الحرب بدأت  متى ستنتهي، وكيف

الحرب بدأت ... متى ستنتهي، وكيف؟

الحرب بدأت ... متى ستنتهي، وكيف؟

 تونس اليوم -

الحرب بدأت  متى ستنتهي، وكيف

عريب الرنتاوي

أمس الأول، بدأت الحرب الكونية على “ داعش ” وشقيقاتها ... قبل ذلك، لم تتعد العمليات إطار “ جس النبض ” وتقديم الإسناد لبعض الوحدات العسكرية العراقية والكردية ... الأمر هنا لا يتعلق بكثافة النيران المستخدمة في عمليات القصف، بل وفي اتساع نطاق المشاركين في العمليات (خمس دول عربية إلى جانب فرنسا والولايات المتحدة)، بل وفي تركز الضربات الجوية والصاروخية على أهداف في سوريا.

سوريا التي كانت مصدر قلق وتردد لواشنطن، تحوّلت منذ اليوم الأول للمعارك، إلى ساحة العمليات الرئيسة ... ما من دولة من دول التحالف، إلا وأرسلت طائراتها الحربية لضرب أهداف في عمقها ... هل الأمر عائد إلى تمركز “داعش” في شمال شرق سوريا واتخاذها من الرقة عاصمة لدولة “الخلافة”، أم أننا أمام أجندة مضمرة، سيكون لها ما بعدها، خصوصاً حين يتعلق بـ “الشق السياسي” من الحرب على الإرهاب؟

على أية حال، نحن نعرف حتى الآن، أو واشنطن أخطرت دمشق بالضربات ولم يؤخذ رأيها فيها، لكننا لا ندري هل قام بقية الحلفاء بإخطار العاصمة السورية مسبقاً بنيتهم توجيه ضربات على أراضيها؟ ... نحن نعرف أن واشنطن رفضت مقترحات للمعارضة “المعتدلة” وبعض حلفائها في الإقليم، بتوسيع دائرة الحرب على “ داعش ” لتشمل النظام السوري ، لكننا لا نعرف ما إذا كانت مسألة “ترتيب أولويات”، كأن يجري حصر الأهداف بـ “ داعش ” اليوم، على أن يجري توسيعها في المستقبل.

الحرب على “داعش” هي العنوان الرئيس للصحف ونشرات الأخبار، لكأن العالم توقف عن الحركة، لا شيء يضاهي خبر الحرب على “داعش” أو ينافسه، لجهة “الصدارة” و”أولوية التغطية”، وهذا أمر يحصل دائماً، عندما تكون قوات أمريكية على أرض المعركة أو في سمائها ... والمرجح أن يبقى الأمر على هذا النحو لفترة من الوقت، ثم يبدأ الاهتمام الإعلامي، وحتى السياسي، بالانصراف إلى أزمات أخرى، وما أكثرها في الإقليم والعالم.

وما لم يحدث تطور ميداني كبير على الأرض، كأن تُستبع الغارات الجوية والصاروخية على “داعش” بعمليات برية في كل من سوريا والعراق، تخرج “الخلافة” من جغرافيتها، فإن الغارات بذاتها، لن تعود “خبراً” بعد أيام أو أسابيع قلائل على الأكثر، لدينا في اليمن وأفغانستان نماذج دالّة على تحول “الغارة الجوية” إلى خبر ثانوي، لا يتوقف أحدٌ عند قراءته أبداً ... وقد تجد دولٌ عديدة، شاركت بحماس في بداية الحرب، نفسها مجبرة على التوقف أو تخفيف وتيرة مشاركتها، ولأسباب عديدة، بعضها مادي/ لوجستي وبعضها الآخر سياسي، فتعود واشنطن لمواصلة القتال منفردة وبصورة متقطعة وحيثما اقتضت الضرورة العملياتية ذلك.

وقد يستمر الحال هذا المنوال البطيء لسنوات طوال، ففي أفغانستان مثلاً، لم تتوقف الطائرات الأمريكية عن قصف أهداف لطالبان على أراضيها، منذ ثلاثة عشر عاماً، وغالباً من دون جدوى، وأحياناً بكلفة إنسانية عالية جداً، تفقد الحرب مبررها وغطائها، إن لم نقل “شرعيتها.

ولكيلا تفقد هذه الحرب زخمها، وتصبح حرباً أخرى مفتوحة في الزمان والمكان، فإن التفكير في الخطوة الميدانية التالية، يبدو أمراً بالغ الأهمية والضرورة، ثمة حاجة ماسة للتحضير للعلميات البرية التي تقطف ثمار الحرب الجوية وتبني عليها ... وهنا تطرح تساؤلات عديدة تدور جميعها حول سؤال: من سيقوم بهذه العمليات؟

تركيا ومعها حلف إقليمي واسع نسبياً، تريد أن تقطف رأس الأسد، ثمناً لدخولها الحرب بعد أن أغلقت ملف الرهائن الـ “49” في قنصلية الموصول، نقطة البدء في المخطط التركي تتجلى في “المنطقة العازلة” على امتداد حدودها مع سوريا، وهو الهدف الذي سعت له أنقرة منذ اندلاع الأزمة السورية قبل أكثر من ثلاثة أعوام ... اليوم، وتحت جنح الحرب على الإرهاب، تعاود أنقرة العزف على ذات النغمة القديمة... لا أحد في هذا الإقليم، يمكن أن يقامر بما هو أبعد مما فعله حتى الآن، ولن تجد واشنطن من بين حلفائها، من هو على استعداد للتورط في رمال سوريا والعراق المتحركة ... واشنطن نفسها لا تريد ذلك، وليس بمقدورها أن تفرض على حلفائها، خياراً تكرر يومياً أنه ليس مطروحاً على مائدتها.

واشنطن تتحدث عن “معارضة معتدلة”، مظلتها الائتلاف الوطني السوري، لكن قواها الفعلية على الأرض، تتشكل من قوى وفصائل متعددة، معظمها ذات طبيعة “إسلامية” تقترب بهذا القدر وتبتعد عن “داعش” ... هنا تُثار الكثير من الأسئلة حول جدية هذه القوى وجدوى الرهان عليها ودرجة الثقة بتوجهاتها، وما إذا كان بمقدورها فعلاً أن تقوم بالمهمة، والوقت الذي تحتاجه لبناء مقدراتها العسكرية والميدانية الكفيلة بإتمام المهمة.

نبقى أمام سيناريو مشاركة النظام السوري في العمليات الميدانية، وهو أمر ترفضه واشنطن علناً حتى الآن، وتضع أطراف إقليمية منضوية في التحالف، أكثر من “فتيو” أو “خط أحمر” حوله ... من دون الجيش السوري، لا أمل في حسم قريب للحرب على “داعش”، وبانخراطه في القتال، لا أمل في استمرار التحالف الدولي المناهض للإرهاب ... إنها معضلة واشنطن التي يتعين عليها حلها، حتى لا ندخل في “عشرية” دامية من القتال ضد الإرهاب.

ربما عند هذه النقطة بالذات، يأتي دور الوسيط الدولي، وتكتسب العملية السياسية زخماً إضافياً، وتصبح ذات أهمية إضافية، لا من أجل الوصول إلى حل الأزمة في سوريا، بل لكسب الحرب على الإرهاب ... حتى الآن، لا يبدو أن المشهد الدولي ناضج لرعاية عملية من هذا النوع، خصوصاً في ظل التأزم غير المسبوق في العلاقات الروسية الأمريكية، كما أن الوضع الإقليمي لم يستقر بعد على “صيغة” معينة للعلاقات من أطرافه الرئيسة، سيما بعد “الانقلاب/ الثورة” في الوضع اليمني .... وإلى أن تنجلي صورة المشهدين الإقليمي والدولي، من المرجح ألا تشهد الحرب على “ داعش ” أي اختراق نوعي، وسنكون أمام سيناريو “المزيد من الشيء ذاته” لأشهر طويلة قادمة، وبما يذكر بتجربة الحرب الأمريكية على طالبان من جديد.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحرب بدأت  متى ستنتهي، وكيف الحرب بدأت  متى ستنتهي، وكيف



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:22 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:53 2014 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

"Facebook messenger" سيكون متاحًا لويندوز فون بعد أسابيع

GMT 11:08 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

وقف الهدر والتبذير..شعار الكويت الجديد

GMT 16:21 2019 الخميس ,27 حزيران / يونيو

اجتماع تقني يجمع مسؤولي منتخبَي مالي وتونس

GMT 11:21 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عقدة حياتو والكامرون

GMT 14:25 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

فيلم الرعب "Jigsaw" يحقق 32 ميلون دولار في أسبوع عرضه الأول

GMT 09:26 2017 الخميس ,13 إبريل / نيسان

سوسيج تري كامب السحر الحقيقي للحياة البرية

GMT 20:34 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

"HER" BURBERRY عطر المرأة الجريئة الباحثة عن التميز

GMT 12:54 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

أبسط وأسهل طريقة لاختيار الحجاب الملون بأناقة

GMT 13:37 2012 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

كأس ألمانيا: دورتموند وشتوتغارت وبوخوم إلى ربع النهائي

GMT 03:00 2013 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

ظاهرة "الإرهاب" كلفت تونس 4 مليارات دينار
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia