السعودية وإيران  حرب الإنتاج والأسعار

السعودية وإيران ... حرب الإنتاج والأسعار

السعودية وإيران ... حرب الإنتاج والأسعار

 تونس اليوم -

السعودية وإيران  حرب الإنتاج والأسعار

عريب الرنتاوي

في لقاء مع نخبة من طلبة جامعة الزيتونة من ضمن برنامج «أنا أشارك»، سألني أحدهم ما إذا كان انهيار أسعار النفط، سيفضي إلى حرب خليجية رابعة، مستحضراً السبب الرئيس الذي حدا بالرئيس العراقي الراحل لغزو الكويت في العام 1990، والمتمثل أساساً في انهيار أسعار النفط آنذاك.
والحقيقة أن السؤال آنف الذكر، بات يطرق أبواب الصحافة والافتتاحيات والصفحات الأولى، فضلاً عن الدوائر والأوساط السياسية والدبلوماسية، خصوصاً بعد تصاعد «حرب التصريحات والتهديدات المتبادلة» بين طهران والرياض، والتي جاء آخرها على لسان الرئيس الإصلاحي – المعتدل، حسن روحاني، محذراً السعودية بشكل خاص، من مغبة «دفع ثمن» ما تعتقد إيران أنها حرب نفطية تشنها عليها الدولة المتصدرة لقائمة الدول المصدرة للنفط: السعودية.
كنّا في قمة بغداد عام 1990، عندما اشتعل السجال العراقي – الخليجي (الكويتي أساساً في حينها) حول أسعار النفط، والحاجة لتخفيض الإنتاج لضمان رفع الأسعار ... العراقيون حينها اعتبروا الموقف الكويتي «مؤامرة» عليهم، موحى بها من الخارج وتستهدف تدمير ما تبقى من قدرات العراق، الخارج لتوه من حرب السنوات الثماني مع إيران مثقلاً بالديون واحتياجات إعادة البناء والإعمار ... الكويتيون ردوا الاتهام بالتأكيد أن لا ناقة لهم ولا جمل في حركة السوق، وأن تخفيض الإنتاج الكويتي، لن يحدث فرقاً طالما أن هناك منتجين من داخل الأوبك وخارجها، جاهزون لضخ المزيد من البراميل إلى الأسواق المتخمة.
بصرف النظر عن فحوى السجال العراقي الكويتي، وما إذا كانت الكويت ضالعة فعلاً في «مؤامرة» ضد نظام الرئيس صدام حسين أم لا، وأياً كانت درجة صوابية الاتهام العراقي والرد الكويتي عليه، فإن الحرب اندلعت بعد انفضاض القمة بثلاثة شهور، سقطت الكويت في قبضة بغداد، قبل أن تسقط الأخيرة في قبضة الحصار الدولي المديد، وصولاً لحرب الخليج الثالثة، وسقوط النظام وبقية القصة معروفة.
اليوم، تنظر إيران بكثير من الريبة والاتهامية إلى ما تعتقده «مؤامرة» سعودية، موحى بها من الخارج، ومنسقة مع الولايات المتحدة تحديداً، بهدف إغراق السوق بالنفط الخام، ودفع أسعاره للانهيار، لإلحاق الأذى بالاقتصاد الإيراني، وإرهاق طهران اقتصادياً، لمنعها من القيام بدورها الإقليمي، ولإجبارها على تقديم تنازلات جوهرية، إما في الملف السوري أو في الحوار مع واشنطن حول برنامجها النووي ... الاتهامات الإيرانية للمملكة لا تتوقف عند هذا الحد، بل وتعتبر أن ما تقوم به الرياض، إنما يستهدف موسكو كذلك، وتقريباً للأسباب ذاتها.
اليوم، يتمدد الصراع بين قطبي العالم الإسلامي، السني والشيعي، إلى ساحات جديدة، وتضاف إلى مختلف أشكال وأنواع الأسلحة المستخدمة في صراع الأدوار وحرب الزعامة، أسلحة جديدة وساحات جديدة ... وقودها هذه المرة، ليس ألوف العراقيين والسوريين واللبنانيين واليمنيين، بل ملايين البراميل من الذهب الأسود ومليارات الدولارات التي تبدو شعوب المنطقة، في أمس الحاجة إليها.
لكن السؤال: هل تنتهي حرب التصريحات بين البلدين، إلى حرب خليجية رابعة؟ ... هل سيعيد التاريخ نفسه هذه المرة، ولكن على صورة مأساة أكثر تراجيدية وكلفة مما حصل في عامي 1990 – 1991 وما بعدهما؟
من المؤكد أن حرباً سعودية إيرانية مباشرة لن تندلع، أياً كانت درجة الحدة والتصعيد التي تتميز بها التصريحات والاتهامات المتبادلة ... فثمة خطوط حمراء دولية تدركها إيران والأرجح أنها ستتوقف عندها، وكلا الفريقين يدركان تمام الإدراك، أن حرباً مباشرة بينهما، ستشعل المنطقة والعالم الإسلامي برمته، وستكون نتائجها كارثية على الجميع ... لذلك قد تندفع العلاقات بينهما إلى «حافة الهاوية»، لكن كل فريق سيفضل الوقوف عندها أو التراجع خطوة للوراء قبل أن ينزلق إلى قعرها غير المرئي وغير المعروف.
بديل المواجهة المباشرة والشاملة، سيكون كما ظل يحصل طوال السنوات العشر الفائتة: حروب بالوكالة يشتد أوارها عبر وسطاء، وفي ساحات عديدة، وتحذيرات الرئيس الإيراني للسعودية، إن كان يقصد بها اتخاذ إجراءات مؤذية للمملكة، ستكون بضرب نفوذها وحلفائها في ساحات تتمتع فيها إيران بأوراق قوة ونفوذ لا يستهان بها، وربما على غرار ما حصل في اليمن في الأشهر الأخيرة الفائتة ... هل تبقى التحذيرات الإيرانية بهذه الحدود، أم أن ثمة ما يشير إلى احتمالات إعادة انتاج السيناريو اليمني في أماكن أخرى، وأية أماكن؟ ... هل تتراجع المملكة خطوة للوراء عن حافة الهاوية، وتبدأ بإعادة التفكير بسياستها النفطية، سيما وأنها هي أيضاً تدفع أثماناً باهظة لانهيار أسعار النفط، وتفوق إيران لجهة اعتماديتها على هذه السلعة الاستراتيجية في إيرادات الموازنة والصادرات والناتج المحلي الإجمالي؟ ... كيف ستنتهي هذه الجولة من المواجهة بين القطبين، ومن سيضحك «أخيراً وكثيراً»؟ .... أسئلة وتساؤلات برسم الأيام القادمة.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السعودية وإيران  حرب الإنتاج والأسعار السعودية وإيران  حرب الإنتاج والأسعار



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia