القيصر يخسر معركة كييف، ماذا عن دمشق

"القيصر" يخسر معركة كييف، ماذا عن دمشق؟

"القيصر" يخسر معركة كييف، ماذا عن دمشق؟

 تونس اليوم -

القيصر يخسر معركة كييف، ماذا عن دمشق

عريب الرنتاوي

تتالت التطورات في أوكرانيا على بتسارع مثير للغاية، الاتفاق بين الحكومة والمعارضة، والذي عُدّ ضربة قاسية لأصدقاء موسكو وحلفائها، وللكرملين و"قيصره"، بات من مخلفات الماضي، أو "ليس ذي صلة" بالمصطلحات الإسرائيلية الدارجة إقليميا ... الرئيس فيكتور يانوكوفيتش مُختفٍ عن الأنظار (أقله حتى لحظة كتابة هذه السطور)، وسط تقارير تتحدث عن هربه إلى موسكو أو خاركوف، وأنباء تشي بقبوله الاعتزال والتنحي في اتصال هاتفي مع أحد أقطاب المعارضة ... زعيمة المعارضة البرتقالية يوليا تيميشنكو تودع سنوات السجن ... رجالات النظام يتساقطون تباعاً بمن فيهم أقرب حلفاء يانوكوفيتش رئيس البرلمان، ليحل محله أحد نواب المعارضة ... وزارة الداخلية سقطت في يد المعارضة بعد تنحية وزيرها السابق ... مواقع السلطة بما فيها قصر الرئيس تسقط من دون مقاومة في أيدي المتظاهرين ... الجيش يصدر بياناً يذكر ببيانات الجيوش في بعض دول الربيع العربي: نقف على الحياد ولن نتدخل ... اما الشرطة فتترحم على أرواح شهداء "الانتفاضة" وتؤكد انحيازها للشعب وخدمته، وليس للحكومة أو الرئيس. هذا المشهد رأيناه من قبل في السنوات الأخيرة، وهو يستعيد بعضاً من صور وقصص الربيع العربي، بما في ذلك بعض صفحاتها الدامية، بيد أن ما يهمنا في الأمر، هو الوقوف عند دلالة الحدث الأوكراني وانعكاساته على مواقف روسيا وموقعها على الخريطة الدولية، وبالذات في منطقة الشرق الأوسط، وبالأخص على الساحة السورية. أوكرانيا، بالغة الأهمية في حسابات الأمن والجيوبولتيك الروسي، خسارتها طعنة نجلاء لأحلام "القيصر"، الانهيار هذه المرة يحدث عن "مرمى حجر من الكرملين"، مليارات الدولارات، وكل الاستثمار السياسي والأمني والمالي الروسي في هذه الجمهورية، تبخر دفعة واحدة، وصار هباءً ... صورة الأسطورة التي نجح الرئيس الروسي في رسمها لنفسه ودوره الدولي، أصيبت إصابة بالغة ومباشرة ... صورة الدولة/ الند للولايات المتحدة، تتعرض للتهميش والتهشيم، فإذا كانت واشنطن على رأس الغرب قد نجحت في اختبار أوكرانيا، وهي البعيدة عنها آلاف الأميال، فكيف لها ألا تنجح في أماكن أخرى وأزمات أخرى ... هكذا ينطق لسان حال كثير من الخبراء والسياسيين، وبكثير من الشماتة، بالأخص من قبل خصوم روسيا وبوتين، وهم كثر. لم تكن أوكرانيا في عداد الأولويات بالنسبة لأهداف ومجالات السياسة الخارجية الأمريكية الحيوية، لكنها كذلك بالنسبة لبوتين والكرملين ... نجحت واشنطن وخسرت موسكو ... سوريا كذلك ليست في موقعاً استراتيجياً متقدماً بالنسبة للولايات المتحدة، بيد أنها كذلك بالنسبة للاتحاد الروسي ... فهل تواجه السياسة الروسية في سوريا ما واجهته في أوكرانيا، أم أن الخسارة هناك، تعزز رغبة الدب الروسي في تحقيق النجاح هنا والآن، وفي شرق المتوسط؟ أسئلة وتساؤلات كثيرة، لا نعرف كيف سنجيب عليها، فالحدث الأوكراني متحرك، بل ومتحرك بسرعة جنونية، وانهيار النظام لا يشبهه سوى الانهيار السريع لنظامي زين العابدين بن علي في تونس، ومحمد حسني مبارك في مصر ...  هل وضعت الأزمة الأوكرانية أوزارها... هل ثمة متسع من الوقت لهجوم مضاد، كيف ومن أين وبمن وما هي فرص النجاح؟، أم أن صفحة النفوذ الروسي في أوكرانيا قد طويت، والبلاد سائرة بحزم وثبات نحو حاضنة أوروبية اقتصادية ومالية، وغطاء أمريكي سياسي وأمني؟ لا شك أن القيادة السورية، ستقتطع جزءاً كبير من وقتها المزدحم بالاستحقاقات السياسية والميدانية، لقراءة الحدث الأوكراني وتقييم نتائجه وانعكاساته، وكذا ستفعل مختلف الأطراف المتورطة في الأزمة السورية ... ما حصل، على اختلاف الظروف وتباين المزاجات والمناخات، لم يكن خبراً ساراً للنظام وحلفائه، سيما وهم يستعدون لخوض معارك يبرود ودرعا، ويتحضرون لمواجهة ما يمكن وصفه بأكبر (وربما آخر) محاولة لكسر توازنات القوى وتحقيق الاختراق الجنوبي المفضي إلى جبهة العاصمة – دمشق. سوريا ليست أوكرانيا ... النظام هنا قرر القتال حتى الموت، موته هو أو موت آخر معارض سوري ... النظام هنا متماسك، في كييف بدا النظام هشاً ... المعارضة هنا ليست من طراز المعارضة هناك، هنا تبدو متشحة باللون الأسود، وهناك يطغى اللون البرتقالي وصور الزعيمة الشقراء... في سوريا تثير المعارضات من القلق والتخوف لدى الدوائر الغربية، بأكثر مما تثير من عوامل الارتياح ... اللاعبون هنا أكثر تعدداً وتنوعاً، وبالنسبة لكثيرين منهم، فإن سوريا هي معركة حياة أو موت لهم أيضاً ... أسئلة أوكرانيا قد لا تكون ذات صلة عميق بأسئلة سوريا، بيد أنها تندرج في باب "الفأل السيء"، وتملي إعادة النظر في تقييم دور الحليف الدولي: روسيا. دعونا ننتظر لنر، هي بضعة أيام وأسابيع، وستنجلي صورة المعركة في أوكرانيا، وسنتعرف أكثر عمّا إذا كان "التجربة الأوكرانية" قابلة للتكرار وإعادة الإنتاج، أم أن "الخصوصية السورية/ العربية"، ستفعل فعلها هذه المرة كذلك.  

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القيصر يخسر معركة كييف، ماذا عن دمشق القيصر يخسر معركة كييف، ماذا عن دمشق



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia