تركيـا بيــن «الأسلمة» و«العلمنة»

تركيـا بيــن «الأسلمة» و«العلمنة»

تركيـا بيــن «الأسلمة» و«العلمنة»

 تونس اليوم -

تركيـا بيــن «الأسلمة» و«العلمنة»

بقلم : عريب الرنتاوي

أثار السيد رجب طيب أردوغان غضب الإسلاميين المصريين عندما زار القاهرة في 2011، بدعوتهم إلى اعتماد “العلمانية” في دستور بلادهم الجديد، مقدماً النموذج التركي بوصفه الشاهد الحي على المصالحة بين الإسلام والعلمانية ... يومها، تصدت جماعة الإخوان – الأم، للرد على تصريحات الضيف، طالبةً إليه عدم التدخل في الشؤون المصرية الداخلية، مجددة رفضها “استيراد التجارب والنماذج” من الخارج.

أمس، بدت الصورة مغايرة تماماً ... رئيس البرلمان التركي إسماعيل كهرمان، يدعو من تحت قبة البرلمان، إلى “شطب العلمانية” من الدستور التركي، والتقدم بدستور “ديني” جديد، باعتبار أن تركيا بلداً مسلماً، ومن الطبيعي أن يُصاغ دستورها على هذا الأساس... لتطلق هذه الدعوة، سيلاً من الجدل لم ينقطع، اضطر معها الحزب الحاكم، إلى إصدار بعض التوضيحات التي تستهدف احتواء الموقف.

كان لافتاً أن تصريحات إسماعيل كهرمان ودعواته، جاءت في توقيت حرج بالنسبة لحزب العدالة والتنمية والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي يسعى في كسب تأييد بعض الأحزاب العلمانية، لمشروع تعديل الدستور وتغيير النظام السياسي التركي من نظام برلماني إلى نظام رئاسي ... لا شك أن الدعوة لـ “أسلمة” الدولة والدستور، من شأنها أن تثير قلق بعض العلمانيين، وتمنعهم من منح تأييدهم لخطط الزعيم الطامح برئاسة مطلقة.

وربما هذا ما اقتضي مسارعة الحزب إلى تجديد التأكيد على علمانية الدولة ودستورها، بل ودخول أردوغان شخصياً على خط الجدل الدائر حو “دينيّة” الدولة و”علمانيتها”، معبراً عن انحيازه للأخيرة، بوصفها تعبيراً عن “وقوف الدولة على مسافة واحدة من مواطنيها”، مميزاً بين علمانية معادية للدين وأخرى متصالحة معه.

والملاحظ أن التوضيحات التي انهمرت على ألسنة قادة العدالة والتنمية لم تنجح في تبديد شكوك علمانيي تركيا ومخاوفهم، فقد ردت الأحزاب القومية والعلمانية بقوة على تصريحات إسماعيل كهرمان، وخرجت تظاهرات منددة بمحاولات إخراج تركيا عن مسارها العلماني الذي ناهز المائة عام تقريباً.

المراقبون منقسمون في تفسير مغزى وتوقيت تصريحات كهرمان، فريق منهم يستبعد أن تكون تصريحات رئيس البرلمان “زلة لسان” أو تعبير عن موقف شخصي، ويرجح أن تكون قد صدرت بضوء أخضر من أردوغان وتشجيع شخصي من لدنه، وأن الهدف من ورائها، هو “جس نبض” بقية التيارات والأحزاب واستطلاع فرص واحتمالات تقبلها لهذا “الانقلاب” على النظام العلماني التركي، الذي طالما أظهرت الحركة الإسلامية احترامها له، والتزامها بقواعده، بل وسعيها “تصديره” لدول شقيقة وصديقة، بوصفه النموذج الأفضل للحكم، او على الأقل، هكذا كانت تُظهر.

فيما فريق آخر من المراقبين، يرى أن تركيا مقبلة على انقلاب حقيقي على العلمانية، وأن هذا الانقلاب قد بدأ أصلاً بـ”أسلمة” كثير من مجالات وفضاءات الحياة العامة، وأن المسألة لن تتوقف عند “جس النبض” فقط، بل ستتبعها خطوات أخرى، على طريق “فرض الطابع الديني الخاص” على مؤسسات الدولة ودستورها.

حزب العدالة والتنمية، كان يرفض تماماً أن يوصف بالحزب الإسلامي، أو حتى بالحزب ذي المرجعية الإسلامية، كان يفضل أن يصنف حزباً محافظاً لا أكثر ولا أقل ... اليوم، تخرج قيادات حزبية كبيرة من صفوق الحزب، وتستكثر على تركيا تكون دولة علمانية، وتقترح العمل على أسلمة الدستور ... يبدو أن نظرية “التمكين” قد فعلت فعلها، وبلغت تطبيقاتها مراحل متقدمة، لم يعد معها من الضرورة اللجوء إلى “التقية” أو “التمويه”، بعد أن أصبح “اللعب بورق مكشوف” أو التكشير عن الأنياب، أمراً ممكناً وقليل الكلفة.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تركيـا بيــن «الأسلمة» و«العلمنة» تركيـا بيــن «الأسلمة» و«العلمنة»



GMT 12:10 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

أردوغان يعاني في بلاده

GMT 08:00 2019 الخميس ,23 أيار / مايو

أردوغان محشوراً فى الزاوية

GMT 04:47 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

عيون وآذان (أخبار مهمة من تركيا الى نيوزيلندا)

GMT 04:26 2019 الأربعاء ,13 آذار/ مارس

رسالة توبيخ لأردوغان

GMT 04:44 2019 الأربعاء ,27 شباط / فبراير

شرم الشيخ!

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia