عباس في مجلس الأمن جديده وقديمه

عباس في مجلس الأمن... جديده وقديمه

عباس في مجلس الأمن... جديده وقديمه

 تونس اليوم -

عباس في مجلس الأمن جديده وقديمه

بقلم :عريب الرنتاوي

وصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى نيويورك، رغم محاولات العرقلة الأمريكية – الإسرائيلية، وتقدم بخطاب إلى العالم عبر أعضاء مجلس الأمن الدولي، عرض فيه لملامح خطته للخروج من مأزق انهيار عملية السلام، التي أصيبت بضربة قاضية بقرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها... قاطع كلمتي مندوبي إسرائيل والولايات المتحدة “إن جاز لنا أن نتحدث عن مندوبين اثنين بعد تماهي الموقف الأمريكي بالإسرائيلي”، حيث تعرضت الكلمتان بالنقد الشديد لخطاب عباس ودوره وموقعه وسلطته ومنظمته وكل من يمثل وما يمثل.

يتحول مجلس الأمن، كما هو في كثير من لحظاته، إلى ساحة اشتباك، هذه المرة بين الفلسطينيين وأصدقائهم من جهة، وإسرائيل وحليفتها المطواعة الوحيدة: الولايات المتحدة من جهة ثانية، وهذا أمرٌ يُحسب للفلسطينيين ولا يحسب عليهم، وهم الشعب المستضعف، الرازح تحت نير الاحتلال والاستيطان والحصار والعنصرية، في مواجهة مع أحدث مشروع لتصفية قضيتهم الوطنية، وتجريدهم من أبسط حقوقهم الوطنية، كشعب ضاربة جذوره في عمق الجغرافيا والتاريخ، لتحويله إلى مجرد “فائض سكاني”، يجري تقاسمه على موائد الدول المضيفة والراعية، بعيداً عن وطنه، وعن حقه في السيادة والاستقلال والحرية وتقرير المصير.

“أبو مازن” في خطته التي بسطها أمام المنتظم الدولي، عرض لمؤتمر دولي في أواسط السنة الجارية، تنبثق عنه آلية دولية جديدة لرعاية عملية السلام والتوسط بين فريقيها الرئيسين، أشار إلى مرجعيات وجداول زمنية ملزمة ... المرجعيات لا تخرج عن قرارات الشرعية السلام والاتفاقات المبرمة، وما أصبح قاراً في الضمير العالمي من تصورات وأفكار حول ملامح الحل النهائي للقضية الفلسطينية ... أما الجداول الزمنية، فيتعين أن تكون محددة ومختصرة و”مشروطة”، محددة ومختصرة لأن أحداً لا يمتلك ترف الدخول في مفاوضات عبثية، تمتد لربع قرن آخر من دون جدوى، تريدها إسرائيل وتسعى إليها، من أجل التغطية على سياسات فرض الوقائع والإملاءات على الأرض والشعب الفلسطينيين... ومشروطة، لأن الفلسطينيين لا يريدونها غطاء للتوسع الاستيطاني ومصادرة الأرض والحقوق والحريات معاً.

لا جديد في معالم الحل الذي اقترحه عباس على المجتمع الدولي: دولة فلسطينية على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية، مع تبادل محدود للأراضي، سبق التفاهم على “قواعده ومبادئه”، مع حل لقضية اللاجئين بموجب مبادرة السلام العربية ... هي عناوين الحد الأدنى للمشروع الوطني الفلسطيني، وقد باتت سقفاً للتفاوض، وليس مدخلاً له أو مقدمة للاتفاق النهائي بشأنها.
باستثناء واشنطن وتل أبيب، لا أحد لديه مشكلة في القبول بهذه الأفكار ... وحدها القوة المتغطرسة والغاشمة، قوة الأمر الواقع الاحتلالي الإسرائيلي المدعّم بالجبروت الأمريكي، هي من تعطل مسارات الحل، وتبدد الإجماع الدولي على أسسه وعناصره الأساسية ... وقد كان الأمين العام للأمم المتحدة مصيباً حين قال: إنه لا يرى في أفق المجتمع الدولي حلاً “واقعياً” غير هذا، مع أن غوتيريش كان سيجد جواباً آخر، لو أنه سأل أي فلسطيني في الوطن المحتل والشتات عن “واقعية” هذا الحل، ولكان أخبر بأنه بات وراء ظهرنا وليس أمامنا، أو كلف نفسه عناء استنطاق المواقف الفعلية لحكومة إسرائيل وائتلافها و”كنيستها” ... لكن هذه مسألة أخرى.

يقلل البعض من شأن الجهد الفلسطيني المنصب على مقارعة إسرائيل في المحافل الدولية، ويقترح استراتيجيات أخرى ... ونقول: من دون مناكفة أو سجال عقيم، المعترك الدولي سيظل أداة فلسطينية وساحة من ساحات الاشتباك مع إسرائيل ورعاتها، وإن كنّا نوافق تماماً على أن هذا وحده لا يكفي، فالقرارات الدولية تكتسب مضمونها، ويجري تفسيرها وإعادة تفسيرها، تبعاً لتوازنات القوى على الأرض، وليس أمام الفلسطينيين من خيار آخر، سوى العمل على تبديل هذه التوازنات، بدءاً برفع كلفة الاحتلال، وتصعيد العمل الشعبي المقاوم، وترتيب البيت الفلسطيني، وعدم رهن أي ساحة أو أداة من ساحات النضال الفلسطيني وأدواته، بأوهام أو رهانات خائبة، على ما يمكن أن “تجود” به واشنطن أو تسمح به إسرائيل ... هذه مسألة من المفترض أنها باتت من ماضي عملية السلام وخيار “المفاوضات حياة”.

عباس لوّح بخيارات، لا يرغب بها المجتمع الدولي ولا يرغب بها الفلسطينيون أنفسهم، لكنه سيكون مضطراً للأخذ بها، إن سدت السبل في وجوه الفلسطينيين ... أفترض أنه يقصد قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير، وهي قرارات ملزمة، أُخذت لكي تنفذ وتترجم، وليس للتلويح بها ... إن ظلت التهديدات الفلسطينية مقتصرة على الأقوال من دون الأفعال، كما هي عليه حتى الآن على الأقل، ستفقد قيمتها، وتصبح مثيرة للسخرة والتسلية، بدل أن تكون “مُسيّلة” للأدرنالين في عروق الآخر وشرايينه.

مركز الثقل في الحراك السياسي والدبلوماسي الفلسطيني، ينصب على “الآلية الدولية الجديدة” للمفاوضات ... حتى الآن تبدو الصورة غير مشجعة ولا تثير تفاؤلاً ... لكن التمعن في المواقف الدولية من المسألة، يلحظ أن كسب هذه المعركة مع واشنطن وتل أبيب، يبدو أمراً ممكناً، وإن كان صعباً، بل وصعباً جداً ... أوروبا وروسيا لا تريدان أن تكونا “بديلاً” للولايات المتحدة، ولا أحد في الأصل، يريد منهما أن تكونا كذلك، وهما بكل تأكيد ترغبان في زيادة منسوب حضورها على موائد الرعاية والوساطة، والولايات المتحدة، وزارة خارجيتها على أقل تقدير، فتحت ثغرة في جدار التعنت الأمريكي – الإسرائيلي حيال هذه المسألة، عندما أعلنت الناطقة باسمها عن استعداد واشنطن لدراسة دعوة أطراف أخرى لعملية السلام، في مرحلة لاحقة، إن رأت ذلك مفيداً ... الباب هنا ترك “موارباً”، ولو أن هناك موقفاً عربياً أكثر صلابة بقليل، لأمكن فتحه بصورة أرحب أمام الخيار الفلسطيني الجديد.

المعركة طويلة، والباب مفتوحاً أمام تحولات وتبدلات ... أقلها حظاً وحظوة، هو “حل الدولتين”، وقد نطق صائب عريقات بالكلام المباح، عندما قال إن أفيغدور ليبرمان هو رئيس السلطة، وأن منسقه لـ “شؤون المناطق” هو رئيس حكومتها، قبل أن يكشف عن “نبوءته اليائسة” بأن السلطة مهددة بالاختفاء ... وقد تختفي السلطة، لكن نضال الشعب الفلسطيني من أجل حريته واستقلاله، سيتواصل، ولن يختفي أو يخبو، وستكون هناك مرحلة جديدة وشعارات جديدة، وقد يعود مطلب “الدولة الواحدة ثنائية القومية” على جدول الأعمال، بوصفه نهاية مطاف سياسات فرض الأمر الواقع الإسرائيلية، لكن الأهم من كل وذاك وتلك، أن تصعيد صمود الفلسطينيين ومقاومتهم للاحتلال، هو القابلة القانونية التي ستخرج الحل الأنسب والأكثر صحة وحيوية، وستسرع في نقله إلى دائرة النور.

المصدر : جريدة الدستور

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عباس في مجلس الأمن جديده وقديمه عباس في مجلس الأمن جديده وقديمه



GMT 10:52 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

الصين جزء من المشكلة لا من الحلّ

GMT 12:08 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

ما تسيبها لأهلها

GMT 13:17 2020 الخميس ,03 كانون الأول / ديسمبر

حرب البسوس بين يوليو وأكتوبر

GMT 11:12 2019 الأحد ,09 حزيران / يونيو

«صفقة القرن 2»

GMT 06:51 2019 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

تشايكوفسكى

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 03:04 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار مبتكرة لجعل مداخل المنازل أكثر جاذبية

GMT 11:39 2021 الإثنين ,27 أيلول / سبتمبر

القبض علي عملية هجرة غير شرعية في سواحل صفاقس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia