كيري وضغوط ذوي القربى

كيري وضغوط "ذوي القربى"

كيري وضغوط "ذوي القربى"

 تونس اليوم -

كيري وضغوط ذوي القربى

عريب الرنتاوي

يواجه المفاوض الفلسطيني منعطفاً حاسماً، من دون أن تتوفر لديه الكثير من "أوراق القوة" وعناصر الاقتدار، في ظل ضغوط متعددة المصادر والجنسيات والأدوات، تدفع به للقبول بما لا يمكن القبول به، تحت أي ظرف من الظروف، وفي صدارة التنازلات المذلّة المطلوب تقديمها قرباناً على "مذبح كيري"، القبول بدولة ناقصة الأرض والسيادة والمقومات، وإسقاط حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، وتوزيع "دم السيادة" الفلسطينية على عاصمتهم ومقدساتهم، على إسرائيل والقبائل العربية والمجتمع الدولية، دع عنك قضية القضايا: يهودية الدولة. كيري أبلغ السلطة بأكثر من وسيلة ولسان، أن عدم الخضوع للإملاءات الإسرائيلية التي يروّج لها كيري بلسان أمريكي "مبين"، يعني من ضمن ما يعني، وقف الدعم المالي الأمريكي للسلطة، ومن خلفه الدعم الأوروبي والعربي "التابع" بالضرورة، فضلاً عن إطلاق يد إسرائيل للاستيطان في الأماكن الأكثر حساسية واستراتيجية "E1" ما من شأنه فصل شمال الضفة الغربية كليةً عن جنوبها، والسماح لإسرائيل بالامتناع عن إطلاق الدفعة الرابعة من الأسرى والمعتقلين. لا يكتف الوزير الأمريكية بهذه المروحة الواسعة من الضغوط، بل هو يعمد إلى تجييش عواصم عربية للضغط على الرئيس عباس وابتزازه، وفي أحسن السيناريوهات، توفير شبكة أمان له إن هو سقط عن شجرة الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني أو فكر بإسقاطها ... وثمة معلومات مقلقة تتحدث عن قبول عاصمة عربية كبرى بأفكار كيري، واستعدادها للعمل معه "سوياً" من أجل إقناع الرئيس عباس بالقبول بـ "يهودية الدولة"، وهذا ما حدا بالسلطة الفلسطينية للاستعجال بمخاطبة أعضاء اللجنة الوزارية العربية التي ستجتمع بجون كيري بعد يومين في باريس، لدعم موقف المفاوض الفلسطيني الرافض لـ "يهودية الدولة"، والحذر من ألاعيب كيري ومحاولاته تمرير هذه المطلب الإسرائيلي مغلفاً بضمانات لا تصمد أمام نهم إسرائيل للاستيطان و"الأسرلة" و"التهويد". لكأن التاريخ يعيد انتاج سيرته الأولى، بعض العرب لا يجدون ما يسددون به أثمان خطاياهم وطموحاتهم، سوى بمد أيديهم إلى "كيس الفلسطينيين" وحقوقهم ... فالذين أرادوا استرضاء اليمين الأمريكي وانتزاع تأييده في مواجهة الثورة الإسلامية الإيرانية والتخلص من تردد إدارة كارتر في مواجهتها في مفتتح ثمانينيات القرن الفائت، عمدوا إلى تقديم أول مبادرة سلام عربية، تساوقاً مع مبادرة ريغان التي مثلت أول تخلٍ عربي رسمي جماعي، عن الحقوق التاريخية في فلسطين ... والذين أرادوا استيعاب موجة الغضب الأمريكية بعد جريمة الحادي عشر من سبتمبر 2001، كانوا روّداً في تقديم وجبة جديدة من التنازلات التي اشتملت عليها مبادرة قمة بيروت ... والذين حاولوا درء القرار الدولي بالتغيير في دولهم الصغيرة التي تخطت أدوارها الإقليمية حدود المنطق والمعقول، قدموا طبق "تبادل الأراضي" للوزير الأمريكي، باسم المجموعة العربية، مجاناً ومن دون أن يطلب إليهم فعل ذلك، ورغم أن قطار التغير واصل سيره، إلا أن سابقة "التنازل العربي الجماعي والمجاني" ظلت ماثلة في سجل المساعي الرامية لإنجاز حل سياسي للقضية الفلسطينية بأي ثمن. اليوم يتكرر المشهد بأشكال مختلفة، واشنطن الباحثة عن تسويات لأكثر ملفات المنطقة تفجراً وأهمية، تنوي التقدم على مساري إيران وسوريا، غير مكترثة بحسابات البعض وحساسياته، وبصورة تنذر مرة أخرى، بإعادة توزين أدوار القوى وأحجامها، وهذا ما لا يريده بعض اللاعبين ويسعى في تفاديه ما أمكن، حتى وإن اضطر إلى "مسايرة" واشنطن على المسار الفلسطيني لكبح اندفاعتها "التسووية" على المسارين السوري والإيراني، وإعادة تذكيرها بأن لبعض الحلفاء العرب، من معسكر الاعتدال، أدواراً استراتيجية لم تستنفذ بعد، بما فيها "تدوير الزوايا الحادة" في المواقف والمطالب الفلسطينية. والخلاصة أن الفلسطينيين يراد لهم دائماً أن يدفعوا الثمن باهظاً لحروب الآخرين وأجنداتهم، تارة في مواجهة "العدو القومي الجديد": إيران، وتارة ثانية للاغتسال من تهمة انتاج الإرهاب وتفريخه، وتارة ثالثة للسببين معاً، وهذا ما نلحظه اليوم في كواليس التحركات الأمريكية على خط بعض العواصم العربية، فالحذر الحذر.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيري وضغوط ذوي القربى كيري وضغوط ذوي القربى



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia