انطباعات من واشنطن

انطباعات من واشنطن

انطباعات من واشنطن

 تونس اليوم -

انطباعات من واشنطن

عريب الرنتاوي

لا تكاد تعثر، وأنت الزائر للولايات المتحدة، على أثر للشرق الأوسط بأزماته المتفجرة، في وسائل الإعلام الأمريكية الرئيسية، ومن باب أولى فإنك لن تعثر على شيء، إن انت تنقلت بين ثنايا وسائل الإعلام المحلية ... في الأسبوع الأول للزيارة، طغى خبر أوكرانيا على كافة نشرات الأخبار والبرامج والتغطيات المباشرة والخاصة، غاب الشرق الأوسط برمته، لم أعثر على شيء عن استرجاع قرية الزارة في ريف تلكلخ أو عن معارك يبرود الاستراتيجية (؟!)، كما لم أعثر على ما يشفي غليلي المعرفي، لمتابعة السجال المحتدم في الأردن حول الحكومة والمعاهدة وجريمة اغتيال القاضي زعيتر. فجأة اختفت أوكرانيا عن صدارة الأخبار، تحولت إلى خبر سريع ومقتضب، يجري ذكره في نهاية التغطيات الموسعة والمملة لحادثة اختفاء الطائرة الماليزية، حتى أننا بتنا نعرف كل شاردة وواردة عن الطيار ومساعده وغرامياتهما ... الشرق الأوسط، يظل غائباً ومغيباً، لا أحد يكترث بما يجري هنا، سوى "قلة" من الساسة والبيروقراطيين المنشغلين بهذه الملفات ... عليك أن تنبش في العمق، لكي تعرف وجهة المواقف واتجاهات هبوب الريح الأمريكية حيال هذه المنطقة المشتعلة على الدوام. جديد المواقف والسياسات الأمريكية، وهنا يأخذ حديثنا شكل "تسجيل الانطباعات"، يتعلق بإيران تحديداً، هنا يبدو أن واشنطن تتحضر لإحداث الانعطافة المنتظرة منذ أزيد من ثلث قرن في مواقفها ... وثمة من يحدثك عن تعويل كبير على "تطبيع" العلاقات مع طهران، بعد حل مشكلة برنامجها النووي، وثمة اعتقاد راسخ أن كافة ملفات المنطقة ستتأثر بالتطورات التي ستطرأ على مسار "جنيف النووي"، وواشنطن ليست بعيدة عن الانفتاح الأوروبي عالي المستوى على طهران، فالبارونة أشتون، لم تذهب إلى هناك بصفتها الأوروبية وحدها، فتحت "الحجاب" الإيراني الذي تلفعت به سيدة الدبلوماسية الأوروبية، كانت تُخفي قبعة "الكاوبوي" الأمريكي. إلى جانب الخلافات الشائكة بين طهران وواشنطن، وما تثيره من انقسامات داخل مراكز صنع القرار الأمريكي، ثمة عقبتان يتعين على إدارة أوباما التعامل معهما إن هي قررت المضي في طي صفحة الصراع مع إيران: الرفض الإسرائيلي والتحفظ السعودي، وفي كلتا الحالتين، فإن الإدارة تواجه دولاً لها نفوذ مهم، وإن متفاوت بالطبع، في واشنطن ومراكز صنع القرار فيها ومجموعات المصالح المؤثرة، وليس بمقدور الإدارة أن تدير ظهرها هكذا ببساطة لمواقف هاتين الدولتين وحساباتهما المعقدة. إسرائيل باتت تتحول إلى "مشكلة" للسياسة الخارجية الأمريكية ... أنت تسمع ذلك بأصوات مرتفعة وغير مسبوقة ... هي من يعطل احتمالات التقارب الاستراتيجي مع إيران ... وهي من يعطل عملية السلام مع الفلسطينيين وينغص على جون كيري وسيد البيت الأبيض حياتهما ومسعاهما لإغلاق هذا الملف، الذي عجزت إدارات متعاقبة عن إغلاقه ... لكن الإقرار بهذه الحقيقة شيء، وقدرة على الإدارة التعامل معها شيء آخر، والمسألة من قبل ومن بعد، ستحتاج إلى وقت طويل نسبياً، حتى تتحرر السياسة الخارجية الأمريكية من قيود تل أبيب واشتراطاتها، هذا إن أمكن لها أن تتحرر في يوم من الأيام. أما السعودية، الدولة العربية الأكثر نفوذاً في واشنطن، فثمة ما يشي بأن صفحة التوتر في العلاقات بين البلدين قد طويت، أو هي في طريقها إلى ذلك ... ثمة ارتياح في واشنطن للخطوات الأخيرة التي اتخذتها المملكة في الحرب على الإرهاب، وهو ارتياح يمهد لزيارة ناجحة سيقوم بها الرئيس أوباما إلى الرياض بعد أيام ... ثمة خلافات ما زالت قائمة بين الجانبين حول العديد من الملفات، بيد أنها من النوع القابل للاحتواء والتنظيم، وهنا يبدو الموقف المتباين من جماعة الإخوان المسلمين، تفصيلاً تكتيكياً، لا يقدم ولا يؤخر، واشنطن ما زالت على موقفها المنفتح على الجماعة، وهي لا توافق على وصفها بالجماعة الإرهابية. الجميع بانتظار رؤية الضوء في نهاية نفق مهمة كيري المريرة والمديدة ... الرئيس الفلسطيني سيحل ضيفاً على الرئيس الأمريكي بعد أيام، والقمة بين الرجلين في السابع عشر من الجاري ... لكن الجولة التمهيدية التي أجراها أوباما مع نتنياهو لم تنته إلى نتائج صلبة، تُمَكّن الرئيس الأمريكي من محاولة إقناع الرئيس الفلسطيني أو الضغط عليه، للقبول بها ... هنا في واشنطن، وربما لأول مرة، هناك من يحدثك عن مسؤولية إسرائيل في إحباط مسعى كيري، من دون إغفال الاستطرادات الضرورية في هذا المقام، كأن يشار إلى مسؤولية الفلسطينيين أيضاً في هذا المجال، ولكن شتان ما بين صورة الموقف الراهنة في واشنطن وما كانت عليه بعد فشل مفاوضات كامب ديفيد قبل سنوات. الكثير من الأمل يحيط بمسعى كيري، والكثير من الرهانات تعلق على ما يمكن وصفه "المسعى الأخير" للإدارة الأمريكية لحل هذه المعضلة ... لكن الشكوك والتحفظات، تحيط دائماً بأحاديث أكثر المراقبين تفاؤلاً بمصائر مهمة كيري ... وسط "فراغ الصمت" الذي يقع فيه المتحدثون عندما يجابهون بسؤال: ماذا لو؟ ... ماذا بعد فشل مهمة كيري؟

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انطباعات من واشنطن انطباعات من واشنطن



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia