الإبراهيمي في دمشق  بين زيارتين

الإبراهيمي في دمشق ... بين زيارتين

الإبراهيمي في دمشق ... بين زيارتين

 تونس اليوم -

الإبراهيمي في دمشق  بين زيارتين

عريب الرنتاوي

عام تقريباً، يفصل بين آخر زيارتين للأخضر الإبراهيمي لسوريا .... زيارته قبل الأخيرة في كانون أول الماضي، انتهت إلى خروج الأسد من الاجتماع مع الموفد الأممي، تعبيراً عن الضيق والاحتجاج على سؤال الإبراهيمي عمّا إذا كان الأسد مصراً على الترشح لولاية رئاسية ثانية ... أما زيارته الحالية، فقد استبقها الإبراهيمي العائد من طهران والمار ببيروت في طريقه إلى دمشق، بالقول إن "الأسد المنبوذ سابقاً بات شريكاً للمجتمع الدولي"، وأنه شريك أيضاً في المرحلة الانتقالية من دون أن يقودها. عشرة أشهر فصلت ما بين الزيارتين، كانت كافية لإحداث الانعطافة في اتجاهات تطور الأزمة السورية ... من نظام آيل للسقوط، معزول ومنبوذ دولياً، ينتظر "أم المعارك" في دمشق، إلى نظام بات يُنظر إليه بوصفه "شريكاً في الحال"، وليس طرفاً في المشكلة/ الأزمة فقط. تطورات هامة، سياسية وميدانية، محلية وإقليمية ودولية، وقعت خلال هذا الفاصل الزمني، جعلت مثل هذا التحول، أمراً ممكناً، بل وينبئ بالمزيد من التحولات في قادمات الأيام ... ميدانياً، فشلت المعارضة في إنجاز "اختراق" على جبهات القتال، مقابل نجاحات ذات طبيعة استراتيجية حققتها قوات النظام على جبهات "حمص/القصير" وريف دمشق وغوطتيها وأرياف حلب وإدلب وحماة ... فضلا عن صعود الدور المهمين للمليشيات المسلحة المحسوبة على القاعدة وتفريعاتها وتفريخاتها، ما أثار قلق الشعب السوري ودول المنطقة والمجتمع الدولي، دع عنك تآكل معارضة الخارج وتشققها وتفشي مظاهر الفساد والإفساد في صفوفها، وتعدد مرجعيّاتها وارتباطاتها الأمنية بدول عربية وإقليمية باتت معروفة للقاصي والداني. سياسياً، بدا المشهد أكثر دراماتيكية، وعلى مختلف النطاقات الإقليمية والدولية ... مصر أسقطت حكم الإخوان المسلمين وخرجت من المحور المناهض بقوة لنظام الأسد وأية حلول سياسية معه ... تركيا بدأت بتلقي "التداعيات الخطرة" لسياساتها الرعناء سورياً وإقليمياً، حيث انكفأ دورها إلى حدود "تقديم التسهيلات" للنصرة و"داعش" وغيرهما من القوى المسلحة ... قطر شهدت تغييراً درامياً غير مسبوق لا في دول الخليج ولا في المنطقة بعمومها، دفعها للانكفاء عن دورها النشط في التحشيد ضد دمشق ... وظلت السعودية على موقفها المتزعم لجبهة القوى الداعمة للحسم العسكري والتدخل الدولي وإسقاط النظام ورفض الحلول السياسية. على الساحة الدولية، بدا التغيير أعمق وأكثر "جوهرية" ... صمد التوافق الروسي – الأمريكي حول "جنيف 1" توطئة لـ"جنيف 2" ... تطور هذا التوافق وصولاً إلى "صفقة الكيماوي" التي أعادت النظام إلى المجتمع الدولي من نافذة الوكالة الدولية بعد أن كان خرج منه من بوابة مجلس الأمن ... دخلت طهران وواشنطن في مرحلة من الانفتاح والغزل غير العذري، لأول مرة منذ أربعة وثلاثين عاماً ... وبدا للحظة أن الريح الدولية قد غيّرت اتجاهات هبوبها بزاوية مقدارها 180 درجة، وبصورة تدفع على الجزم بأن إجماعاً دولياً نادراً يكاد أن يكون قد انعقد حول "الحل السياسي" كضرورة لإدراك ما يمكن تداركه، لا لحفظ سوريا ووحدة ترابها ومؤسساتها ومنع تحولها إلى "ليبيا 2" فحسب، بل بوصفه ايضاَ جزءاً من منظومة الأمن الإقليمي والدولي، الذي يضع الإرهاب في صدارة مهدداته وأولوياته ... ما سمح لأول مرة، بتبدل المواقف وانقلاب الموازين. إسرائيل التي دعمت إسقاط نظام الأسد بوصفه مع إيران وحزب الله، يمثل "تهديداً استراتيجياً" لأمنها، تنفست الصعداء بعد "صفقة الكيماوي"، من دون أن تتخلى عن أيٍ من أهدافها الأخرى من نوع: فك ارتباط سوريا بحزب الله ومنظمات المقاومة الفلسطينية، وضمن عدم تدفق السلاح السوري لأي منها، فضلاً عن ضبط التسلح السوري الراهن والمستقبلي، ضمن حدود تحتملها "نظرية الأمن الإسرائيلية". مثل هذه التطورات والتبدلات في مواقع ومواقف اللاعبين الكبار في الأزمة السورية، لا تعني أن طريق "جنيف 2" بات سالكاً، وأن الأخضر الإبراهيمي سيسير فوق "سجادة حمراء" حيثما حلّ وارتحل، فهناك أطراف عربية أبدت علنا رفضها لهذه المهمة: السعودية لم تحدد له موعداً ولم تجب على "إيميلاته" كما تقول مصادره، والإمارات اعتذرت عن استقباله بذلايعة "الانشغالات المسبقة" لوزير خارجيتها، والمعارضة المسلحة "خوّنت" و"كفّرت" كل من يقبل بالمؤتمر ويشارك به، أما معارضة الخارج، فـ"لا خيل عندها تهديها ولا مال"، ولهذا السبب بالذات، بدأ الاهتمام الغربي يتجه نحو معارضة الداخل، بمن فيها تلك المشاركة في حكومة الدكتور وائل الحلقي، بدلالة اجتماعات جنيف بين قدري جميل وموفد أمريكي، وأحاديث عن قناة اتصالات أمريكية سورية تتخذ من بيروت مقراً لها. خلاصة القول، أن الطريق إلى "جنيف 2" بات سالكاً، وإن بصعوبة، وليس مهماً من الناحية السياسية ما إن كان سيُعقد في أواخر الشهر المقبل أو مطلع العام القادم، برغم فداحة الكلفة الإنسانية لأشهر إضافية من القتل والتدمير والتهجير، المهم أنه سينعقد، وأن كل الطرق باتت تؤدي إلى جنيف هذه المرة، وليس إلى روما.      

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإبراهيمي في دمشق  بين زيارتين الإبراهيمي في دمشق  بين زيارتين



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia