روسيا الزاحفة لملء الفراغ لأمريكي

روسيا الزاحفة لملء الفراغ لأمريكي

روسيا الزاحفة لملء الفراغ لأمريكي

 تونس اليوم -

روسيا الزاحفة لملء الفراغ لأمريكي

عريب الرنتاوي

    علاقات واشنطن بجميع حلفائها "الكبار" في المنطقة، تمر بواحدة من لحظاتها الحرجة ... لكل حليف من حلفائها ما يكفيه من الأسباب والدوافع المثيرة للغضب والباعثة على إعادة تقييم الموقف ... وثمة ما يشبه حالة "التفلّت" من القبضة الأمريكية المحكمة، تهيمن بتفاوت، على سلوك العواصم الكبيرة في الشرق الأوسط. ثمة أزمة غير خافية على أحد، تطبع علاقات واشنطن بالرياض، على خلفية الموقف الأمريكي من الأزمتين الكبريين في المنطقة: إيران وسوريا ... والسعودية لم تعد تخفي انزعاجها من الموقف الأمريكي بعد "الكيماوي السوري" و"النووي الإيراني"، وفي كل مرة يزور فيها الوزير الأمريكي جنيف للقاء الروس أو الإيرانيين، تبدأ صفارات الإنذار في الرياض بإطلاق صيحات القلق والتحذير، وتعود "مصادر سعودية" للحديث عن خيارات السعودية في المرحلة القامة، بما فيها تنويع التحالفات ومصادر السلاح وخرائط التبادل التجاري والنفطي. والأزمة مع مصر، سابقة للأزمة مع السعودية، فالقاهرة تابعت بقلق المواقف الأمريكية المتعاطفة مع نظام مرسي وحكم الإخوان، وتنديدها بـ"الانقلاب/ الثورة"، وبرغم التبدل المتدرج الذي طرأ على مواقف واشنطن من التغيير الحاصل في مصر، إلا أن ذلك لم ينجح في تغيير التوجه المصري نحو تنويع التحالفات ومصادر السلاح، وهذه الحرارة المفاجئة في قنوات الحوار والتواصل مع روسيا، ما كان لها أن تحدث لولا البرودة الشديدة التي سيطرت على مناخات العلاقات الثنائية الأمريكية – المصرية ... ومن الواضح تماماً أن ثمة تنسيق مصري – سعودي في هذا السياق، يشتمل على تمويل المملكة لصفقات تسلح مصرية من مصادر غير أمريكية. وثمة ملامح تأزم في علاقات واشنطن مع أنقرة، بعد الصفعة التي وجهتها الإدارة الأمريكية لحكومة رجب طيب أردوغان، برفضها دعواته الملحة للتدخل العسكري وحسم الموقف مع نظام دمشق، وفي ضوء الخلاف حول "جنيف 2"، والتباين حول ما يثيره الدعم التركي للجماعات الجهادية من انزعاج أمريكي وما يستولده من ضغوط على أنقرة لإحكام السيطرة على حدودها ... تركيا أيضاً تذهب باتجاه تنويع التحالفات ومصادر السلاح، وستكون أول أطلسية تشتري سلاحاً من الصين، وهي تعمل من دون كلل على استعادة علاقاتها مع بغداد وطهران، فيما يشبه إعادة التقييم والتقويم والتموضع. أما العراق، الذي دفعت واشنطن خمسة آلاف قتيل ومئات مليارات الدولارات لـ"تحريره" من قبضة صدام حسين، وليكون بوابة "شرقها الأوسط الجديد"، فقد انتهى لقمة صائغة في فم إيران، تحتفظ فيه بنفوذ يتخطى نفوذ واشنطن، حتى أن بعض المراقبين والمحللين، بات يدرجه في إطار ما أسمي بمحور "المقاومة والممانعة"، أو يعدّه حديقة خلفية لنفوذ إيران ومصالحها في المنطقة، ومن دون أن تُضطر لدفع دولار واحد أو إراقة قطر دم إيرانية واحدة ... العراق هذا، ليس بعيداً عن نظرية "تنويع التحالفات ومصادر السلاح"، والمالكي قاد بنفسه محادثات التسلح العراقي من روسيا. حتى مع تل أبيب، لا تبدو علاقات واشنطن في أحسن حال، سيما على خلفية الموقف الأمريكي من الاستيطان، وتعج صحافة إسرائيل العبرية بما يمكن وصفه "حملات ردح" ضد الوزير الجاهل والغبي، في إشارة إلى جون كيري، وثمة ما يشير إلى اتساع الفجوة بين الحليفتين على خلفية الموقف من عملية السلام من جهة، والملف النووي الإيراني من جهة ثانية، وليس واضحاً حتى الآن، كيف ستتصرف إسرائيل حيال هذا "الشطط" الأمريكي الذي يقدم لإيران مزايا استراتيجية مجانية من وجهة نظر إسرائيل وبعض حلفاء واشنطن الغاضبين. باستثناء إسرائيل، حتى الوقت الحاضر على الأقل، تُخلّف التأزمات في علاقات واشنطن بحلفائها الكبار، "فراغاً" تسعى دول الإقليم لملئه بتنويع تحالفاتها ومصادر تسلحها، وبما يفسح في المجال أمام روسيا أساساً، والصين بدرجة أقل، للتقدم لملء الفراغ الأمريكي في المنطقة، الأمر الذي يعيد موسكو كلاعب رئيس على حلبة الشرق الأوسط، بعد أكثر من أربعين عاماً من الغياب والتغييب، أي منذ سنوات "الركود البريجنيفي" مروراً بـ"البيريسترويكا" وانتهاء بعهد بوريس يلتسين الخائب.  

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

روسيا الزاحفة لملء الفراغ لأمريكي روسيا الزاحفة لملء الفراغ لأمريكي



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia