الحرب على داعش  الآن وهنا

الحرب على داعش ... الآن وهنا

الحرب على داعش ... الآن وهنا

 تونس اليوم -

الحرب على داعش  الآن وهنا

عريب الرنتاوي

لا يبدو أن ثمة حدود لوحشية داعش وبربريته، إذ لم يخطر ببال أكثر العقول “شيطانية” أن يكون ما حصل، هو فصل الختام في قضية الطيار الشهيد معاذ الأسير، لم ننتظر منهم شفقة ولا رحمة، فتلك الخصال ليست من شيمهم، بل أننا قضينا الليلة  الأخيرة منقبضي الصدور بانتظار أسوأ السيناريوهات، بيد أننا لم نتوقع أن تبلغ بهم ساديتهم المغطاة بعباءة الدين إلى هذا الحد ... لقد فقد القتلة كل صلة لهم بالجنس البشري، وليس مستبعداً بعد الآن، أن نرى “مجاهديه” يأكلون لحم ضحاياهم أحياء ويمضغون أحشاءهم قبل أن تكف عن النبض والتقلص والتمدد ... لقد احتلوا موقع الصدارة في قائمة أبشع المصائر التي ينتهي إليها المصابون بلوثة التطرف والغلو والعمى الإيديولوجي... ليسوا على الملة فحسب، فهم ليسوا من صنف البشر كذلك.

الأردنيون الذي أمضوا الأسابيع الفائتة “على رؤوس أصابعهم”، نجحوا في اجتياز المحنة والامتحان ... انقلاب الرأي العام على “داعش”، كان بمثابة “الرد المزلزل” الذي توعدت به الدولة التنظيم الإرهابي ... إعدام اثنين من إرهابييه، سقط برداً وسلاماً على جميع الأردنيين، بمن فيهم كارهي العمل بعقوبة الإعدام، ومطالبات الأردنيين بالثأر من القتلة، ترددت في كل منزل وزقاق وبلدة ومدينة ومخيم.

داعش أرادت أن تشق الأردنيين على أنفسهم، وأن تحرضهم على نظامهم ودولتهم، فإذا بالسحر ينقلب على الساحر، لقد توحد الأردنيون خلف الدولة والنظام، وعاش الأردنيون واحدة من “أيامهم” المجيدة، بعد أن وحدهم المصاب الجلل، وعمقت لحمتهم الوطنية، مشاعر الغضب والرغبة في الثأر والانتقام... الذي سعت داعش لتحقيقه بهذه الوسيلة الوحشية، يتخطى شخص الشهيد وعائلته وعشيرته وبلدته، إلى الأردن والأردنيين جميعاً، والرد على الجريمة النكراء يجب أن يرقى مستوى الجرح الغائر في قلوب كل أردني وأردنية.

لا يساورنا الشك، في أن الدولة ستنتزع “حق الكساسبة” من قتلته، ولا أحسب أن الرد سيقتصر على إعدام قاتلين اثنين فقط، في ظني أن “ثأر” الدولة الأردنية، سيكون بتصعيد حربها على “دولة القتلة” ومطاردة “قاطعي الرؤوس” و”مشعلي النيران” في أوكارهم وجحورهم ... وأحسب أن الذين تأخروا في إدراك حقيقة أن الحرب على داعش هي حربنا، قد أدركوا اليوم، أنها حربنا، وأن خيارنا الوحيد فيها هو الانتصار الصريح، غير الملتبس.

والحرب على داعش، لا تقتصر ساحاتها وميادينها على “الرقة” و”الموصل” فحسب، فساحتها الأهم من منظور أمننا ومستقبلنا، تمتد إلى “الداخل”، حيث يتعين من الآن وصاعداً، إعمال مبدأ سيادة القانون دون هوادة على الذين يروجون ويبررون ويجندون ويحرضون، حتى وإن احتفظوا بمسافة “خطوة واحدة” عن “داعش” ... هؤلاء هم البيئة الحاضنة للتنظيم الأخطر، وهم مادته الأساسية التي يتشكل منها إجرامه وتفكيره وتكفيره ... هؤلاء لدينا الكثيرين منهم، وعلينا أن نطمئن إلى أنهم لن يتحولوا إلى قنابل موقوتة أو طابور خامس

في العام 2005، تسلقت دماء ستين أردنياً وأردنية جدران ثلاثة فنادق في عمان ... وعاش الأردن والأردنيون لحظة نادرة في التوحد واليقظة والاستنفار ضد الخطر القادم من وراء الحدود ... وبدت تلك الفاجعة، مناسبة لإطلاق استراتيجية شاملة لمحاربة التطرف والإرهاب ... لكننا تراخينا بعد ذلك، وشرع المتطرفون في اكتساب قواعد جديدة لهم بين ظهرانينا ... اليوم وبعد عشرة أعوام على تلك التراجيديا، نجد أنفسنا أمام وضع مماثل، ولا نريد أن ننتهي بعد عشر سنوات أخرى، إلى وضع مماثل ... جريمة داعش بحق طيارنا الأسير/ الشهيد، يتعين أن تكون نقطة البدء في عمل دائب، لا يعرف نظام الفزعة، ضد جيوب التطرف والغلو والإرهاب... ضد عقلية التكفير وإلغاء الآخر ... ضد ثقافة العنف بأشكاله المختلفة ... ضد القراءات المشوهة للإسلام.

آن الأوان للعمل على مدار الساعة، من أجل خلق أجيال شابة، عصية على الخداع والتضليل والتجنيد، آن الأوان لمغادرة مربعات التبرير والتواطؤ والمراوحة في “المساحات الرمادية” التي استمرأت قوى وأحزاب وشخصيات الجلوس فيها، فالحرب على الإرهاب والتطرف، هي فريضة عين على كل أردني وأردنية، إلى أن ننجح في تجفيف منابعه، واستئصال شأفته، فالتردد والمراوحة لم يعد خياراً والصمت ما عاد ممكناً.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحرب على داعش  الآن وهنا الحرب على داعش  الآن وهنا



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:22 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:53 2014 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

"Facebook messenger" سيكون متاحًا لويندوز فون بعد أسابيع

GMT 11:08 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

وقف الهدر والتبذير..شعار الكويت الجديد

GMT 16:21 2019 الخميس ,27 حزيران / يونيو

اجتماع تقني يجمع مسؤولي منتخبَي مالي وتونس

GMT 11:21 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عقدة حياتو والكامرون

GMT 14:25 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

فيلم الرعب "Jigsaw" يحقق 32 ميلون دولار في أسبوع عرضه الأول

GMT 09:26 2017 الخميس ,13 إبريل / نيسان

سوسيج تري كامب السحر الحقيقي للحياة البرية

GMT 20:34 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

"HER" BURBERRY عطر المرأة الجريئة الباحثة عن التميز

GMT 12:54 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

أبسط وأسهل طريقة لاختيار الحجاب الملون بأناقة

GMT 13:37 2012 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

كأس ألمانيا: دورتموند وشتوتغارت وبوخوم إلى ربع النهائي

GMT 03:00 2013 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

ظاهرة "الإرهاب" كلفت تونس 4 مليارات دينار
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia