تركيا وعمقها الاستراتيجي  المراجعة المطلوبة

تركيا و"عمقها الاستراتيجي" ... المراجعة المطلوبة

تركيا و"عمقها الاستراتيجي" ... المراجعة المطلوبة

 تونس اليوم -

تركيا وعمقها الاستراتيجي  المراجعة المطلوبة

عريب الرنتاوي

تحتاج تركيا إلى أكثر من زيارة يقوم بها وزير خارجيتها إلى بغداد، حتى ترمم ما تبقى من صورتها ودورها في المنطقة، وهي التي تورطت من الرأس حتى أخمص القدمين، في أكثر من أزمة من أزمات المنطقة، وكان أداؤها في منتهى "الغلو" و"الارتجالية"، لكننا من موقع الإدراك العميق، لأهمية تركيا كدولة إقليمية كبرى في المنطقة، نأمل أن تكون "الصفحة التي طويت" في علاقات بغداد بأنقرة، بداية صفحةٍ جديدة في علاقات تركيا بالمنطقة بمجملها، بدءاً من سوريا وليس انتهاء بمصر ما بعد الثلاثين من يونيو. ثمة مؤشرات، لم تتبلور بصورتها النهائية بعد، دالّة على أن تركيا قد تكون بصدد مراجعة سياستها الخارجية ... زيارة أحمد داود أوغلو للعراق والتحسن الطارئ على العلاقات التركية – العراقية، قد تكون "أول غيث" هذه المراجعة ... وثمة إشارات خجولة باتجاه مصر (إعادة السفير إل القاهرة)، تمحو آثارها الإيجابية المتواضعة، المواقف الانفعالية التي تصدر عن أردوغان بين الحين والآخر ... لكن المراجعة الأهم، تتجلى على الحدود التركية – السورية، حيث تجد أنقرة نفسها تحت أشد الضغوط، لوقف تدفق القاعدة والمجاهدين والسلاح إلى الداخل السوري. والحقيقة أن تركيا ذهبت في مشوار تورطها في الأزمة السورية إلى أبعد حد، وبات أداؤها مبعثاً لقلق حلفائها قبل خصومها ... ولقد أورد الإعلام الغربي في الآونة الأخيرة، تقارير وتحقيقات استقصائية، تظهر عمليات تهريب السلاح إلى الداخل السوري، وتكشف عن شبكات نقل الإرهابيين عبر المطارات ونقاط الحدود التركية إلى سوريا، وتحت سمع وأبصار أجهزة الأمن وبضوء أخضر من "المستوى السياسي" في أنقرة. وثمة وقائع عدة، تكشف عن محاولات تهريب وتصنيع مواد كيماوية تستخدم في إنتاج الأسلحة، جرى ضبطها أو الكشف عنها، وقعت على الحدود مع سوريا أو في أضنة ... قبل عدة أشهر، ضبطت السلطات خلية للقاعدة متلبسة بجرم تهريب أسلحة كيماوية، وقبل أيام ضبطت في أضنة ثلاث شاحنات محملة بمواد كيماوية مصنعة في تركيا في طريقها إلى سوريا، لكن السلطات التركية، تُبقي تحقيقاتها حول هذه المسائل، طي الكتمان، ما يستدعي ضغوطاً دولية على أنقرة للكشف عن نتائج هذه التحقيقات لمعرفة المُورّد والمُستورد لهذا المواد. وحكاية الجهاديين مع "الملاذات التركية الأمنة" على مقربة من الحدود مع سوريا، باتت مفضوحة ... وثمة تقارير بشأنها موثقة بالصوت والصورة، صدرت عن جهات إعلامية وسياسية سورية وإقليمية ودولية، لا مجال لأنكارها أو التقليل من شأنها ... ويزداد الأمر خطورة مع تواتر المعلومات عن خطة لتدريب أزيد من عشرة ألف مقاتل سلفي في الباكستان، بتمويل من دولة عربية مقتدرة، وتهريبهم إلى سوريا عبر حدودها الشمالية والجنوبية، لتدعيم "جيش الإسلام" السلفي البديل عن الجيش السوري الحر، الذي يكاد يلفظ أنفاسه الأخيرة. سوريا، هي نقطة البدء في "المراجعة المطلوبة" من قبل حكومة العدالة والتنمية، على أهمية الملفات والأزمات الأخرى المشتعلة في المنطقة، وليس مطلوباً من أردوغان – أوغلو أن ينقلا بندقيتهما من كتف إلى كتف، ليس مطلوباً منهما استعادة بعض حلقات "العشق الحرام" مع نظام دمشق، المطلوب من تركيا أن تتصرف كدولة مسؤولة عن أمن المنطقة واستقرارها، وأن تضيف جهودها إلى جهود الآخرين، في احتواء التطرف والغلو، ومحاربة العنف والإرهاب، بدل التواطؤ معه وتسهيل عمل منظماته ... بعد ذلك، لتُبقِ أنقرة على دعمها للمعارضة السياسية وعلى مواقفها المناهضة للنظام السوري، فهذا شأنها كما هو شأن كثيرين في هذه المنطقة. تركيا ستفعل ذلك، طائعة أم مرغمة، والأفضل أن تفعله طائعة، وأن تفعله في أسرع وقت ممكن، اختصاراً للمعاناة وحقنا للدماء، وإنقاذاً لما يمكن إنقاذه من علاقات تركيا مع "عمقها الاستراتيجي"، وفي مسعى نأمله جدياً، للنجاح في ترميم صورة تركيا وإنقاذ تجربة العدالة والتنمية التي يبدو أنها "سقطت" أو تكاد، عند أول اختبار لها على صخرة "الربيع العربي".  

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تركيا وعمقها الاستراتيجي  المراجعة المطلوبة تركيا وعمقها الاستراتيجي  المراجعة المطلوبة



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia