حذار من الرهان على التعنت الإسرائيلي

حذار من الرهان على "التعنت" الإسرائيلي؟!

حذار من الرهان على "التعنت" الإسرائيلي؟!

 تونس اليوم -

حذار من الرهان على التعنت الإسرائيلي

عريب الرنتاوي

لو أن الاعتراضات الفلسطينية على "مشروع كيري" هي وحدها من يعرقل إخراجه إلى دائرة الضوء، لكانت واشنطن أقامت الدنيا ولم تقعدها، ولكانت صدرت عن واشنطن وتل أبيب، سلسلة من المواقف التي تحمّل الفلسطينيين مسؤولية الفشل، وتصف رئيسهم بأنه "ليس ذي صلة"، ولربما كنّا أمام "سور واقي 2" والذي انتهى كما هو معروف بإعادة احتلال الضفة الغربية وتدمير "المقاطعة" واغتيال ياسر عرفات بالسُم الزعاف. لكن الاعتراض الرئيس على خطة كيري يأتي هذه المرة من الجانب الإسرائيلي، وهنا يصعب على واشنطن "كسر الجرة" مع تل أبيب مثلما فعل بيل كلينتون مع الراحل "أبو عمار" ... هذه المرة، تفضل واشنطن اعتماد القنوات الخلفية والدبلوماسية الناعمة، وأساليب الإقناع، بدل الضغوط والحصار والاتهامات القاسية، التي بلغت حد إعطاء الضوء الأخضر لأريئيل شارون للمضي قدما في مخطط اغتيال الزعيم الفلسطيني. صحيح أن كيري لوّح بما يمكن أن تواجهه إسرائيل من عزلة وعقوبات إن هي لم تجنح لأفكاره ومبادرته، ما أقام الدنيا عليه ولم يقعدها ... وصحيح أن التحرك الأوروبي ضد المستوطنات، لم يأت بمعزل عن عملية الشد والجذب بين الحليفتين الاستراتيجيتين ... بيد أن الصحيح كذلك، أن "الزعل" الأمريكي من واشنطن، لم يتخط بعد مرحلة "عتاب المحبين"، وأن الدبلوماسية الناعمة، ما زالت هي سيدة الموقف في الأداء الأمريكي حيال الشطط والتطرف الإسرائيليين، وأن كل ما يفعله كيري والأطقم المحيطة به، لا يتخطى محاولة تعريف إسرائيل على مصالحها وما هو مفيد لأمنها وتفوقها و"يهوديتها" و"ديموقراطيتها" معاً. لذلك يؤثر سيد الدبلوماسية الأمريكية الاستنكاف عن الحضور للمنطقة من جديد، ويرجئ زيارة مقررة للشرق الأوسط، على أمل أن تنجح القنوات الخلفية في تذليل ما تبقى من صعاب وعقبات، تحول دون انتزاع موافقة إسرائيلية على خطته، حتى وإن كانت مثقلة بالشروط والتحفظات. وليس مستبعداً أبداً، أن يخرج من بين أفراد طاقم كيري، وبعضهم محسوب على إسرائيل وليس على الولايات المتحدة، من سيهمس في إذن نتنياهو ناصحاً: اقبل بالمبادرة وضع ما تشاء من شروط وتحفظات، وافعل كما فعل من سبقك زمن خريطة الطريق قبل أزيد من عشر سنوات، عندما قبلت بها شارون ببعض التحفظات، لتنتهي الخريطة إلى مشروع إسرائيلي لتأبيد الاحتلال وتسريع الاستيطان ومواصلة العدوان، بدليل ما نحن فيه وعليه هذه الأيام، في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، مع أن المقصود بالخريطة، إدارة مرحلة انتقالية لا تتعدى السنوات الثلاث، وصولاً لترجمة قرار مجلس الأمن بإقامة الدولة الفلسطينية العتيدة. ولا نستبعد أن يلجأ نتنياهو، تحت ضغط المصلحة الإسرائيلية العليا في حفظ العلاقات الخاصة والمتميزة مع واشنطن، ولتفادي المزيد من الضغوط الأوروبية والعزلة الدولية، لأخذ هذه النصيحة بعين الاعتبار، ليتمكن من قذف الكرة من جديد في الملعب الفلسطيني، وللقول بأن حكومته "تجرّعت كأس السم المريرة"، فيما يظهر الفلسطينيون من جديد، بأنهم غير جديرين بهذه "التنازلات المؤلمة"، وأنهم ليسوا جادون في عملية السلام. على أية حال، لم تضع محاولات كيري تسجيل اختراق على مسار الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي أوزارها بعد، فالرجل كما يقول كثيرون من الدبلوماسيين الغربيين العارفين بشخصيته وميوله، يبدو مصراً على مواصلة الطريق، وتسجيل "سبق تاريخي" ينتهي به إلى "جائزة نوبل"، والمؤكد أنه سيجد مع الإسرائيليين، تسوية من "نوعٍ ما"، تنتهي إلى انتقاله لممارسة الضغط على الجانب الفلسطيني، الذي لم يتوقف للحظة منذ أن بدأ الرجل رحلاته المكوكية للمنطقة. لذا، علينا ألا ننام على "حرير" الوهم بأن خطة كيري فاشلة لا محالة، ولا يتعين على أحدٍ منا أن يراهن على "التعنت" الإسرائيلي القائم، فإذا كان وزير الخارجية الإسرائيلي الكريه أفيغدور ليبرمان، يرى في كيري صديقاً مخلصاً لإسرائيل، وإذا كان رئيس الدولة العبرية قد انبرى داعياً للأخذ بأفكاره، ومعه كتلة كبيرة من الإسرائيليين، فإن علينا أن ننتظر لعبة "توزيع أدوار" بين الإسرائيليين، ستنتهي إلى تعظيم مكاسبهم وتحسين شروط انخراطهم في "مشروع كيري". المواجهة مع خطة كيري، قادمة لا ريب فيها، فالرجل لا يحمل في جعبته ما يمكن أن يشكل "حداً أدنى" من تطلعات الفلسطينيين وأشواقهم للحرية والاستقلال، ومن باب تحصيل الحاصل، فإن الرجل لا يحمل ما يمكن اعتباره تعبيراً عن الحد الأدنى من مصالح الأردن الوطنية العليا، وعلينا أن نكون جميعاً مستعدين لمواجهة أيام صعبة، قد لا تكون بعيدة جداً.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حذار من الرهان على التعنت الإسرائيلي حذار من الرهان على التعنت الإسرائيلي



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:22 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:53 2014 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

"Facebook messenger" سيكون متاحًا لويندوز فون بعد أسابيع

GMT 11:08 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

وقف الهدر والتبذير..شعار الكويت الجديد

GMT 16:21 2019 الخميس ,27 حزيران / يونيو

اجتماع تقني يجمع مسؤولي منتخبَي مالي وتونس

GMT 11:21 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عقدة حياتو والكامرون

GMT 14:25 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

فيلم الرعب "Jigsaw" يحقق 32 ميلون دولار في أسبوع عرضه الأول

GMT 09:26 2017 الخميس ,13 إبريل / نيسان

سوسيج تري كامب السحر الحقيقي للحياة البرية

GMT 20:34 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

"HER" BURBERRY عطر المرأة الجريئة الباحثة عن التميز

GMT 12:54 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

أبسط وأسهل طريقة لاختيار الحجاب الملون بأناقة

GMT 13:37 2012 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

كأس ألمانيا: دورتموند وشتوتغارت وبوخوم إلى ربع النهائي

GMT 03:00 2013 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

ظاهرة "الإرهاب" كلفت تونس 4 مليارات دينار
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia