المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية  ماذا لو

المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية ... ماذا لو؟

المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية ... ماذا لو؟

 تونس اليوم -

المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية  ماذا لو

عريب الرنتاوي

تذهب أغلب القراءات والتقديرات المتصلة بسير المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية للتنبؤ بوصولها إلى جدار مسدود، مستندة إلى التصريحات المتشائمة التي غالباً ما تصدر عن بعض المسؤولين من كلا الجانبين، ومعتمدةً على قراءة معمّقة لاتجاهات تطور الرأي العام والمجتمع الإسرائيليين ... لكن ذلك لم يمنع صدور بعض التصريحات والتقديرات المتفائلة، بعضها عن مسؤولين كبار في السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية، والأهم ما تهمس به بعض الدوائر الدبلوماسية الغربية القريبة من هذا الملف. من ناحيتنا أجبنا في مرات عديدة سابقة، ونجيب اليوم على سؤال هل ستنجح المفاوضات، وقلنا إن طريقها "مسدود ... مسدود"، وعزونا السبب إلى التبدلات العميقة التي جرت خلال العقدين الأخيرين في بنية وتكوين المجتمع الإسرائيلي، واتجاه غالبيته العظمى نحو التطرف الديني والقومي، وتنامي نفوذ "لوبي الاستيطان" في السياسة الداخلية الإسرائيلية، وتحوله إلى "حزب حاكم" إلى جانب الليكود وكاديما وغيرهما من أحزاب اليمين واليمين المتطرف. لكننا هذه المرة سنحاول الإجابة على سؤال: ماذا لو نجحت هذه المفاوضات في الوصول إلى اتفاق؟ ... كيف سيكون شكل هذا الاتفاق وسقوفه؟ ... أية حقوق "ثابتة" للشعب الفلسطيني سيُسقطها أو ستسقط في الطريق للوصول إليه؟ ... هل سيكون اتفاقاً من النوع القابل للتسويغ والتسويق؟ ... هل سيعزز مكانة القيادة الفلسطينية بما تمثل ومن تمثل، أم أنه سيكون المسمار الأخير في نعشها؟ ... هل سيكون نهاية مطاف الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة كما عرفناها منذ العام 1965؟ ... كيف ستكون انعكاساته على ميزان القوى داخل الحركة الفلسطينية بجناحيها "الوطني" و"الإسلامي"؟ ... وغير ذلك فيض من الأسئلة والتساؤلات. وأحسب بادئ ذي بدء، أن هذه المفاوضات تنطلق من نقطة متدنية للغاية من جانب المفاوض الفلسطيني ... لا لجهة موازين القوى على الأرض والتي تبدو مختلّة تماماً لصالح الاحتلال، بل ولجهة المرجعيات والشروط التي تحيط بها كذلك ... فالمفاوض الفلسطيني قَبِل أن يتفاوض دون وقف الاستيطان، ولم يتمكن من إلزام إسرائيل بمرجعية محددة لهذا المفاوضات، وكل ما حصل عليه كـ"جائزة ترضية" هو إطلاق مشروط ومتدرج لمائة وأربعة من قدماء المناضلين الأسرى (قبل أوسلو)، على أربعة دفعات، تقتطع إسرائيل قبل الإفراج عن كل دفعة منها، ما يكفي لبناء مئات وآلاف الوحدات الاستيطانية في الضفة والقدس. وفي ضوء "الانفراد الأمريكي" برعاية هذه المفاوضات والتوسط بشأنها، فإن ما كان يعرف بمبادئ كلينتون التي رفضها الرئيس الراحل ياسر عرفات، ودفع حياته ثمناً لذلك، باتت تشكل اليوم، سقف المواقف الأمريكية لا أرضيتها أو حدها الأدنى، فتبادل الأراضي مرشح للاتساع على نطاق واسع، والقدس من وجهة النظر الإسرائيلية غير خاضعة للنقاش بوصفها "العاصمة الأبدية الموحدة" والحديث عن حقوق اللاجئين ضربٌ من العبث، أما "السيادة" على الأرض والفضاء والموارد والمعابر، فسوف تخضع لضوابط ومحددات نظرية الأمن الإسرائيلية. بهذا المعنى، وفي ضوء المعطيات المحلية والإقليمية والدولية، لا يبدو أن المفاوضات كما سبق وأن قلنا، ستنتهي إلى اتفاق، وفي حال "حصلت المعجزة" وطاشت نبوءاتنا، فإن الاتفاق المنشود، سيكون على حساب الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية المشروعة، ولن يكون بإمكان موقعيه، تسويغه وتسويقه، وستدفع القيادة التي ستقبل به، الثمن باهظاً من صورتها ومكانتها ونفوذها و"تمثيلها"، وسيُمَكّن خصومها ومنافسيها المحليين، من استعادة نفوذ فقدوه بسبب ما قارفوه من أخطاء وخطايا في سياساتهم وحساباتهم، والأهم من كل هذا وذاك، إن اتفاقاً ناقصاً، حتى لا نقول "إملاءً مُذلاً" لن يكون قادراً على إنهاء مطالبات الشعب الفلسطيني، واستتباعاً إنهاء كفاحه العادل والمشروع من أجل الحرية والاستقلال والعودة وتقرير المصير وبناء الدولة المستقلة وعاصمتها القدس. اتفاق كهذا، لن ينهي الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، بقدر ما سيفتح الباب رحباً لمرحلة طويلة وحقبة مريرة من الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، وسيتكرس الانقسام و"يُشرعن" هذه المرة، وسيضم إلى صفوفه قوى جديدة، ظلت حتى الآن في موقع "الأغلبية الصامتة" أو الأغلبية المغلوب على أمرها. وأجازف بالقول، أن قبول القيادة الفلسطينية باتفاق كهذا، يَجُبُّ مسيرة كفاح شعب كامل وحركة وطنية ملأت الأرض والفضاء، لا يبدو مرجحاً، سيما في مناخات "الربيع العربي"، وخروج مارد الجماهير الغفيرة من قمقمه مرة واحدة وإلى الأبد ... لكن في السياسة يصعب الجزم باتجاه تطور المواقف والمواقع، سيما في ظل التبدل السريع والثوري لاتجاهات تطور الأحداث في منطقتنا.  

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية  ماذا لو المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية  ماذا لو



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia