واشنطن والاعتدال العربي  تقييم العلاقات وتقويمها

واشنطن و"الاعتدال العربي" ... تقييم العلاقات وتقويمها

واشنطن و"الاعتدال العربي" ... تقييم العلاقات وتقويمها

 تونس اليوم -

واشنطن والاعتدال العربي  تقييم العلاقات وتقويمها

عريب الرنتاوي

ثمة ما يوحي بأن واشنطن بدأت حملة دبلوماسية كثيفة لاستعادة علاقاتها مع بعض حلفائها من "محور الاعتدال العربي" والتي أصابها الاهتزاز والضرر بفعل افتراق المواقف بين الجانبين، بعد "النووي الإيراني" و"الكيميائي السوري" وثورة الثلاثين من يونيو في مصر، بيد أن هذه الحملة تواجه جملة من الصعوبات، وتستوجب إحداث تغييرٍ على بعض المقاربات الأمريكية حيال ملفات المنطقة وأزماتها المفتوحة. نقطة البدء كانت مع الأردن، حيث وفرت قمة عبد الله الثاني – باراك أوباما في كاليفورنيا، فرصة للولايات المتحدة للاستماع إلى موقف الأردن ومصالحه فيما خص عملية السلام الفلسطينية – الإسرائيلية بشكل خاص، وهي قضية تحتل استراتيجياً، مكان الصدارة في الأولويات الأردنية، حتى وإن تقدمت عليها تكتيكياً، قضايا أخرى من نوع الأزمة السورية والحرب على الإرهاب ... هنا يتعين رصد ما الذي سيأتي به كيري للمنطقة، وما إذا كان سيحفظ المصالح الأردنية أم يتجاوزها خدمة لمصالح الحليف "ذي الأفضلية دائما": إسرائيل ... لكن واشنطن أظهرت حرصاً خاصاً على شراكتها الاستراتيجية مع عمّان، وجددت برامج الدعم والمساعدة، وتقدمت بمليار دولار ضمانات قروض إضافية. المحطة النوعية التالية في رحلة التقييم والتقويم الأمريكية، ستكون السعودية، التي سيزورها الرئيس الأمريكي في شهر آذار/ مارس المقبل... وإلى أن تتم الزيارة، فإن جهوداً تحضيرية كبرى تبذل من أجل تذليل ما يعترض العلاقات بين الجانبين من خلافات وعقبات ... بالنسبة للسعودية، فإنها تريد الاطمئنان إلى أن تقارب واشنطن مع طهران لن يكون على حساب دورها ومصالحها، وهي إذ تتفهم (ولا تقبل) الإحجام الأمريكي عن توجيه ضربة عسكرية للنظام السوري، فإنها تريد من واشنطن الضوء الأخضر لرفع مستوى وسوية الدعم المالي والعسكري للمعارضة السورية، باستثناء "داعش" و"النصرة"، لتغيير موازين القوى على الأرض، تمهيداً لفرض جدول أعمال الجولات القادمة من محادثات جنيف. واشنطن على ما يبدو، بدأت تستجيب للمطالب السعودية في الملف السوري، وهي تشترط في المقابل، تحييد لبنان والعراق عن مسارات الأزمة السورية، وهذا مقبول سعودياً، وإن على مضض، وواشنطن تريد دوراً سعودياً أكبر في الحرب على الإرهاب، و"الأمر الملكي" الذي صدر مؤخراً والذي يقضي بإيقاع أشد العقوبات ضد السعوديين "المجاهدين في الخارج"، يشكل محطة تمهيدية في طريق أوباما إلى الرياض، وتوطئة للقمة الأمريكية – السعودية المنتظرة. مصر "ما بعد مرسي" ما زالت ملفاً عالقاً، لا في سماء المصرية الأمريكية فحسب، بل وفي سماء العلاقات الأمريكية – الخليجية (السعودية – الإماراتية بخاصة)، وثمة في واشنطن من بات يعتقد، بأن الولايات المتحدة قد خسرت مصر، أو هي بصدد خسارتها، بسبب الحماس الأمريكي الفائض لنظام مرسي والإخوان المسلمين، ولقد راقبت واشنطن بكل القلق، صفحة التقارب المصري – الروسي، و"كيمياء" العلاقة بين بوتين – السيسي، وهي الصفحة التي فُتحت بتشجيع وتمويل من السعودية لصفقات السلاح الروسي لمصر، لذا رأينا واشنطن تحرص على التصريح بأن هذا التقارب، لن يمس الطابع الاستراتيجي الراسخ للعلاقات الأمريكية – المصرية، وهو تصريح ما زالت تنقصه المبادرات والخطوات العملية، التي ستجعل النظام المصري الجديد، يأنس للتوجه الأمريكي الجديد، ويثق به، وهذا لم يحصل حتى الآن. التوقعات في هذا المضمار، تشير إلى استمرار واشنطن في تقاربها مع طهران، مع ارتفاع (ربما) في وتير الشروط والمطالب الأمريكي... تصعيد أمريكي على الجبهة السورية، دون مستوى التورط المباشر في توجيه ضربة عسكرية لسوريا، لكن مع ضوء أخضر لبعض البلدان العربية لتسليح المعارضة بأسلحة ومعدات "كاسرة للتوازن" من نوع صواريخ مضادة للطائرات والدروع، محمولة على الكتف ... محاولة جديدة لاستئناف ما انقطع من حبال الود بين القاهرة وواشنطن، خصوصاً بعد انتخابات الرئاسة المصرية الجديدة، حيث ستكون خريطة الطريق التي أعلنها السيسي، قطعت ثلثا الطريق إلى المستقبل. مقابل ذلك، سنشهد إسهاماً عربياً / خليجياً أكثر نشاطاً في الحرب على الإرهاب ... وسنشهد حماساً عربياً أكثر من أي وقت مضى، لمساعدة السيد جون كيري على تسويق وتسويغ مبادرته الإطارية لحل القضية الفلسطينية، وهو أمر قد يبلغ حد ممارسة ضغوط على الفلسطينيين للقبول غداً بما سبق لهم وأن رفضوه بالأمس ... سنشهد نجاحات إضافية للسيد نوري المالكي في العراق، وهو الذي يحظى بدعم أمريكي حاسم "في حربه على الإرهاب، مع محاولة لضخ مزيد من "السياسة" إلى المعالجات الأمنية لملف الأنبار ... أما لبنان، فسيتجه إلى نوع من الاستقرار السياسي النسبي، فيما تهديد الإرهاب سيستمر، وإن بوتائر أقل، بعد أن رسمت واشنطن خطوطها الحمراء، حول ما يجوز، وما لا يجوز فعله في هذا البلد الصغير والمنقسم على نفسه. ثمة إرهاصات لهذا التحول التكتيكي في السياسات والمقاربات الأمريكية في المنطقة، بدأت من دعم المالكي ومطالبته بالانفتاح على العشائر، ومرت بتسيير ولادة حكومة تمام سلام، ولم تتوقف عند التصريحات ذات النبرة العالية ضد إيران، والتلويح بإعادة تقييم وتقويم السياسة الأمريكية حيال سوريا، وانتهاء باسترجاع صفحات من التحالف الاستراتيجي بين الولايات المتحدة وجمهورية مصر العربية، حتى أنه بات يمكننا القول بأن بعض "المعتدلين العرب" نجحوا في إخراج واشنطن عن "اعتدالها"، البعض يقول ترددها، حيال التقدم الذي يحرزه على الأرض محور طهران – بغداد – دمشق – الضاحية الجنوبية لبيروت.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

واشنطن والاعتدال العربي  تقييم العلاقات وتقويمها واشنطن والاعتدال العربي  تقييم العلاقات وتقويمها



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia