الحرب الإقليميةالدولية على داعش

الحرب الإقليمية/الدولية على "داعش"

الحرب الإقليمية/الدولية على "داعش"

 تونس اليوم -

الحرب الإقليميةالدولية على داعش

عريب الرنتاوي

    فجأة ومن دون سابق إنذار، تجد "داعش" نفسها في حرب ضد الجميع ... واشنطن تحرض عليها، وتحشد المعارضات جميعها لقتالها، يسعى سفيرها على سوريا روبرت فورد لفرز "غث داعش" عن "سمين الجبهة الإسلامية"، ويعطي عيناً من طين وأخرى من عجين، للتحالف القائم بين أركان الجبهة المذكورة و"جبهة النصرة" التي أدرجتها واشنطن ذاتها في قوائم الإرهاب، أما "النصرة" فهي تتقلب على الجنبين: سعيدةً باستلام مواقع داعش و"وراثتها" في ريفي حلب وإدلب من جهة، وقلقة من أن تؤكل يوم أكل الثورة الأسود من جهة ثانية. المالكي يضرب "داعش" بسفين، سيف الدعم الأمريكي العسكري والسياسي المفتوح، وسيف الدعم الإيراني الذي لا يقل مضاءً، وهو بدأ يجد من يستجيب لنداءاته من عرب الأنبار وسنتها، وما هي إلا أيام، حتى تكون الرمادي والفلوجة قد عادتا لحضن الدولة، لتبقى معسكرات "داعش" في صحراء الأنبار، أهدافاً سهلة للطيران الحربية والمروحيات والقصف المدفعي والصاروخي. الغريب في الأمر، ما تناقلته وكالات الأنباء وبعض الصحف العربية، عن دخول سعودي على خط الحرب على "داعش"، بل واستنفار "ذراعها الدعوي / الفقهي" لشيطنة التنظيم وإهدار دمه، وتحريض الفصائل الجهادية عليه، وبتنسيق منقطع النظير مع الولايات المتحدة وحكومة أردوغان ومخابراتها كذلك، وثمة معلومات أن الأردن بدوره، ليس بعيداً عن "صحوة الأنبار" ضد "داعش"، وأنه شجع عشائر عراقية سنية على العمل لتخليص مناطقهم مرة ثانية من القاعدة، تماماً مثلما فعلوا أول مرة، وبدعم أردني، زمن "الصحوات العشائرية" التي أطاحت بنفوذ القاعدة في الأنبار المجاورة. الخلاصة أن لحظة تسديد الحساب مع "داعش" قد أزفت، وأن القرار الدولي الإقليمي باجتثاثها قد اتخذ، وهذا أمر يجب أن يطرح عدة أسئلة وتساؤلات وملاحظات: أولاً، أن "داعش" ليس هشة إلى الحد الذي يمكن تنتهي معه بجولة أو عدة جولات في العراق أو سوريا ... التنظيم أكثر "صلابة" من أن يهزم بالضربة القاضية الفنية، والأرجح أن تنفيذ القرار الدولي باجتثاثه، سيحتاج أشهراً وربما سنوات، والعديد من المعارك والحرب، وألوف الضحايا في المواجهات والعمليات الانتحارية والمفخخات. ثانياً، أن البدائل التي تُعدّ لـ "داعش" ليست بعيدة عنها على الإطلاق، بل أن معظمها يدور في فلكها ويحذو حذوها، مع فارق واحد، أن لـ "داعش" أجندة أكثر طموحاً من "النصرة" و"الجبهة الإسلامية" التي تحصران تفويضهما بـ "ولاية سوريا"، لكن على المرء ألا يتفاجأ إن اتسع التفويض الذي تمنحه هذه المنظمات لنفسها، و"النصرة" على سبيل المثال، نقلت جزءاً من عملياتها إلى لبنان، وليست مستبعداً أن تلتحق بخنادق "داعش" إن هي اقتنعت بأنها ستكون الهدف التالي للحرب الإقليمية – الدولية المفتوحة على الأخيرة. ثالثاً: إن هذه الحرب المفتوحة على "داعش" ستنهي آخر الهوامش التي تتحرك فيها المعارضات المسلحة غير الإسلامية، والتي تتدثر برداء الائتلاف والجيش الحر ... هذه الحرب ستنتهي بتكريس نفوذ "الجبهة الإسلامية" كممثل شرعي وحيد للمعارضة المسلحة، وسيكون لها القول الفصل في تقرير موقف المعارضة، وهنا علينا ان نتساءل عن القوى الإقليمية التي تتمتع بـ "دالة قوية" على "الجبهة" ومصائر مؤتمر جنيف والحلول السياسية للأزمة السورية، وما إذا كانت "الجبهة" ستقبل بالشعارات المُؤّسِسّةِ للثورة السورية، وهي التي نشأت في مواجهتها وبالضد منها، ومن يساوره الشك فيما نقول، فليرجع لميثاق الجبهة وأدبياتها، وليحاول استخلاص الفروق بينها وبين أدبيات "داعش "و"النصرة". رابعاً: أن النظام هو المستفيد الأول من حروب معارضيه ومعاركهم، بيد أنه قد يواجه في حال إحراز "الجبهة" وجيشها الإسلامي و"جيش المجاهدين" اختراقاً على جبهات القتال، بقوة ضاربة، مدعومة إقليميا وغير مغضوب عليها دولياً، وعندها ستكون المنازل العسكرية والسياسية مع هؤلاء الخصوم الجدد / القدامى، أشد صعوبة. خامساً، إن هذه الحرب المفتوحة على "داعش" يُراد لها أن تستبق مؤتمر "جنيف 2"، أولاً لنزع الوكالة الحصرية التي يدعيها النظام بمحاربة الإرهاب، من خلال "تظهير" قوى جديدة تقاتل الإرهاب و"داعش"، وثانياً، من أجل وضع شروط على مائدة المفاوضات، تنسجم مع اشتراطات بعض اللاعبين الإقليميين الداعمين للجبهة، والذين لم يظهروا يوماً رغبة في حل سياسي للأزمة السورية، ولطالما نظروا لـ "جنيف 2" على أنه تهديد لمصالحها ونفوذهم وحساباتهم. ما يجري في شمال – شرق سوريا، حرب وقودها الناس والحجارة، لا ناقة للشعب السوري فيها ولا جمل، إنها حروب الوكالة التي تخاض بدم سوري رخيص، وربما تستمر حتى آخر سوري، فمن سيهتم لمائة ألف قتيل إضافي؟    

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحرب الإقليميةالدولية على داعش الحرب الإقليميةالدولية على داعش



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia