الأسف الإسرائيلي وحدود رد الفعل الروسي

الأسف الإسرائيلي وحدود رد الفعل الروسي

الأسف الإسرائيلي وحدود رد الفعل الروسي

 تونس اليوم -

الأسف الإسرائيلي وحدود رد الفعل الروسي

بقلم :عريب الرنتاوي

أسفت إسرائيل ولم تعتذر عن إسقاط الطائرة الروسية ومقتل من فيها في أجواء اللاذقية ... الأسف مبرر إسرائيلياً كون تحليق الطائرة المنكوبة جاء متزامناً مع عمليات للسلاحين الجوي والصاروخي الإسرائيليين في سماء المنطقة ... أما الاعتذار فغير ممكن طالما أن إسرائيل تحمّل الدفاعات الأرضية السورية المسؤولية عن الحادثة المأساوية.

التحرش الإسرائيلي بروسيا ليس هدفاً قائماً بذاته، بل وليس مرغوباً من قبل مختلف المستويات الإسرائيلية السياسية والأمنية والعسكرية، لا مصلحة لإسرائيل في ذلك، وعلاقة تل أبيب بموسكو تطورات في السنوات الأخيرة، كما لم يحدث من قبل في تاريخ هذه العلاقات.

لكن إسرائيل في المقابل، تريد أن تبعث برسالة قوية إلى الكرملين، بأن انتشار القوات الروسية على الأرض السورية، لم يمنع عنها «حقها» في مطاردة نفوذ إيران وتدمير مواقعها، واستهداف المليشيات والمؤسسات التابعة لها أو المحسوبة عليها ... إسرائيل تريد البرهنة على انتفاء وجود أي «خط أحمر» يحول دون وصولها إلى أي هدف تريده ... صواريخها وطائراتها تعربد في الأجواء وتستهدف مواقع على الأرض، وتقريباً في كل مكان وبقعة.

هذه المرة، حصل ما ليس في الحسبان، «التحرش» الإسرائيلي جاء مكلفاً لروسيا ومهيناً لها ... «ليست كل مرة تسلم الجرة» .... هنا والآن، تدخل العلاقات بين نتنياهو وبوتين منعطفاً جديداً ... هذه الواقعة قد تغير قواعد اللعبة بين الجانبين باعتبارها «Game Changer»، ما قبلها ليس كما بعدها، فأين ستتجه خيارات موسكو بعد الآن ... نحن نعرف أن إسرائيل تسعى في وصل ما انقطع وترميم ما تخرب من علاقات ثنائية كانت مفيدة جداً لإسرائيل، ونافعة للغاية للاتحاد الروسي ... كيف ستتصرف موسكو؟ ... وأي شكل سيتخذه رد الفعل الروسي التي أعلنت موسكو أنها «تحتفظ به لنفسها»، وأنها ستتخذ من الإجراءات ما يكفي لأن تشعر به وتتلمس آثاره، كافة الأطراف، وفي ظني أن المقصود هو إسرائيل ومن ورائها الولايات المتحدة.

لن تلجأ موسكو إلى توجيه ضربات مباشرة إسرائيل، بيد أنها ستعزز شبكاتها الدفاعية، وقد تعترض صواريخها أية أهداف جوية تحلق في المجال الحيوي لقواعدها ومناطق انتشارها، إن لم تكن منسّقة مسبقاً مع غرف العمليات الروسية ... أحسب أننا قد نذهب إلى درجة أعلى من التنسيق بين الجيشين الروسي والإسرائيلي لتفادي وقوع مثل هذه الأحداث مستقبلاً.

هذا لا يريح إسرائيل في كل حال، فهي لا تريد أن تأخذ إذناً مسبقاً من الكرملين عند كل عملية تنفذها في سوريا، بل هي لا تريد أن تُخطر الروسي مسبقاً بعمليات خشية انتقال المعلومات إلى الجانب السوري، وربما الإيراني، ولكن إسرائيل ستكون مرغمة على إجراء مثل هذا التنسيق المسبق، إن لم يكن في عموم الأراضي والأجواء السورية، ففي بعضها ذي الأهمية الخاصة للانتشار العسكري الروسي.

روسيا قد تعزز قدرات الجيش السوري ودفاعاته الجوية، وقد – ونشدد على قد - تزوده بمنظومة إس 300 التي طال انتظارها، بعد أن بدأ الحديث عنها أول مرة في عهد الأسد الأب ... مثل هذا الخيار، يغضب الولايات المتحدة وإسرائيل، ولكن الحليفتان الاستراتيجيان لم تتركا خيارات كثيرة أمام القيادة الروسية، التي تشعر أنها طعنت من الخلف، وأنها تلقت صفعة وإهانة من الصعب ابتلاعها من دون ثمن.

لا أحسب أن ردود أفعال الروسي ستخرج عن هذا الإطار ... موسكو ليست بوارد فتح حروب ومعارك إضافية في سوريا وعليها ... والحرب مع إسرائيل ليست قراراً سهلاً يمكن اتخاذه ذات جلسة في الكرملين ... وموسكو معنية بتحصين إنجازاتها في سوريا وليس تهديدها ... وموسكو هي الأكثر حماسة لعملية سياسية في سوريا مفصلة على قدر مصالحها وحساباتها التي تتخطى سوريا والإقليم ... وإذا ما أبدت حكومة نتنياهو قدراً أعلى من المرونة في التجاوب مع متطلبات «حفظ ماء الوجه الروسي» فإنها ستجعل مهمة الكرملين أكثر سهولة

المصدر : جريدة الدستور

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأسف الإسرائيلي وحدود رد الفعل الروسي الأسف الإسرائيلي وحدود رد الفعل الروسي



GMT 04:55 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

السباق على استعمار القمر

GMT 04:46 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

نتانياهو متهم والولايات المتحدة تؤيده

GMT 04:40 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

فى حياته.. ومماته!

GMT 13:45 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

الإعلام والدولة.. الصحافة الورقية تعاني فهل مِن منقذ؟!

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 03:04 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار مبتكرة لجعل مداخل المنازل أكثر جاذبية

GMT 11:39 2021 الإثنين ,27 أيلول / سبتمبر

القبض علي عملية هجرة غير شرعية في سواحل صفاقس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia