هل ستنجح القاهرة حيث أخفقت باريس

هل ستنجح القاهرة حيث أخفقت باريس؟

هل ستنجح القاهرة حيث أخفقت باريس؟

 تونس اليوم -

هل ستنجح القاهرة حيث أخفقت باريس

بقلم : عريب الرنتاوي

الحديث عن “مبادرة مصرية” امرٌ سابق لأوانه، لكن، ومنذ حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي عن “السلام الدافئ” الذي قد يتأسس على حل القضية الفلسطينية، وحثه الرأي العام الإسرائيلي على تشجيع خيار السلام مع الفلسطينيين، وإبدائه الاستعداد لفعل ما يلزم لجعل ذلك ممكنا، بدا أن القاهرة، وليس باريس، قد باتت مركز اهتمام الأطراف ذات الصلة، وبدأت عمليات “جس النبض” و”الاستكشاف” تنطلق الواحدة تلو الأخرى، بدءاً بالوزير جون كيري.

والحقيقة أن كشف القاهرة استعدادها للتحرك على هذا المسار، بدا مفاجئاً لمعظم المراقبين، سيما بوجود “أجندة ثقيلة” تضغط على كاهل الرئيس المصري وتجثم على صدر حكومته، من الحرب المفتوحة على الإرهاب في سيناء والوادي، إلى الحرب العبثية ضد الفقر والبطالة وتآكل النمو الاقتصادي، مروراً بشيخوخة جهاز الدولة بمختلف مؤسساته المدنية والأمنية، وضعف قدرته على وضع البلاد على سكة جديدة.

أزمات مصر الداخلية المتفاقمة، ومن ضمنها انسداد مشروع الانتقال الديمقراطي في البلاد، حدت ببعض المراقبين للقول أن الخطوة المصرية في حال انتقالها من “فكرة” إلى “مبادرة”، ليست سوى محاولة للهروب إلى الأمام، تقوم بها إدارة النظام  للتغطية على الفشل المتواصل في معالجة أزماتها الداخلية، علّها تعوض في السياسة الخارجية، ما عجزت عن تحقيقه في السياسة الداخلية... فيما رأى آخرون، أنها خطوة جدية، وأن القاهرة تستشعر أنها قادرة أكثر من غيرها من العواصم ذات الصلة، على تحريك الملف الفلسطيني وإخراجه من مستنقع الجمود والمراوحة.

ونظن أنها قد تكون خطوة استباقية، أملتها حسابات مصرية شديدة التخوف من “صيف ساخن” ينتظر الساحة الفلسطينية، بدءاً بقطاع غزة، سيما مع تكرار الاختراقات لاتفاق “التهدئة”، وما يمكن أن يترتب على اندلاع حرب إسرائيلية رابعة على القطاع من تداعيات على أمن سيناء ومصر عموما، فضلاً عن المخاطر التي تستشعرها القاهرة تأسيساً على “حالة الفراغ” التي تلقي بظلالها الكثيفة والكئيبة على الساحة السياسية الفلسطينية.

إسرائيل تلقت باهتمام بالغ خطاب الرئيس السيسي، وانشغلت صحف إسرائيل وأوساطها السياسية في تحليل مراميه وأبعاده وخلفياته ... وقد بدا لبعض الوقت، أن “الأفكار” التي كشف عنها السيسي، جاءت منسقة مع الجانب الإسرائيلي... حتى إن صحف إسرائيلية، لم تستبعد أن تكون “أفكار” السيسي محاولة مصرية لتشجيع رئيس حزب العمل إسحاق هيرتسوغ على الانضمام لحكومة نتنياهو وتأمين شبكة أمان لها، في حال استئناف المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية.

ولقد انتعشت هذه الرهانات، مع شيوع أخبار المشاورات الائتلافية التي أجراها نتنياهو مع زعيم المعارضة، وإبداء الأخير استعداده للالتحاق بالحكومة على الرغم من معارضة شريكته الرئيسة في ائتلاف “المعسكر الصهيوني” تسيبي ليفني، لكن يبدو أن نتنياهو الذي أعطى إشارة الانعطاف يساراً، قد قرر الانعطاف يميناً، بعد أن اتفق مع زعيم “إسرائيل بيتنا” على توليته حقيبة الدفاع بدلا عن موشيه يعلون، وبالرغم من معارضة جنرالات الجيش وقادته.

إسرائيل ترحب بالوساطة المصرية المقترحة من جهة، وتأتي بأحد صقورها على رأس حقيبة أساسية في حكومتها من جهة ثانية...  أفيغدور ليبرمان ليس من أنصار الحرب الشاملة على غزة فحسب، بل ومن الداعين لضرب السد العالي والنظر إلى أسوان كطهران ... مثل هذا التطور لا شك أقلق القاهرة، التي ابتلعت أول مناورات نتنياهو على ما يبدو، وعبرت عن استعدادها للتغاضي عن تصريحات سابقة لليبرمان، شريطة أن يظهر في أفعاله، عكس ما ظهر في أقواله.

هل ثمة من فرصة لقيام القاهرة بمسعى جديد؟ ... وهل ثمة فرصة لنجاح هذا المسعى؟ ... ولماذا قد تنجح القاهرة حيث أخفقت باريس مؤخراً؟ ... أسئلة وتساؤلات من الصعب والمبكر تقديم إجابة جازمة على أي منها ... لكن يبدو أن للقاهرة مصلحة في القيام بدور كهذا، وهي التي غابت عن معظم ملفات المنطقة وأزماتها، وتعرض دورها للتهميش والتهشيم على يد خصومها وحلفائها، والقاهرة بحاجة لمكسب ما في السياسة الخارجية يغطي على الفشل المتكرر في معاجلة أزمات الداخل ... وللقاهرة “دالة” على الجانب الفلسطيني وهي وحدها من يستطيع “جلب” الرئيس محمود عباس إلى مائدة المفاوضات ودفعه لابتلاع تحفظاته وشروطه ... وللقاهرة علاقات متنامية ومتشعبة مع إسرائيل، يصعب على نتنياهو إدارة الظهر لها أو المقامرة بالإساءة إليها .... والقاهرة عرضت “الشراكة” مع إسرائيل في الحرب على الإرهاب وفقاً لتصريحات الوزير سامح شكري، وليس مستبعداً أبداً، أن يكون التحرك المصري الناشئ منسقاً مع الحليف السعودي، التوّاق لخلق جبهة عريضة للتصدي للتهديدات الإيرانية، لا تستبعد إسرائيل وشراكة “العقل اليهودي” مع “المال العربي”.

لكل هذه الأسباب وأخرى غيرها، نرجح قيام القاهرة بدور الوسيط على هذا المسار .... أما فرص النجاح والفشل، فالمؤكد أنها لا تتقرر في القاهرة أو رام الله، المؤكد أن الكرة في ملعب نتنياهو وحكومته، وهنا يمكن التأكيد من دون تردد أو تلعثم، أن إسرائيل التي أحبطت أكثر من مسعى وأسقطت غير مبادرة، لن تذهب مع “الوسيط المصري” إلى نهاية مشواره، لكن لا بأس من تقطيع المزيد من الوقت، وخلق المزيد من الانشقاقات الداخلية الفلسطينية، أو المصرية – الفلسطينية، فيما على الأرض، لا شيء سيتغير أو يتوقف، لا الاستيطان في الضفة والقدس ولا العدوان على القطاع.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل ستنجح القاهرة حيث أخفقت باريس هل ستنجح القاهرة حيث أخفقت باريس



GMT 05:37 2016 الأحد ,05 حزيران / يونيو

ملاحظات على حديث الرئيس

GMT 05:17 2016 السبت ,26 آذار/ مارس

من مفكرة الأسبوع

GMT 05:16 2016 الخميس ,17 آذار/ مارس

مظلمة من «البحيرة» إلى الرئيس

GMT 05:16 2016 الأحد ,14 شباط / فبراير

خطاب مختلف للرئيس

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia