المفجوعون بـ «حرب الإخوة الأعداء» في الغوطة

المفجوعون بـ «حرب الإخوة الأعداء» في الغوطة

المفجوعون بـ «حرب الإخوة الأعداء» في الغوطة

 تونس اليوم -

المفجوعون بـ «حرب الإخوة الأعداء» في الغوطة

بقلم : عريب الرنتاوي

من يقرأ التصريحات والمقالات التي تصدر عن بعض “كبار” المعارضة السورية، ذوي الأصول اليسارية والليبرالية والحقوقية حول ما يجري من حروب التصفية بين “الإخوة الأعداء”، يتكشف حجم “الفجيعة” التي أصابت هؤلاء جراء المذابح المتبادلة بين “جيش الإسلام” و”فيلق الرحمن” في غوطة دمشق الشرقية، والتي أودت حتى الآن، بحياة أكثر من 700 مقاتل من الطرفين، فضلاً عن المدنيين الذين يسقطون بالجملة والمفرق.

فهل يمكن لرموز معارضة من وزن ميشيل كيلو وبرهان غليون وغيرهما، أن تكون”حروب الإمارات المتناحرة” قد أخذتهم على حين غرة، ومن دون أن يتوقعوا أو يتحسبوا؟ .... بعض أصدقاء المعارضة بالمناسبة أصابتهم دهشة مماثلة ... ويبدو أن حجم الفجيعة تتناسب مع حجم التوقعات والرهانات التي كان يعلقها هؤلاء على هذه القوى، ليس لأنهم ينتمون إليها أو تنتمي إليهم، بل لأنها قوى الأمر الواقع، الأكثر نفوذاً من بين الميليشيات المسلحة، وطالما أن إسقاط النظام، هو مبتدأ جملة هؤلاء وخبرها، فلا بأس من عقد الرهانات، حتى على السفلة والمجرمين وقطاع الطرق وأمراء السلفية الجهادية بأسمائها ومسمياتها المختلفة.

أحدهم، يوجه سؤالاً لأمراء الحرب مستنكراً: هل تريدون تسليم “الغوطة المحررة” ثانية إلى النظام الأسدي المجرم؟ ... لن نجادل في إجرامية النظام، بيد أن لنا الحق أن نتساءل عن معنى كلمة “محررة” في الجملة الناقصة، سيما وأن المعارض الكبير، يعرف تمام المعرفة، أن الغوطة الشرقية كانت “مختطفة” وليست محررة، وأنها سُيجت بـ “أقفاص” حديدية محشوة بالأبرياء من الأسرى والمختطفين، الذين استخدموا دروعاً بشرية، وهو الذي يذكرنا في مقالته، بدور جيش الإسلام في خطف وقتل العشرات من رموز المعارضة المدنية، عبر سلسلة من حوادث الخطف والتنكيل، لعل أشهرها واقعة رازان زيتونة.

أما كاتب آخر، فيتساءل ببراءة عن السبب الذي يجعل أمراء الحرب يقتتلون فيما بينهم، قبل أن يشرع في اقتراح الإجابة، وهي في معظمها صحيحة للغاية، من الصراع على الموارد وقوت الناس والسلطة والنفوذ، إلى تعدد الولاءات بتعدد مصادر التمويل ... بيد أنه حين يذهب عميقاً في تحليل ظاهرة “الحروب المتنقلة” بين الإخوة الأعداء، يعود فيعبر عن الأسف للخطأ الذي وقعت فيه المعارضة منذ المجلس الوطني، بعدم توحيد هذه الفصائل ووضعها تحت قيادة مشتركة ... هؤلاء لا قضية لهم، وهم لا يتوحدون، فحروبهم في أصلها ومنشئها، حروب على “الماء والكلأ” والسطوة والشهرة ... ولنا أن نتخبل سيناريو توَّحد القتلة في الغوطة، واجتماع قوة جيش الإسلام بفيلق الرحمن ومن هم على شاكلتهم وطرازهم.

إن كان مصير الثورة السورية سيعتمد على قوات ضاربة من هذا النوع، فبئست الثورة وبئس المصير .... وبوجود معارضات من طراز زهران علوش وصحبة، سيشتاق السوريون للأسد ويترحمون على أيامه ... فهل تساءل أصدقاؤنا المفجوعون بأحداث الغوطة، بأنهم حتماً سيكونون من أوائل ضحايا الثورة، لو قدر لفصائل من هذا النوع، أن تطالهم بأيدي مجاهديها؟ ... ألا يعتقدون أنهم مقتولون لا محالة، سواء لخلفياتهم الفكرية اليسارية والحقوقية، أو لانتماءاتهم المذهبية، فلماذا كل هذه “اللطميات” و”الفجائعية”؟ ... أليس من الأجدر أن نتوجه على عادة جداتنا وأجدادنا بالتضرع للعلي القدر، بأن يضرب الظالمين بالظالمين؟

لا أدري كيف أصاب العمى بعض من راهنّا عليهم من المعارضين، وهم قلة على أية حال، حتى أنهم أخذوا ينسجون الأوهام والرهانات على “الجيش” و”الفيلق”، وأحدهم من قبل، انبرى مندداً بواشنطن، لإقدامها على إدراج النصرة في لائحة المنظمات الإرهابية السوداء، وهو “المُكفَّر” بكل مرجعياته، كشيوعي سابق، وكمسيحي ... إنه جورج صبرا إن كنتم تتذكرون... لا أدري كيف يطيق معارضون بهذا الوزن والتاريخ، تسليم قياد أمرهم لقتلة ومجرمين من هذا النوع، وان يقبلوا بهم في “وفد الرياض”، بل وان يجعلوا أحدهم في منزلة “كبير المفاوضين”، أية مسخرة هذه؟

ليس مطلوباً من هؤلاء، خصوصاً من اكتوى بنيران السجون السورية لسنوات وعقود طويلة، أن يعدلوا أو يبدلوا في مواقفهم من النظام، وليس مطلوباً منهم، الائتلاف مع “معارضة حميميم” ... لكننا نتوقع منهم، أن يكون صوتاً مدوياً في وجه عصابات القتل والإجرام، من تدثر منها بلبوس الدين، أو ضبط متلبساً بالجريمة .... وننتظر منهم، أن يكونوا سوطاً يلهب ظهور هؤلاء الذي اختطفوا أحلام الشعب وتطلعات ثورته... ما حاجة للنظام بالأصدقاء إن كان أعداؤه على طراز فصائل الغوطة وشاكلتها.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المفجوعون بـ «حرب الإخوة الأعداء» في الغوطة المفجوعون بـ «حرب الإخوة الأعداء» في الغوطة



GMT 18:13 2021 الإثنين ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عبدالله بن زايد في دمشق: ما الذي حمله في جعبته؟

GMT 14:13 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

بعد العاصفة، ما العمل؟

GMT 14:38 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل و"حرب السفن"

GMT 14:41 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

مدرستان في التفكير الإسرائيل حيال الأردن

GMT 15:57 2021 السبت ,03 إبريل / نيسان

الانتخابات الفلسطينية (1-2)

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 19:19 2019 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

مراهق فلبيني يدخل فرّامة كفتة لتنتهي حياته

GMT 20:36 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

أفضل أنواع وتصميمات الأحذية الرياضية وطرق العناية بهما

GMT 05:00 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

مجلس الشيوخ الأميركي يقر تعيين أول مسؤول في إدارة بايدن

GMT 05:13 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

نظام غذاء سري لأكبر أنواع أسماك القرش في العالم

GMT 06:08 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي يعزز صدارته بفوز شاق على شيفيلد يونايتد

GMT 12:01 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

رونار وفكر الثوار

GMT 19:05 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 10:09 2021 الجمعة ,02 إبريل / نيسان

Isuzu تتحدى تويوتا بسيارة مميزة أخرى

GMT 18:28 2017 الثلاثاء ,11 تموز / يوليو

مجلس الشعب السوري ينفي إصدار بطاقات هوية جديدة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia