مصر  الاستعصاء المقيم

مصر ... "الاستعصاء" المقيم

مصر ... "الاستعصاء" المقيم

 تونس اليوم -

مصر  الاستعصاء المقيم

عريب الرنتاوي

أنباء مصر، لا تسر صديقاً ولا تغيظ عدوا ... الإرهاب الأعمى يضرب في عمق سيناء والقاهرة ... والعلاقة بين الحكم الجديد والإخوان، تدهورت كما لم يحدث طوال أزيد من ثمانية عقود ... وحال الحريات بلغ دركاً بائساً من التضييق والتراجع، سيما بعد الزج بعدد من رموز ثورة 25 يناير خلف القضبان، على خلفية القانون سيء الذكر للتظاهر والاجتماعات العامة ... فيما رموز النظام القادم تستجمع قواها لخوض الانتخابات المقبلة، وثمة حراك غير مسبوق أيضاَ، لإعداد القوائم واللوائح الانتخابية ... أما المحاكم المصرية، فلم تنطق حتى الآن، إلا بأحكام البراءة لكل من مثل أمامها من رموز النظام القديم، حتى أننا بتنا نفكر جدياً بـ"تقديم" الاعتذار والتعويضات المناسبة لكل من قضى ردحاً من الوقت في السجون وهو "بريء"؟! إعلان جماعة الإخوان المسلمين تنظيماً إرهابياً بكل مقتضيات القانون ومندرجاته وتبعاته، أمر بالغ الخطورة ... رأينا الحكومة تتحدث بذلك ثم تتراجع وتنفي، إلى أن قرر مجلس الوزراء إدراج الجماعة في القائمة السوداء للمنظمات الإرهابية، ليخرج نائب رئيس الحكومة ببيان رسمي يتلو فيه "الأسباب الموجبة" لهكذا قرار، وفي ظني أن العهد المصري الجديد، يكون بذلك قد قطع "شعرة معاوية" مع الجماعة، واجتاز آخر الخطوط الحمراء التي حرصت عهود متعاقبة على عدم اجتيازها في علاقاتها بالإخوان. كنا نفهم أن يقال بإن الجماعة تقوم بدورٍ تحريضي على العنف ... وأن مظاهراتها الأخيرة أخذت تفقد "سلميتها" يوماً بعد آخر، وتظاهرة بعد أخرى ... وأن الجماعة تتصرف بنزق وضيق أفق، ظناً منها أن عقارب الساعة ستعود للوراء ... ولقد انتقدنا سلوك الجماعية وقلنا في وصفه أنه ينهض على نظرية "هدم المعبد" وشعار "من خلفي الطوفان". وكنا سنفهم لو أن الاتهام قال بإن الجماعة ترتبط ببعض "صلات الود الفكرية" مع الجماعات الإرهابية، وأنها تتحاشى الصدام مع الفكر التكفيري، بل ولا تراه فكراً تكفيرياً بالأساس، وغالباً ما تنحو لتبريره وتسويغه بإلقاء اللائمة فيه وعنه، على عاتق أطراف أخرى، فتكون الجريمة الإرهابية، ردة فعل غير مقبولة في أحسن الأحوال، وليست فعلاً إرهابياً عن سابق الترصد والإصرار، يستوجب أغلظ العقوبات ... مثل هذه المقاربة، حكمت مواقف الإخوان من القاعدة وممارساتها، بما فيها الموجهة لأهداف عربية وإسلامية، وأتحدى أن تجد نصوصاً ذات مغزى في خطاب الإخوان تندد بالقاعدة وتدين فكرها وأعمالها، بل وأزعم أنك ستجد شيئاً معاكسا، فصورة ابن لادن والقاعدة، إيجابية بالحد الأدنى، في صحافة الإخوان وخطابهم ... وتلكم واحدة من "المناطق الرمادية" في فكر الإخوان وممارساتهم، لطالما دعونا لتبديدها وإجلائها. لكننا في المقابل، لا نفهم أن يُدرج الإخوان في عداد التنظيمات الإرهابية، وأن تخضع عضوية التنظيم وفكره ونشاطه ومؤسسات الاجتماعية والتربوية تحت مقصلة محاربة الإرهاب ... مثل هذه المقاربة، ستحيل الإخوان فعلاً إلى جماعة إرهابية، وستعزز اتجاهات العنف والتطرف والغلو في أوساطها، وستُكسب الجماعات الإرهابية الصغيرة، بيئة حاضنة وممولة وداعمة ومشاركة في الإرهاب، وفي هذا ما يتنافى مع مصلحة مصر والنظام والجماعة على حد سواء. أدرج النظام السوري الإخوان في عداد قوائمه السوداء، فماذا كانت النتيجة؟ ... ولماذا الاعتقاد بأن الوضع في مصر، موطن الجماعة ومهدها الأصلي، سوف يكون أفضل حالاً ... ومن قال إن إدراج الجماعة كمنظمة إرهابية، سوف ينهي مشكلة العنف في مصر، ولا يفاقهما ... من قال إن "الخيار الأمني" يمكن أن يكون حلاً لهذه المشكلة؟ الوضع في مصر إلى تدهور مستمر، وخريطة الطريق قد "تشرعن الانتقال من سلطة إلى سلطة"، بيد أن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح، وحتى بفرض إنجاز هذه الخريطة، هل ستتخلص مصر من خطر الإرهاب الذي يطل برأسه البشع في شوارعها ومدنها وصحاريها؟ ... مخطئ من يعتقد أن الأمر يمكن ان يسوى بانتخابات نيابية أو رئاسية. الإخوان ليسوا براء من حالة الاستعصاء التي وصلت إليها مصر، لا وهم في السلطة ولا من بعد ما أخرجوا منها ... وهم يتصرفون اليوم على قاعدة "نحن أو الخراب" ... لكن في المقابل، ليس ثمة ما يثير الطمأنينة إلى أن العهد الجديد، جاد في نقل مصر إلى ضفاف الحرية والديمقراطية، وبمشاركة الجميع من أبنائها من دون إقصاء او إلغاء ... فالعهد الذي يضيق بأحمد ماهر وشباب 6 أبريل، يصعب عليه أن يستوعب الإخوان وحلفاءهم ... والعهد الذي يعيد الاعتبار بالجملة والتقسيط لرموز النظام القديم، لا يمكن ان يكون وفياً لأهداف ثورتي يناير ويونيو المجيدتين.  

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر  الاستعصاء المقيم مصر  الاستعصاء المقيم



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia