من تجربة العدالة والتنمية في الحكم، تواجه تحدي انتكاس هذه العلاقات ... والسلطة التي نجحت مؤخراً في مد خيوط مع طهران وترميم الجسور معها، وأرسلت مسؤولين رفيعي المستوى في زيارة متكررة إلى طهران، تواجه احتمال انهيار مساعي التطبيع مع الجمهورية الإسلامية، وترى في قرارات إيران الأخيرة، محاولة لاستجرار المزيد من المياه من تحت أقدامها.
 
يأتي ذلك كله، في ذروة تآكل مكانة السلطة والمنظمة والقضية على الساحتين الإقليمية والدولية، وفي ظل فشل متمادٍ في اجتراح استراتيجيات بديلة، بعد وصلت مسار التفاوض إلى نهاياته البائسة، وتكشفت إسرائيل عن أبشع النوايا والأطماع حيال ما تبقى من أرض الفلسطينيين ومقدساتهم وحقوقهم الوطنية المشروعة.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السلطة في بيئة إقليمية غير صديقة السلطة في بيئة إقليمية غير صديقة



GMT 14:13 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

بعد العاصفة، ما العمل؟

GMT 14:32 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

عمّان التي ستحتفل مرتين!

GMT 15:11 2021 الأربعاء ,07 إبريل / نيسان

الأردن يدخل مرحلة جديدة

GMT 14:41 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

مدرستان في التفكير الإسرائيل حيال الأردن

GMT 14:22 2021 الإثنين ,05 إبريل / نيسان

الأردن وصيانة الاستقرار وسط الحرائق

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia